تتجلى "قضية العصر"، كما أطلق عليها المؤرخ الراحل يونان لبيب رزق، فى ذكرى استعادة "طابا" للوطن ورفع العلم المصرى على أراضيها، لأنها شكلت جزءًا رائعًا من التصميم والإرادة المصرية، وتم التوقيع عليها فى سبتمبر 1986 خاصة العلامة 91، لأن اتفاقية الهدنة المصرية - الإسرائيلية الموقعة فى رودس فى فبراير 1949 تنص على أن خط الهدنة لا ينبغى أن ينتهك الحدود الدولية، وأيضا اتفاقية الهدنة بين الأردن وإسرائيل أثبتت أن طابا أرض مصرية.
كان الدكتور مفيد شهاب، من أبرز أعضاء اللجنة القومية وهيئة الدفاع المصرية عن طابا خلال فترة التفاوض وإعداد المستندات والوثائق، وأثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم، دخل فى عراك قانونى ودبلوماسى شرس، لاستعادة أراضى الوطن إلى أحضانه، الأمر الذى وصفه خبراء حينها بأنه "معقد قانونياً" لصعوبته، لكن جهود الهيئة كانت على عكس توقعاتهم.
وفى يوم 25 إبريل1982، تم تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا الشبر الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء، واستغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسى المكثف، وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما.
الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للمجالس النيابية والشئون القانونية الأسبق، وواحد من أهم أساتذة القانون الدولى العام فى مصر والعالم، تخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1956، وحصل على الدكتوراه من فرنسا عام 1963، وعمل بالتدريس فى جامعة القاهرة، وشغل عدة مناصب استشارية فى الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية، وكان من أهم قادة الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب منذ منتصف الستينيات حتى تولى رئاسة منظمة الشباب عام 1968، وهو رئيس جمعية القانون الدولى والأمم المتحدة فى مصر منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى.
واستكمالا لتاريخ "قضية العصر"، فإنه خلال الانسحاب النهائى الإسرائيلى من سيناء كلها فى عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا، وعرضت مصر موقفها بوضوح، وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، والتى تنص على: أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.
وكان الموقف المصرى شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم، بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق، وفى 13 / 1 / 1986 أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين، وانتهت إلى التوصل إلى "مشارطة تحكيم" وقعت فى 11 سبتمبر 1986، وهى تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف.
وفى 30 سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، فقد حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية، وفى 19 مارس رفع المصريون علم مصر على طابا المصرية.
وتقديراً لجهود الهيئة، أصدر المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، قرارًا اليوم الخميس، بمنح الأوسمة والأنواط المدنية، لأعضاء الوفد المصرى فى قضية تحكيم طابا تقديرا لدورهم، فى المواجهة القانونية الطويلة، التى توجت باستعادة الوطن لطابا ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس 1989.
وحصل على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى كل من اسم المرحوم المستشار محمد فتحى نجيب، الدكتور نبيل محمد عبد الله العربى، المستشار محمد أمين العباسى المهدى واسم المرحوم السفير أحمد ماهر محمود السيد، والدكتور مفيد محمود محمود شهاب.
فيما حصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى كل من السفير مهاب مقبل مصطفى مقبل والسفير أحمد أمين أحمد فتح الله والسفير وجيه سعيد مصطفى حنفى والسفير محمود أحمد سمير سامى.
بالإضافة إلى حصول كل من اللواء أ.ح متقاعد أحمد خيرى عبد الرحمن حسن الشماع، اسم المرحوم اللواء مهندس محمد كامل عبد الناصر الشناوى، اسم المرحوم الدكتور أحمد صادق القشيرى، الدكتور جورج ميشيل جورج أبى صعب، اسم المرحوم الدكتور صلاح الدين محمود فوزى عامر، اسم المرحوم الدكتور يونان لبيب رزق، السيد الوزير المفوض محمد محمود السيد جمعة، واسم المرحوم الدكتور سميح أحمد فؤاد صادق على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية. ونشرت الأسماء، ونص قرار رئيس الجمهورية عبر الجريدة الرسمية.
فيما يرى خبراء ضرورة أن يكون لـ "شهاب" وهيئة التحكيم، دور رئيسى فى قضية سد النهضة والخلاف المعقد مع دولة إثيوبيا، متوقعين أن تكون لخبرتهم فى إدارة الأزمات الدولية، وخوض معارك دبلوماسية وقانونية، سبب كبير فى احتمالية نجاح مفاوضاتهم، لافتين إلى أن نجاحهم فى قضية "طابا" مثال واضح.
موضوعات متعلقة :
قرار جمهورى بمنح مفيد شهاب ووفد"تحكيم طابا"الأوسمة والأنواط المدنية
مفيد شهاب يتسلم وسام الجمهورية فى ذكرى رفع العلم المصرى على أرض "طابا".. خاض مع هيئة الدفاع سبع سنوات من "النضال" الدبلوماسى والقانونى لاسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء
الخميس، 20 مارس 2014 12:32 م