حصل "اليوم السابع" على نسخة من الرسالة الثالثة من الشاعر عمر حاذق المعتقل على خلفية مشاركته فى وقفة احتجاجية بالتزامن مع إعادة محاكمة قتلة خالد سعيد ووجهت لهم النيابة تهمة خرق قانون التظاهر.
وجاءت الرسالة بمناسبة حفل توقيع روايته "لا أحب هذه المدينة":
الصديقات والأصدقاء
مساؤكم محبه وفرح
يوم 2/12/2013، الساعه الخامسة مساء كان موعدى للاتصال بصاحب المطبعة الذى يطبع روايتى (على نفقتى) فى المنصورة، لتحديد طريقة تسديد ما بقى على من تكاليف وترتيب كيفية تسليمى نسخ الرواية. ويوم 2/12/2013 الساعة العاشرة والربع صباحا كان موعدى مع الحرية، حيث تم القبض على وتأخر تسليم الرواية شهرين تقريبا.. وفى عدد واحد من صحيفة الجمهوريه نشر خبر رفض استئنافى وتأييد حبسى سنتين وتغريمى 50 ألف جنيه، كما نشر إعلان توزيع روايتى ضمن منافذ بيع الجمهورية، هكذا هى الحياة إذن، تحب "المقالب" اللطيفة واللعبة الحلوة.
فى أوائل فبراير أيضا زارنى أحد المحامين بسجن الحضرة ليسلمنى أول نسخة من الرواية، وفى الزنزانة، فتحت الكيس ووجدتها بين ملابسى. أول ما فعلته هو إخفاؤها عن الناس، لا أدرى لماذا، ربما أردت أن أعيش لحظة خاصة، أن أنتمى إلى شىء يخصنى لأنه فى الزنازين المكتظة لا شىء خاص أبدا. بعد ذلك عرضت النسخة على صديقى العزيز شريف فرج فعانقنى مهنئاً، هكذا عرف الجميع أن شيئا جميلاً حدث لى، فعرضت الرواية للجميع.
من الغريب أننى كنت قد نسيت الكثير منها بسبب ما طرأ على حياتى من تغيير. قرأت جزءا منها فأعجبنى طبعا. ألوان الغلاف لم تكن كما اخترتها، لا بأس. تأملت لوحة الغلاف مدة. أسرتنى نظرة تلك المرأة التى ماتت منذ حوالى 2000 سنة، ربما لأننا فى السجن محرومون تماما من كل ما له علاقه بالمرأة، لا صوت ولا صورة ولا عطر... لا شىء هنا من عالم النساء، إلا كريم إزالة الشعر بلونه الزهرى الفاتح، الذى يستخدمه بعض السجناء لحلاقة الذقن لأن آلات الحلاقة ممنوعة علينا بسبب الشفرات الحادة. تلك المرأة رفيقتى هنا، فلا تنظروا إليها طويلا أيها الاصدقاء.
منذ 2/12/2013 استلمت رواية، وأوشكت على إنهاء رواية أخرى بدأتها فى سجن الحضرة، واتفقت على نشر روايه ثالثة، كنت قد أرسلتها فى نوفمبر إلى الصديقة كرم يوسف، الناشرة، الإنسانة، الرقيقة.
وفى زيارة لأمى قالت لى إن رجلا اسمه كرم أرسل لى إيميل يقول إن روايتى القصيرة أعجبته جدا وهو يوافق على نشرها، ويتصل بى حتى نتفق لكن هاتفى مغلق (لأنه صودر) تواصلت معها أختى ونقلت لى شروطها المقترحة فوافقت عليها. وفى الرسالة الأخيرة من أختى وعدت كرم بصدور الرواية فى أبريل / مايو. آخر إصداراتى كان ديوان "أصدق شمس الشتاء" عام 2009، وفى ثلاثة شهور بالسجن استلمت رواية وكتبت أخرى واتفقت على نشر الثالثة. إنها الحياة التى لا تشبع من المقالب الجميلة.
بداية روايتى كانت تقريرا عن فن البورتريه صادفته على الفيس بوك، فانبهرت به. قرأت عنه وعن تاريخ الفن المصرى وتاريخ الدين والأساطير، حوالى سنة و3 شهور، وكنت فى عهد المعزول مرسى أعانى من كآبة رهيبة وخيبة أمل لا حدود لها. كان يشعرنى أنه يطمس هويتى، وأن المصريين سينتهون نوعا من قبائل الهنود الحمر، رغم أن أحوالنا الآن تتدهور ومنسوب الحرية يتدنى إلى مستوى مرعب. هذا الخوف من مرسى دفعنى إلى نوع من محاولة الاكتشاف، اكتشاف شىء عن هويتى كمصرى، كإنسان، كفقير ناضل طويلا وقام بثورة عظيمة ليطعم أطفاله بشكل أفضل..... ثم اكتشف أن الوطن دخل الشارع الخطأ.
أما أكثر ما أحببته فى الرواية حين استلمتها فهو إهداؤها إلى أمى. لا يؤلمنى شىء فى السجن كما أتألم لأجل أمى وأبى.
فى حياتى، اتخذت قرارات ومواقف كثيرة تحملا نتائجها معى، كلها كانت محتملة، بما فيها خسارة وظيفتى بمكتبة الإسكندرية بسبب انتقاد مديرها، أما السجن فضريبته أثقل كثيرا وأفدح، لا أدرى كيف يمكن أن أتحمل وحدى نتائج مواقفى. أحببت أبى وأمى، وتمنيت أن أعوضهما عن معاناتهما معى، فأهديت الرواية إلى أمى لتقرأ الإهداء وأنا أذوق طعم حريتى هنا.
شكرا لكم يا أصدقاء الحرية. وشكرا لا حدود له لكل من اعتنى بالدفاع عنى من أساتذتى وأصدقائى الكتَاب. لن يمكننى إحصاء أسماءهم جميعا لأننى هنا لا أعرف إلا القليل. الحياة جميلة يا أصدقاء، فافرحوا بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة