تحدث البعض منذ سنوات عن العرب باعتبارهم «ظاهرة صوتية» تضاءل تأثيرها فى الحياة الدولية المعاصرة رغم أنها من أكثر الأمم ثراءً بالموارد الطبيعية، وربما الموارد البشرية أيضا، فضلا على موقع جغرافى عبقرى يقع على نقاط التماس بين قارات العالم القديم الثلاث الآسيوية والأفريقية والأوروبية، فضلا عن إطلالتها على بحرين مفتوحين هما «الأحمر» و«الأبيض المتوسط» يضاف إليهما التواجد على ضفاف «الخليج العربى» من ناحية و«المحيط الأطلسى» من ناحية أخرى، كما تخترقها أنهار كبرى أهمها «النيل» و«الفرات»، ومع ذلك فإن هذه الأمة بثرائها وضخامة إمكاناتها تبدو محدودة التأثير بإسهامها المتدنى فى حضارة العصر، فضلا عن أنها مستهدفة من كل جانب، وربما كان وجود الدولة العبرية «إسرائيل» فى قلب العالم العربى هو المعوق الرئيسى لوحدته وتماسكه، فضلا عن الاستهداف الواضح من جانب القوى الكبرى تجاه تلك المنطقة الجذابة من غرب آسيا وشمال أفريقيا تحت اسم «الشرق الأوسط»، ورغم التراث الحضارى العريق لمنطقة قامت على أنقاض الحضارات الكبرى فى التاريخ الإنسانى وانطلقت فيها دعوات السماء بالديانات الإبراهيمية الثلاث، فإن الصراع يمزقها والطائفية تضرب بشدة فى أركان تلك الأمة العريقة التى لا تملك حتى الآن رؤية واضحة للمستقبل على النحو الذى دعانى عام 1994 لكى أصدر كتابى «الرؤية الغائبة» لأننى اكتشفت أننا كعرب لا ننظر باهتمام إلى المستقبل ولا نفكر فيه بجدية ونكتفى بالتعامل «قصير المدى» مع الحاضر ونجتر دائما أمجاد الماضى ونترك المستقبل للقضاء والقدر، وقد نتباكى أحيانا على المؤامرات التى تحاك ضدنا ومحاولات التطويق التى تحيط بنا.. إننا مطالبون أكثر من أى وقت مضى بأن نعيد النظر فى كل المسلمات لدينا، وأن نفكر خارج الصندوق بالمعنى الواسع الذى يستدعى المبادرات البناءة والأفكار الخلاقة والرؤية الواعدة.
د. مصطفى الفقى يكتب: المستقبل العربى.. أمتنا ظاهرة صوتية وتأثيرها فى الحياة الدولية تراجع بشكل كبير.. والصراع والطائفية تمزقنا
الخميس، 20 مارس 2014 07:48 ص