"نساء القاهرة. دبى" لناصر عراق.. عندما يرسم العاديون ملحمة
السبت، 22 مارس 2014 03:06 م
غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف
العمل الملحمى فى الكتابة - عادة – ما يبدأ من نقطة كبرى أو ينتهى بحادث عظيم، هكذا عودتنا الأدبيات الكلاسيكية التى رسمت لنا الأساسيات الكبيرة لتصوراتنا الأدبية وشكلت وعينا الكتابى، مثل رواية "الحرب والسلام" لـ"ليو تولستوى" و"ذهب مع الريح" لـ"مرجريت ميتشل"، ومن قبل الإلياذة والأديسا لـ"هوميرس"، وغيرها من الكتابات.
ناصر عراق فى روايته (نساء القاهرة. دبى) كتب ملحمة جديدة لمجتمع يصنع معجزاته بيديه وفى الوقت نفسه يعانى من ترهلات زمنية واجتماعية متراكمة.. هذه الملحمة يمكن تبين خطوطها الرئيسية فى الآتى:
جاءت أحداث الرواية محصورة بين حدثين عظيمين حرب 1973 وثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدتين، وبين هذين الهلالين من المجد وضح لنا كيف نزف الدم المصرى وسال وجعه كمدًا وفرحًا حسب كل حالة، فالحدثان الكبيران شغلا مصر والعالم وأثبتا أن المصرى قادر على فعل المستحيل.
ومن ملحمية الرواية، أيضا، حجمها الذى وصل لـ670 صفحة، وصفحاتها تنمو ممتلئة بالأحداث ولا تدور حول نفسها، ويمكن بكل يسر تصنيف كتابتها بـ"رواية حدث"، فـ"ناصر عراق" مشغول بألا يفقد القارئ فى رحلة القراءة وأن يظلا معا، خاصة أن الرواية اعتمدت تقنية الاستباق والتقديم والتأخير، لذا ظل الحدث مشتعلا طوال الوقت يتطور للأمام ويصل كثيرا للحظات ذروة وانفجار سواء بالرضا أو بالغضب.
كذلك مما يدفع لملحمية الرواية فكرة الأجيال التى قامت عليها، فقد عاشت الرواية حيوات أربعة أجيال تشابهت فى أشياء واختلفت فى أشياء أخرى، لكنها جميعا اتفقت فى إحساسها المرهق بتفاصيل وطن غير مستقر، وربما جاءت فكرة (رباعية الجيل) بحثا عن توازن ضائع، فالرواية تدور حول أربعة أجيال وليس ثلاثة أو اثنين، وذلك لتمنحنا فكرة التعدد والتنوع والتقبل التى هى من سمات الشعب المصرى، وتبعد بنا عن الثنائيات الحادة المتطرفة (وهى موجودة فى الرواية ولكن فى قدرها الطبيعي.. ويظل الأجمل موجودًا) كما أن التعدد يعطى مسافة للتشابه الجميل والمختلف فى الوقت نفسه، فهناك تشابه بين "سوزان" الحفيدة والأستاذ "جرجس" الجد، هذا التشابه يوجد فى التسامح وتقبل الآخر ولكن لكل منهما دوافعه ومعطياته المختلفة التى نتجت من الأفكار التى عايشاها على المستوى الزمنى، وعلى هذا فقد صنع تعدد الأجيال مساحة من العمق فى الشخصيات ومنحنا فرصة لتأمل نهايات كل جيل واختفاء أحلامه أو تحققها بما يعكس صورة لتاريخ اجتماعى مصرى فى تلك الفترات.
تعدد الأجيال أيضا يجعلنا نعتقد أن ناصر عراق لم يكتب رواية كبيرة الحجم، لأن أربعة أجيال (أكثر من ثلاثين شخصية) تتنفس وتعيش وتغضب وتغنى وتحب وتكره وتفكر وتتشاجر وتكتئب وتتفاءل وتسافر وتذهب وتجىء وتتربص وتنتقم وتنزوى وتعشق وتخون وتغترب وتقتل وتتطرف وتنتمى وتحلم وتتحسر وتنزف وتستشهد وتقول شعرا وترسم وتمارس السياسة وتعتقل وتشرب الكثير من القهوة وتأكل كمية مهولة من الخوخ.. وتموت.. وأماكن مختلفة مثل شبرا بزخمها والزمالك بهدوئها ودبى بخبايها وأسرارها وفرنسا بسحرها.. وحروب وثورات وهزائم وانتصارات كل هذا، على مستوى الطباعة، كان يمكن أن يأتى فى أجزاء من هذه الملحمة.
جانب آخر من ملحمية الرواية يكمن فى أنها تكتب التاريخ الثقافى للمجتمع المصرى فى هذه الفترة الطويلة نسبيًا، فالرواية تجعل من "طه حسين" شاهدًا على عصرنا يطل عليه من كتاباته ومن صورته المعلقة على الجدار، كذلك مصر القديمة بمساجدها وكنائسها وأسوارها القديمة ومقاهيها التى كانت تنقلها "سوزان" على ورقها المصقول هى أيضا تحكى التاريخ الفائت الذى لم تدركه أحداث الرواية.. فالزمن والمكان مثلا جزأين مهمين من هذه الملحمية.
أما الموسيقى التى شكلت "الخلفية" المستمرة لأحداث الرواية ومثلت طبول الحرب فى الأحداث العصيبة، فقد صنعت نصًا بطريقة البناء الشعبى للحكاية، وصنعت (ملحمة شعبية) بمعنى أن شاعر الربابة فى قرى مصر يحكى ثم يقسم ما قاله على أوتار ربابته، فى "نساء القاهرة. دبى" تأتى الموسيقى كى تلقى بظلالها على الأحداث.. وعندما يحل الصمت ولا يجد المتحدثون ما يقولونه تصدح الموسيقى وتحتل هى هذا الفراغ الذى تركه التوتر أو الصمت.
كما أنها تكتب التاريخ السياسى الشعبى لمصر فتجعل من صورة رسمتها "سوزان" لجمال عبد الناصر ببريق عينيه هى الصورة الأبرز له، والسادات تصوره رجلا يعيش جنون العظمة وتصور انفتاحه سوطًا يجلد ظهور المصريين.. وتعرض لنموذج من الانتخابات التى تمت فى مطلع الثمانينيات وكيف دارت هذه الحرب التى أسفرت عن اختفاء "زكريا عبد المحسن" كحلم تبخر فجأة.. كما أن الرواية تحدثك عن تجار الحرب والمتكسبين من الهزائم مثل "رمزى مينا شنودة" المتاجر بيساريته المزعومة كى يصل للجنة السياسات فى الحزب الوطنى.. ومثل "موريس ألفونس" الذى بدأ حياته فى الرواية بالخوض فى عرض امرأة وطعنها فى شرفها وانتهى بأن أصبح وزيرا يخطط لسياسة دولة تفقد نفسها.
أما الجانب الاجتماعى فى ملحمية الرواية فيكمن فى التطرف الذى يأكل ساس المجتمع المصرى ولا يترك له متنفسًا، فـ"سيد" بن حسنين البقال مستعد لقتل الآخر المختلف و"إنجيل" ممتلئة بالكراهية وتملك قلبا ضعيفًا لأن الحب لم يتسلل إليه.. كذلك نجد الحاجة والعوز.. الثراء الفاحش.. الغلاء.. التدين الشكلى.. الأفكار الوهابية القادمة من بلاد صماء لم يبلل شفتيها النيل.. وأخيرا الإرهاب بوجهه المشوه.. وفى المقابل المحبة الواضحة بين رفقاء المقهى.. والعلاقة القوية بين الصديقات "إنصاف" و"مارسيل" و"وداد عبد الحمى"د.. وبين "مادلين" و"فاطمة".. وكثير من الأفكار الاجتماعية التى ترسم وطن الرواية وتجعله حيًا ينبض بقلوب أهله.
والجانب الأهم من ملحمية الرواية يكمن فى "إنسانيتها" التى تراهن على الحب وتجعل منه "موهبة".. وفى قدرتها الكتابية على جعل القارئ سريع التعلق بشخصياتها يحب "إنصاف" ويعشق "سوزان" ويتعاطف مع "وداد عبدالحميد".. لكنه يتوارى بعيدا إن شاهد "فؤاد مسيحة" يعبر الطريق أو لمح "رمزى مينا شنودة" يتكئ على عرجه القبيح وهو يصفع بنتا بعينين خضراويتين فيسيل دمعها على بشرة بلون الخوخ.. وربما يتتبع "يحيى بهنسى" وهو يلقى أشعاره على مقهى الفيشاوى.. ويظل معه يشعر بدفء أصابع "سوزان" النائمة فى يده.. وبالتالى سيشد قامته ويسير خلف "مرسى الشبكى" فى نضاله.. وسيأخذ مجلسه فى الكنيسة فى قداس روح الأستاذ "جرجس" بالقرب من "إنصاف" كى يمد يده يمسح الدمع الحارق من على وجهها.. ويرفع يده بالتحية لصورة الشهيد "صبحى ميخائيل".
وقد كان لتأثير دراسة ناصر عراق للفنون الجميلة أن جعلته يرسم الشخصيات كأنها لوحات.. وجعل "سوزان" عندما تتذكر أو تحزن أو تحب ترسم، وأوحى إلينا فى لغة شفافة أن نعقد علاقة بين الألوان والمشاعر فنلمح الألوان تسيل خضراء لحظة البهجة وحمراء لحظة الغضب وسوداء لحظات الحزن.
فناصر عراق فى "نساء القاهرة. دبى" رسم لوحة كبيرة "جدارية" ممتدة بعرض وطن.. وتظل "سوزان" الأيقونة التى تنشر أريجها وعلاماتها فى ثنايا الرواية، ونظل نحن نبحث عنها بين السطور كلما توارت أو اختفت بعيدا.. نشد رحالنا حيثما كانت، نرى بعينيها ونحب ونحزن معها ولها.
وتظل "نساء القاهرة.دبى" تملك ممرات أخرى للدخول إليها، فهى رواية ممتلئة بالإشارات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العمل الملحمى فى الكتابة - عادة – ما يبدأ من نقطة كبرى أو ينتهى بحادث عظيم، هكذا عودتنا الأدبيات الكلاسيكية التى رسمت لنا الأساسيات الكبيرة لتصوراتنا الأدبية وشكلت وعينا الكتابى، مثل رواية "الحرب والسلام" لـ"ليو تولستوى" و"ذهب مع الريح" لـ"مرجريت ميتشل"، ومن قبل الإلياذة والأديسا لـ"هوميرس"، وغيرها من الكتابات.
ناصر عراق فى روايته (نساء القاهرة. دبى) كتب ملحمة جديدة لمجتمع يصنع معجزاته بيديه وفى الوقت نفسه يعانى من ترهلات زمنية واجتماعية متراكمة.. هذه الملحمة يمكن تبين خطوطها الرئيسية فى الآتى:
جاءت أحداث الرواية محصورة بين حدثين عظيمين حرب 1973 وثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدتين، وبين هذين الهلالين من المجد وضح لنا كيف نزف الدم المصرى وسال وجعه كمدًا وفرحًا حسب كل حالة، فالحدثان الكبيران شغلا مصر والعالم وأثبتا أن المصرى قادر على فعل المستحيل.
ومن ملحمية الرواية، أيضا، حجمها الذى وصل لـ670 صفحة، وصفحاتها تنمو ممتلئة بالأحداث ولا تدور حول نفسها، ويمكن بكل يسر تصنيف كتابتها بـ"رواية حدث"، فـ"ناصر عراق" مشغول بألا يفقد القارئ فى رحلة القراءة وأن يظلا معا، خاصة أن الرواية اعتمدت تقنية الاستباق والتقديم والتأخير، لذا ظل الحدث مشتعلا طوال الوقت يتطور للأمام ويصل كثيرا للحظات ذروة وانفجار سواء بالرضا أو بالغضب.
كذلك مما يدفع لملحمية الرواية فكرة الأجيال التى قامت عليها، فقد عاشت الرواية حيوات أربعة أجيال تشابهت فى أشياء واختلفت فى أشياء أخرى، لكنها جميعا اتفقت فى إحساسها المرهق بتفاصيل وطن غير مستقر، وربما جاءت فكرة (رباعية الجيل) بحثا عن توازن ضائع، فالرواية تدور حول أربعة أجيال وليس ثلاثة أو اثنين، وذلك لتمنحنا فكرة التعدد والتنوع والتقبل التى هى من سمات الشعب المصرى، وتبعد بنا عن الثنائيات الحادة المتطرفة (وهى موجودة فى الرواية ولكن فى قدرها الطبيعي.. ويظل الأجمل موجودًا) كما أن التعدد يعطى مسافة للتشابه الجميل والمختلف فى الوقت نفسه، فهناك تشابه بين "سوزان" الحفيدة والأستاذ "جرجس" الجد، هذا التشابه يوجد فى التسامح وتقبل الآخر ولكن لكل منهما دوافعه ومعطياته المختلفة التى نتجت من الأفكار التى عايشاها على المستوى الزمنى، وعلى هذا فقد صنع تعدد الأجيال مساحة من العمق فى الشخصيات ومنحنا فرصة لتأمل نهايات كل جيل واختفاء أحلامه أو تحققها بما يعكس صورة لتاريخ اجتماعى مصرى فى تلك الفترات.
تعدد الأجيال أيضا يجعلنا نعتقد أن ناصر عراق لم يكتب رواية كبيرة الحجم، لأن أربعة أجيال (أكثر من ثلاثين شخصية) تتنفس وتعيش وتغضب وتغنى وتحب وتكره وتفكر وتتشاجر وتكتئب وتتفاءل وتسافر وتذهب وتجىء وتتربص وتنتقم وتنزوى وتعشق وتخون وتغترب وتقتل وتتطرف وتنتمى وتحلم وتتحسر وتنزف وتستشهد وتقول شعرا وترسم وتمارس السياسة وتعتقل وتشرب الكثير من القهوة وتأكل كمية مهولة من الخوخ.. وتموت.. وأماكن مختلفة مثل شبرا بزخمها والزمالك بهدوئها ودبى بخبايها وأسرارها وفرنسا بسحرها.. وحروب وثورات وهزائم وانتصارات كل هذا، على مستوى الطباعة، كان يمكن أن يأتى فى أجزاء من هذه الملحمة.
جانب آخر من ملحمية الرواية يكمن فى أنها تكتب التاريخ الثقافى للمجتمع المصرى فى هذه الفترة الطويلة نسبيًا، فالرواية تجعل من "طه حسين" شاهدًا على عصرنا يطل عليه من كتاباته ومن صورته المعلقة على الجدار، كذلك مصر القديمة بمساجدها وكنائسها وأسوارها القديمة ومقاهيها التى كانت تنقلها "سوزان" على ورقها المصقول هى أيضا تحكى التاريخ الفائت الذى لم تدركه أحداث الرواية.. فالزمن والمكان مثلا جزأين مهمين من هذه الملحمية.
أما الموسيقى التى شكلت "الخلفية" المستمرة لأحداث الرواية ومثلت طبول الحرب فى الأحداث العصيبة، فقد صنعت نصًا بطريقة البناء الشعبى للحكاية، وصنعت (ملحمة شعبية) بمعنى أن شاعر الربابة فى قرى مصر يحكى ثم يقسم ما قاله على أوتار ربابته، فى "نساء القاهرة. دبى" تأتى الموسيقى كى تلقى بظلالها على الأحداث.. وعندما يحل الصمت ولا يجد المتحدثون ما يقولونه تصدح الموسيقى وتحتل هى هذا الفراغ الذى تركه التوتر أو الصمت.
كما أنها تكتب التاريخ السياسى الشعبى لمصر فتجعل من صورة رسمتها "سوزان" لجمال عبد الناصر ببريق عينيه هى الصورة الأبرز له، والسادات تصوره رجلا يعيش جنون العظمة وتصور انفتاحه سوطًا يجلد ظهور المصريين.. وتعرض لنموذج من الانتخابات التى تمت فى مطلع الثمانينيات وكيف دارت هذه الحرب التى أسفرت عن اختفاء "زكريا عبد المحسن" كحلم تبخر فجأة.. كما أن الرواية تحدثك عن تجار الحرب والمتكسبين من الهزائم مثل "رمزى مينا شنودة" المتاجر بيساريته المزعومة كى يصل للجنة السياسات فى الحزب الوطنى.. ومثل "موريس ألفونس" الذى بدأ حياته فى الرواية بالخوض فى عرض امرأة وطعنها فى شرفها وانتهى بأن أصبح وزيرا يخطط لسياسة دولة تفقد نفسها.
أما الجانب الاجتماعى فى ملحمية الرواية فيكمن فى التطرف الذى يأكل ساس المجتمع المصرى ولا يترك له متنفسًا، فـ"سيد" بن حسنين البقال مستعد لقتل الآخر المختلف و"إنجيل" ممتلئة بالكراهية وتملك قلبا ضعيفًا لأن الحب لم يتسلل إليه.. كذلك نجد الحاجة والعوز.. الثراء الفاحش.. الغلاء.. التدين الشكلى.. الأفكار الوهابية القادمة من بلاد صماء لم يبلل شفتيها النيل.. وأخيرا الإرهاب بوجهه المشوه.. وفى المقابل المحبة الواضحة بين رفقاء المقهى.. والعلاقة القوية بين الصديقات "إنصاف" و"مارسيل" و"وداد عبد الحمى"د.. وبين "مادلين" و"فاطمة".. وكثير من الأفكار الاجتماعية التى ترسم وطن الرواية وتجعله حيًا ينبض بقلوب أهله.
والجانب الأهم من ملحمية الرواية يكمن فى "إنسانيتها" التى تراهن على الحب وتجعل منه "موهبة".. وفى قدرتها الكتابية على جعل القارئ سريع التعلق بشخصياتها يحب "إنصاف" ويعشق "سوزان" ويتعاطف مع "وداد عبدالحميد".. لكنه يتوارى بعيدا إن شاهد "فؤاد مسيحة" يعبر الطريق أو لمح "رمزى مينا شنودة" يتكئ على عرجه القبيح وهو يصفع بنتا بعينين خضراويتين فيسيل دمعها على بشرة بلون الخوخ.. وربما يتتبع "يحيى بهنسى" وهو يلقى أشعاره على مقهى الفيشاوى.. ويظل معه يشعر بدفء أصابع "سوزان" النائمة فى يده.. وبالتالى سيشد قامته ويسير خلف "مرسى الشبكى" فى نضاله.. وسيأخذ مجلسه فى الكنيسة فى قداس روح الأستاذ "جرجس" بالقرب من "إنصاف" كى يمد يده يمسح الدمع الحارق من على وجهها.. ويرفع يده بالتحية لصورة الشهيد "صبحى ميخائيل".
وقد كان لتأثير دراسة ناصر عراق للفنون الجميلة أن جعلته يرسم الشخصيات كأنها لوحات.. وجعل "سوزان" عندما تتذكر أو تحزن أو تحب ترسم، وأوحى إلينا فى لغة شفافة أن نعقد علاقة بين الألوان والمشاعر فنلمح الألوان تسيل خضراء لحظة البهجة وحمراء لحظة الغضب وسوداء لحظات الحزن.
فناصر عراق فى "نساء القاهرة. دبى" رسم لوحة كبيرة "جدارية" ممتدة بعرض وطن.. وتظل "سوزان" الأيقونة التى تنشر أريجها وعلاماتها فى ثنايا الرواية، ونظل نحن نبحث عنها بين السطور كلما توارت أو اختفت بعيدا.. نشد رحالنا حيثما كانت، نرى بعينيها ونحب ونحزن معها ولها.
وتظل "نساء القاهرة.دبى" تملك ممرات أخرى للدخول إليها، فهى رواية ممتلئة بالإشارات.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة