استيقظت اليوم مبكرا على صوت أمى الحنون...اصحى يا بنتى أنا عاملالك مفاجأة !...ابتسمت ناظرة لوجه أمى..كل سنة وأنتى طيبة يا ست الحبايب أنا إلى مفروض أعملك مفاجأة ! عيد الأم النهارده
نظرت إلى بوجه مشرق وابتسامة ساحرة وقد ارتدت حلة بيضاء جديدة مزينة بخيوط ذهبية..ما أنا عارفة بس يالا بسرعة عاملالك مفاجأة..
بعد دقائق كنت جاهزة ومرتدية أجمل ثيابى..أصرت أمى أن تغمض عينى بوشاح حريرى ذهبى اللون وقالت هاشيله لما نوصل مكان الحفلة ! ورغم ارتيابى الشديد مما يحدث إلا أنى وافقتها رغبة منى فى إسعادها..
لم يمض الكثير حتى توقفت بالسيارة على جانب الطريق ورفعت الوشاح من فوق عينى ! ايه رايك ؟ ! يالله ! مروج خضراء ممتدة لا تستطيع بنظرك إدراك نهايتها ! هيا هاتعمل ايه ! وجايبانى هنا ليه ؟
مشيت بجوارها وسط الأشجار فى جو ربيعى مذهل..حتى وصلنا إلى منصة كبيرة تتزين بأفرع الأشجار والإضاءة الملونة..يتهادى من خلفها جدول كبير يشق العشب الأخضر ويرقرق ما بين جنبات الورود...يا أمى !فى ايه ؟ انتى جايبانى هنا ليه ! مين صاحب الحفلة دى ؟
ابتسمت ابتسامة أشرقت معها الشمس من وراء غيمة لبنية اللون..وأرسلت شعاعها يداعب بشرتى ! ما أبرد شعاع الشمس هذا اليوم ! شمس لم أر مثلها فى حياتى ! إنه بركة عيد الأم يا أمى..
وبدون مقدمات توافد عشرات من أمهات صديقاتى أخريات لا أعرفهن فى ملابس بيضاء وردية وخضراء قد تظن من تناسقها أنه اتفاق بينهن على ألوان ثيابهن !..فضفاضة وأنيقة بحق حتى شعرت بينهن بالخجل من ثيابى...الوقت يمضى فى تحيات هنا وهناك..ابتسامات من القلب وأعين يملؤها الرضا والسعادة.. عصافير كثيرة غطت سماءنا وكأنها تحتفل معنا.. كانت ترسل سيمفونيات غنائية يطرب لها القلب.. هناك من الأمهات من كان يلهو كالأطفال بألعاب وأنوار يتبادلنها لا تسمع إلا ضحكاتهن...مأدبة تحوى ما لذ وطاب من فاكهة طازجة حتى وكأن ألوانها قد رسمت بألوان زيتية لفنان عالمى ! هناك من يأكل منهن ويتسامر...ولمحت إحداهن تعزف على طرف الجدول بقصبة فى يدها وتصدر منها ألحانا يطرب لها سرب من طيور تسبح مع تيار الماء وينعكس الضوء فوق ريشها فتشع وكأنها مرايا !
الحق يقال لقد نسيت أمى فى وسط هذا الجمال ! صوت ثرثرتهن يمتزج بالضحكات ويتهادى بين عبير من الأزهار التى تملأ المكان...لهن الحق فى يوم راحة ! لقد شقين عمرا كاملا !
جلست تحت شجرة كبيرة أنظر إليهن من بعيد وقد بدين كماسات تلمع بألوان فيروزية براقة !
لم يقطع خلوتى إلا أصوت أبواق سيارات كثيرة مزعج إزعاج ! يا ربى ! فى هذا المجتمع لا يحترم أحد قيمة مثل الهدوء ! تعالت الأصوات...معها صوت يأتى من بعيد..كل سنة وأنتى طيبه يا أمى !
لا أعلم مصدرا للصوت ! لكنى كنت خائفة فنظرت إلى وجه أمى فى الحشد البعيد وإذا بها تخرج من جيبها عصا ذهبية لتلوح بها فى الفضاء ! فيرتسم على سطح الغيوم كلمة (نحن طيبون.. نحن بخير) !
استيقظت لأرى بنتى وابنى يقفزون فوق سريرى ! اصحى يا ماما هاتقضى عيد الأم نايمة !!!
سالت من عينى دمعة تمتزج مع ابتسامة.. كل سنة وكل الأمهات بخير...أينما كنتن...وأينما كانت أرواحكن !
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة