تشهد مصر حالة من الاستقطاب على المستوى السياسى بين مؤيد للإخوان، وبين مؤيد لخارطة الطريق، بين من يؤيد عودة الحرس الجامعى، وبين من يرفض عودته، بين مؤيد للدستور وبين من يرفضه، بين مؤيد لعودة العلاقات المصرية الروسية كما كان الحال أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبين من يرفض لان ذلك يهدد العلاقات المصرية الأمريكية.
ودعونا نعود بالتاريخ للوراء أيام الستينات، ونرى ماذا قدم الاتحاد السوفيتى لمصر قديما، وماذا قدمت الولايات المتحدة الأمريكية لمصر، وقبل أن نعود أرى منذ البداية أن المقارنة لابد أن تكون فى صالح الدب الروسى، الذى قدم لمصر مشروعات صناعية عملاقة مثل مجمع الألومنيوم، ومصنع الحديد والصلب، وقد توج هذا التعاون، بإنشاء السد العالى – عندما وقف النسر الأمريكى فى وجه تمويله من البنك الدولى- الذى حمى مصر من الجفاف فى التسعينات عندما كانت أفريقيا، كلها تعانى من الجفاف، ناهيك عن السلاح الروسى، الذى أفاد مصر فى حرب السادس من أكتوبر.
أما عن ما قدمه النسر الأمريكى لمصر، فلا أعرف شيئا سوى المعونة الأمريكية، التى يذهب معظمها للقوات المسلحة بغرض تسليحه، والتى يستفيد منها النسر الأمريكى، أكثر مما تستفيد منها مصر، فهى بذلك تضمن دائما تفوق الكيان الصهيونى على مصر، كما أن الشركات الأمريكية هى من تبيع السلاح وقطع الغيار وبذلك تعود المعونة إلى النسر الأمريكى مرة أخرى وبأضعاف ما تعطيه لنا أمريكا، وما تقدمة لنا من معونة يذهب باقيها إلى شراء القمح أيضا من أمريكا، ومعنى ذلك أن المعونة لا تدر للدولة فائدة فهى تذهب إما للسلاح أو للقمح ولا تستطيع مصر استثمارها لتجنى من وراءها أرباح كإنشاء مصانع أو كاستصلاح أراضى للزراعة .
وبذلك تكون فائدة الدب الروسى لمصر أكثر بكثير من فائدة النسر الأمريكى، ولكن هناك أحداث جرت فى الماضى قد جعلت من الدب الروسى يفكر آلف مرة فى عودة العلاقات كما كانت عليها أيام عبد الناصر، فقد قامت الدول العربية وعلى رأسها مصر بمعاداة الدب الروسى فى حربه فى أفغانستان بل وصل الحال بالدول العربية أن تتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد الروس الملاحدة كما كانوا يطلقون عليهم فى ذلك الوقت وأرسلت الدول العربية الرجال ومدتهم الولايات المتحدة بالسلاح، ليجد الدب الروسى نفسه يحارب أكثر من دولة فى أفغانستان وتنتهى الحرب بهزيمته.
وبعد حرب أكتوبر نجد العلاقات المصرية الروسية قد تدهورت جدا وخاصة لان الرئيس السادات كان قد أعلن أن 99% من أوراق العب فى أيدى الأمريكان وهو راهن على الأمريكان لدرجة انه قام بحرب بالوكالة عن أمريكا ضد المصالح الروسية فى أفريقيا، كما أن حادثة طرد الخبراء الروس لازالت عالقة فى أذهان الدب الروسى حتى اليوم ولكن فى السياسة لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة وإنما مصالح مشتركة، وأجد أن هذه الأسباب قد تقف أمام الدب الروسى، ليفكر كثيرا فالدب الروسى قديما غير الدب الروسى اليوم، فقديما كان يقدم منح وهبات أم اليوم فان كل ما يقدمه فانه سيطلب مقابله، إذن سوف نتخلص من التبعية الأمريكية لنتحول إلى التبعية الروسية ولا أجد فرقا ففى الحالتين نحن أتباع .
إنى أفكر فى بناء بلدا قويا بما يملكه من موارد بشرية وموارد طبيعية غير مستغلة، إنى أريد أن أعيش فى بلدا تحبو إليها الدول لأن تكون لها تابعا لا العكس، إنى أحلم ببلد ينتظر العالم ردة فعلها عن الأحداث فى العالم، إنى أحلم ببلدا مستقلة سياسية واقتصادية، فلن يقدم لنا الدب الروسى شيئا مجانا، ولن يقدم لنا النسر الأمريكى شيئا مجانا، وإنما من يقدم لنا أشياء مجانية هو هذا الشعب المصرى الذى لو آمن بقيادته العاقلة الرشيدة لسادا العالم شرقا وغربا فإلى هذا اليوم.
محمد على سليمان يكتب:الدب الروسى أم النسر الأمريكى؟
الأحد، 23 مارس 2014 04:30 م