الأناضول: نجاح لبنان نقديا يفيد "رياض سلامة" بين مرشحى الرئاسة

السبت، 22 مارس 2014 09:12 ص
الأناضول: نجاح لبنان نقديا يفيد "رياض سلامة" بين مرشحى الرئاسة رياض سلامة المرشح للرئاسة فى لبنان
بيروت (الأناضول)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المنتظر أن تزور لبنان فى مايو المقبل بعثة (Financial Sector Assessment) فى إطار برنامج مشترك بين صندوق النقد والبنك الدوليين لدراسة عملية تقويم للقطاع المالى، ويشمل عملها مباحثات مع المسئولين فى وزارة المال ومصرف لبنان المركزى والقطاع المصرفى، وذلك كى يستفيد لبنان من هذا البرنامج الذى أطلق فى العام 1999 إثر أزمة المال الآسيوية.

ويهدف هذا البرنامج إلى التخفيف من وطأة الأزمات المالية، عن طريق توفير المساعدة لصانعى السياسات المحلية فى اتخاذ إجراءات عاجلة تتيح للدول إطاراً شاملاً لإصلاح القطاع المالى، إضافة إلى الفرصة التى توفرها للدول لقياس مدى امتثالها لمعايير محددة تتعلق بالإجراءات التنظيمية والإشراف على الممارسات المقبولة دولياً.

وتصادف زيارة البعثة فى وقت يشهد فيه لبنان سلسلة تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، ومن بينها انتخاب رئيس للجمهورية فى الفترة الدستورية الممتدة بين 25 مارس و25 مايو 2014، خلفاً للرئيس الحالى ميشال سليمان، وما يرافقها من تطورات سياسية وامنية تكون انعكاساً لتطورات اقليمية، وخصوصاً ما يتعلق منها بتداعيات الثورة السورية التى بدأت منذ نحو ثلاث سنوات ضد نظام بشار الأسد.

وفى ظل كل هذه التطورات ستركز البعثة الدولية مباحثاتها فى لبنان على الأزمة المالية والاقتصادية ونتائجها بنهاية العام 2013، وتحديات تداعياتها فى العام 2014، تمهيداً لإيجاد الحلول الناجعة لها.

خصوصاً بعدما شهد الاقتصاد اللبنانى سلسلة مؤشرات سلبية، يصل بمجموعها إلى حدود الكارثة الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك مدى قدرة السياسة المالية التى تشرف عليها الدولة ممثلة بوزارة المالية، والسياسة النقدية التى يقود إدارتها مصرف لبنان المركزى، انطلاقاً من أنه من أهم ضرورات نجاح أى دولة فى مهمتها المالية والنقدية والاقتصادية، إجراء التنسيق الكامل بين السياستين المالية والنقدية، لإيجاد التوازن المطلوب وتحقيق المؤشرات الإيجابية فى مسيرة الاقتصاد الوطنى، وصولاً إلى تسجيل معدلات نمو مقبولة وخفض معدل التضخم.

كل من يتابع تطور المؤشرات المالية ونتائجها السلبية، يؤكد فشل السياسة المالية المسئول عنها عادة وزير المالية، وهو حالياً محمد الصفدى، وبرعاية مجلس الوزراء، فى ضبط النفقات والإيرادات ووضع حد للعجز المالى وارتفاع الدين العام والاهتمام بالإنفاق الاستثمارى فى قيادة مسيرة الاقتصاد الوطنى.

ولعل تراجع النمو الاقتصادى من نحو 7% سنوياً فى السنوات السابقة حتى العام 2010، إلى نحو واحد فى المئة فى العام 2011 ثم 1.5 فى المئة فى العام 2012، ومعدل النمو ذاته فى العام 2013، وفى المقابل ارتفاع معدل التضخم من رقم يراوح بين 2 إلى 4 فى المئة فى السنوات السابقة إلى 9 فى المئة، يعتبر أكبر فشل لنتائج السياسة المالية.

وما يزيد من خطورة هذا الفشل أن لبنان يعيش منذ أكثر من خمس سنوات بدون موازنة بسبب السجال القائم بين الأطراف السياسية، وفى ظل غياب إية رؤية أو سياسة اقتصادية أو مالية أو اجتماعية، تليق بكلمة "سياسة"، حتى وصفت مصادر مصرفية هذا الوضع بأنه "مأساة" تمعن فى ضرب الاقتصاد، وتهجر ما تبقى من أصحاب العمل والمستثمرين، وتدفع المؤسسات للأقفال الطوعى أو الإفلاس، ما يزيد البطالة فى بلد وفى زمن يحتاج فيه اللبنانيون للعمل، ولكسب لقمة العيش التى باتت عزيزة، مع انسداد آفاقها فى أسواق العمل الإقليمية والدولية.

وإضافة إلى كل ذلك، تبرز خطورة التدهور الكبير للوضع المالى لخزينة الدولة، وقد وصف بأنه يشكل أهم نقاط الضعف الأساسية فى الاقتصاد الوطنى، وتكمن المعضلة الكبرى فى نمو الدين العام بشكل كبير خلال العام 2013 مقارنة مع العام 2012 بما يزيد عن 5.9 مليارات دولار، وبما نسبته 10.3 فى المئة ليبلغ فى نهاية أكتوبر الماضى نحو 62.442 مليار دولار.

يشار إلى أن هذا الدين زاد فى الفصل الأخير من السنة بنحو المليارى دولار. واللافت فى الأمر هو نمو الدين العام بالليرة نحو 6.7% ليصل إلى 36.1 مليار دولار مقابل نمو الدين بالعملات 15.7% ليصل إلى 26.4 مليار دولار بزيادة 3.6 مليارات دولار عن العام 2012.

ولوحظ أن الإيرادات العامة تراجعت بنحو 2.2%، فى حين زادت النفقات 800 مليون دولار تقريباً، على الرغم من تشدد وزير المالية فى محاولة حصر العجز فى حدود المقبول وهو نحو 6000 مليار ليرة (4 مليارات دولار).

وتدخل ضمن زيادة النفقات مشكلة تفاوت تقديرات عجز الكهرباء بين المالية و«مؤسسة كهرباء لبنان»، حيث تقدر المؤسسة العجز للعام 2013 بنحو 2600 مليار ليرة بينما أرقام المؤسسة تشير إلى عجز يفوق 3600 مليار ليرة، وهذا مشروع مشكلة مقبلة على الرغم من تقديرات تحسن عائدات المؤسسة بنحو 500 مليار ليرة فى ضوء تعزيز الجباية.

وتجدر الإشارة إلى أن حركة الرساميل الوافدة التى بلغت 13.9 مليار دولار مقابل حوالى 13.5 ملياراً فى العام 2012، أى بتحسن 3.7 % خلال 11 شهراً تقريباً بما فيها تحويلات اللبنانيين فى الخارج والتحسن المقبول فى حركة الودائع.

ولكن كل هذا التحسن لم يشكل شيئاً فى ظل التراجعات المالية بالجملة، والتى انعكست مؤشرات سلبية وخطيرة تؤكد فشل الدولة فى سياستها المالية.
فى مقابل هذا الفشل الكبير فى السياسة المالية، يسجل لمصرف لبنان بقيادة الحاكم رياض سلامة "نجاح كبير فى السياسة النقدية، ويتمثل هذا النجاح بمؤشرات ايجابية عدة، أهمها:

أولا: تأمين الاستقرار النقدى وضبط التوازن فى حركة السوق المالية، ودعم الليرة، وتأمين استقرار سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية وخصوصاً الدولار.

ثانياً: رفع قيمة ميزانية مصرف لبنان ( أصول – مطلوبات) من 76.87 مليار دولار فى نهاية العام 2012 إلى 77.2 مليار دولار بنهاية العام 2013، بزيادة 323 مليون دولار، وتتضمن الموازنة 35.3 مليار دولار حجم احتياطى المصرف من العملات الأجنبية، إضافة إلى نحو 15 مليار دولار قيمة موجوداته من الذهب، وبذلك يتجاوز الاحتياطى الخمسين مليار دولار، وهو يغطى نحو أكثر من 80 فى المئة من قيمة الدين العام البالغ 62.4 مليارات دولار.

وبما أن الأصول الخارجية لمصرف لبنان تغطى 81 % من الكتلة النقدية بالليرة، ونحو 20 شهراً من الواردات، الأمر الذى يؤكد قدرته فى الحفاظ على استقرار سعر الصرف فى حال نشوء أى ضغوط محتملة.
لذلك يطمئن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبشكل مستمر، اللبنانيين إلى استقرار وضع الليرة اللبنانية.

ثالثاً: بفضل نجاح السياسة النقدية، وإدارة مصرف لبنان "سلسلة هندسات" مالية ومصرفية، تمكن القطاع المصرفى من زيادة حجم ميزانيته، حتى تجاوزت الودائع (كما أعلن سلامة) الـ 140 مليار دولار بنهاية العام 2013.

رابعاً: "لقد عرف الاقتصاد اللبنانى فى العام 2013 فترة امتداد لمرحلة التباطؤ السائدة منذ بداية الاضطرابات الإقليمية بدءاً من العام 2011، ولوحظ أن القرارات الاستثمارية الكبرى لا تزال مؤجلة، وهى فى حالة الترقب والتريث، وذلك فى سياق تداعيات الأزمة الإقليمية واشتداد حدة التجاذبات السياسية فى لبنان، وحتى لا يقع الاقتصاد اللبنانى فى فخ الركود، اقدم مصرف لبنان على دعم القروض المصرفية بفوائد مخفضة.

كما شارك مصرف لبنان المصارف بتحمل مخاطر التسليف فى هذه الظروف الأمنية الحرجة، وقدم لها فى العام 2013 نحو 2200 مليار ليرة، وإلحقها بمبلغ 1200 مليار ليرة فى العام 2014، اى ما مجموعه 3400 مليار ليرة (نحو 2.26 مليار دولار) وهى بمثابة حوافز لتحريك النمو عن طريق التسليف وخصوصاً للمؤسسات الصغيرة والأفراد، وإضافة إلى ذلك فرض على المصارف التجارية تمديد مهل تسديد الديون على المؤسسات من 7 إلى 10 سنوات.

خامساً: مع تفاقم أزمة الدين العام، تتوقع مصادر مالية أن يصل حجمه فى نهاية العام 2014 إلى نحو 75 مليار دولار وهو تطور خطير جداً بحيث ترتفع نسبته إلى أكثر من 180% من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة مع نحو 126% فى العام 2010، أى قبل أحداث الأزمة السورية.

وتشير معلومات وزارة المالية إلى أن إجمالى المستحقات بسندات الليرة اللبنانية للعام 2014 تقدر بنحو 10455 مليار ليرة (7 مليارات دولار)، بعدما تخطى وزير المال محمد الصفدى بالتعاون مع مصرف لبنان معضلة تمويل احتياجات العام 2013 بإصدار سندات واستبدال شهادات إيداع لعشر سنوات و12 سنة بفوائد تصل إلى 8.74 %.

وهذه الاستحقاقات بالليرة قد لا تشكل مشكلة كون المصارف تجدد اكتتاباتها. لكن المشكلة بديون العملات الأجنبية والمستحقات فى غياب الموازنات التى تتيح الاستدانة للدولة لاستبدال الديون والمستحقات، وهو أمر تنصّ عليه الموازنات غير الموجودة أصلاً منذ سنوات (2006 حتى 2014). بمعنى آخر، إنه إذا أضيفت المستحقات بالليرة إلى الاستحقاقات بالعملات، فإن إجمالى متوجبات الدولة للعام 2014 ستفوق 14.5 مليار دولار مع احتساب عجز موازنة العام 2014 البالغة حوالى 5600 مليار ليرة، وهو استحقاق كبير فى سنة الاستحقاق الرئاسى.

وفى غياب التوافق على شكل ومضمون التوجهات المالية والاقتصادية، ولكن نظراً لأهمية الدور الذى يلعبه البنك المركزى مع المصارف التجارية، يمكن أن يتجاوز لبنان هذه الأزمة بفضل استمرار الهندسات المالية والمصرفية لتمويل إنفاق الدولة وتلبية احتياجات الخزينة.

ومع النجاح الكبير الذى سجلته السياسة النقدية فى مواجهة التحديات المالية والاقتصادية، وفى مقابل الفشل الكبير للسياسة المالية، تبرز أهمية كفاءة وقدرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فى تجاوز الأزمات وتأمين الحلول الناجعة، الأمر الذى يؤهله ليكون بين ابرز المرشحين لانتخاب رئيس للجمهورية، وتزداد أسهمه متفوقاً على المرشحين الآخرين، فى حال تم التركيز على خطورة الوضع الاقتصادى المتدهور وضرورة انتخاب رئيس قادر على مواجهة هذا الوضع، وإنقاذ البلد من مخاطر الكارثة الاقتصادية والاجتماعية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة