أمل صالح

رسالة للأزهر.. لماذا لا تعلن الرفض لأسباب أمنية؟

الأربعاء، 19 مارس 2014 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بلاد الغرب "التفكير" يكون دائما - كما ننادى دائما أن يكون فى بلادنا- "برا الصندوق"، فى بلاد الغرب الإبداع الفنى أو الأدبى بوجهيه لا يتقيد مع الأديان، ولا هو مكبل بفكرة الثواب والعقاب أو عذاب الآخرة، ففى حالة الفن السينمائى فى بلاد الغرب هم مقتنعون أن ما يقدمونه على شاشاتهم هو رمز لفن يحمل رسالة اتفقت أو اختلفت معها، ولكنك تخرج بعد مدة عرض الفيلم، وأنت محقق المستحيل المصرى "المتعة" entertainment.

كان رفض الأزهر الشريف، وله كل المكانة والتقدير، عرض الفيلم الأمريكى "نوح"، المجسد لرحلة النبى نوح عليه السلام، أمرًا يثير العديد من علامات الاستفهام، لماذا يرفض مشايخنا الأفاضل مجرد عرض فيلم، رغم أنه فى مصر عرضت حلقات مطولة عن النبى يوسف، وفى مصر عرض فيلم "آلام المسيح"، رغم كل الانتقادات التى يحملها الفيلم عن أصل الديانة المسيحية بشهادة نقاد من الغرب _ لو سمحت اقرأ تحليل الناقدة الأمريكية "مارشا ويست" عن فيلم "آلام المسيح".

برأيى صناع الفيلم الأمريكى المثير للجدل "نوح" وغيره من صناع الإبداع، لا يرون أن ما يجسدونه يحمل إهانة لرمز الأديان ولا لجوهرها، ولا حتى لشخص النبى المرسل عليه السلام، فهم يقدمون فيلما يحمل فكرة ويقدم رسالة لأنهم يقدمون رمز "القدوة"، ولو كنت عزيزى المشاهد شاهدت "تلير الفيلم"، سترى أن خاتمته تؤكد على الإيمان بقدرة الخالق فى إحداث المعجزة، وأيضا هو عمل مغلف بالمتعة، ناهيك عن الصناعة عالية الإتقان والجودة والحرفية.

أما فى بلدنا خرج الأزهر يعلن متعاونًا مع التيار السفلى _ فى سابقة لم ولن تحدث مرة أخرى _ حرمانية وتكفير وتضليل هذا العمل، رغم أن شيوخنا الكرام لم يروا الفيلم أصلا، فهذا فى حد ذاته يعكس ازدواجية مطلقة لديهم، ولكن لو حاولنا التفكير بعقلية مشايخنا الكرام وطرحنا تساؤلاتهم فى محاولة للتفكير معهم، وقلنا "هل مثلا الخوف من السماح بعرض فيلم نوح سيفتح الباب لتجسيد شخص النبى محمد عليه الصلاة والسلام؟ هل نفترض أن تجسيد الأنبياء على الشاشات من وجهة نظر مختلفة سيؤثر على جوهر الإسلام أو على نفوس المسلمين؟"، كيف نعاقب صناع الفيلم، ولا ننظر لسبب تحول النفس، لو تحقق فعلا هذا الفرض كيف نعيب على الإبداع واختلاف الرؤى، ولا ننظر فى باطن المشكلة، ونسأل لماذا غير صاحب الدين دينه، لأنه أمر ليس بسهل، هل هو لعيب فى النفوس، لأن تغيير الدين مسألة ليست بالهينة، وأمر يحتاج لدراسة عميقة ودقيقة من قبل الشخص الذى يفكر فى تغيير ديانته، أم يا ترى زعزعة النفوس فيما يتعلق بالدين القويم، كانت بسبب لغة الخطاب الدينى التى تسبب نوعا من الارتباك فى النفوس، فما يحلله معظم مشايخنا اليوم يحرمونه غدا، وبذلك يصبح المنع ليس حلا ولكن مجرد وسيلة لمدارة العجز.

ولكن اعذرونى للبحث أكثر عمقا، نجد أنه بالعودة للدستور المصرى الجديد الذى صوت عليه المصريون بنعم بنسبة 99%، نجد أن الدولة تضمن حرية الإبداع وفقا للمادة رقم 69 والتى تنص على "تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها فى كافة المجالات، وتنشئ جهازا مختصا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية، وينظم القانون ذلك"، وقتها خرج المتحدث باسم لجنة الخمسين السيد محمد سلماوى، وأعلن نصا أن الدستور يحمى حرية الإبداع، حتى لا نجد من يمنع نشر "ألف ليلة وليلة" التى نشأت عنها مدرسة "الواقعية السحرية"، الغريب أيضا وجود المادة رقم 65 من الدستور المصرى، والتى تنص على "حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".

هناك فى أروقة المحاكم حكم صادر ضد الروائى كرم صابر بالحبس لمدة خمس سنوات، واتهامه بازدراء الأديان، بعد إصدار مجموعته القصصية "أين الله" لما تضمنته من "العيب فى الذات الإلهية"، وفقا لحكم المحكمة الذى استند إلى الشهادة من الأزهر الشريف، لنصبح الآن أمام حقيقة واضحة، فلم يعد للأمر علاقة بقريب أو من بعيد بالأسباب الدينية فى المواجهة الأخيرة للأزهر والجماعة السلفية التى لم يسبق أن اتفقت مع رؤية الأزهر، وتوحدت معه، نحن يا سادة نواجه حقيقتين، أولا الخشية من عودة جديدة لقضايا الحسبة أو المحتسبين الجدد "من يعتبرون أنفسهم وكلاء الله والشرع والأخلاق فى الأرض" من جانب، والأشد كارثة هو انضمام الأزهر لدعوتهم، وتأييد حجب الأعمال الإبداعية، فهم يهددون بشكل غير مباشر بفرض سطوتهم على الذوق العام، وإلا فسيكون الرد لا تحمد عواقبه، ثانيا العجز الأمنى الغارقة فيه الدولة، لذا لا مانع من منع عرض عمل سينمائى تارة، أو حجب رواية تارة أخرى، بل والتكفير والتنكيل وسجن صاحبها، لمنع حدوث أى ارتباك أمنى غير محسوبة نتائجه، أو بمعنى أدق ليست الدولة على استعداد لمواجهته، بسبب جماعة دينية متشددة، قد تحرق وتقتل على حين غفلة من الدولة كل من تسول له نفسه ويشاهد فيلما مخالفا لعقيدتهم، أو يطلق لخياله العنان ويكتب عملا فنيا يخرج عن حدودهم، ليصبح السؤال أين الدولة أين الحرية والكرامة الإنسانية؟!





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو صفا

لا يجوز تشخيص الصحابة فضلا عن الأنبياء

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم ذكى

تعاليم قرأنية تنفى سحل وسجن المتطاولين

عدد الردود 0

بواسطة:

safy mohamed

تقى الله

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال جميل

u[fd

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة