قال تقرير أمريكى صدر حديثا، إن الرئيس القادم لمصر لديه خيارات قاسية للعمل، لاسيما فى تعامله مع الملف الاقتصادى، الذى يحتاج إلى قيادة لديها الكثير من الجرأة.
ولم يعلن سوى المرشح فى الانتخابات الرئاسية السابقة حمدين صباحى عزمة خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وينتظر المصريون خبر إعلان وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى، استقالته من منصبه لخوضه الانتخابات الرئاسية فى البلاد.
وأضاف التقرير الصادر عن "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن: "بغض النظر عن من سيصبح رئيس مصر المقبل، ربما يمثل هذا الشخص فرصة مصر الأخيرة لتحويل سفينة الاقتصاد بعيدا عن حافة الانهيار الذى يقترب إليها".
و"معهد الشرق الأوسط" من أحد أبرز المراكز البحثية المعنية بشؤون الشرق الأوسط فى واشنطن، وتأسس فى عام 1946 على يد مجموعة من العلماء ورجال الدولة البارزين، بهدف زيادة المعرفة عن المنطقة مع مواطنى الولايات المتحدة.
ويذكر التقرير أن الحكومات المتعاقبة لثورة يناير2011، اتبعت نفس السياسات الاقتصادية، واختار المسكنات قصيرة الأجل مثل زيادة التوظيف الحكومى والإنفاق، ومحاولة سد العجز بمساعدة مالية من دول الخليج المختلفة.
ويقول التقرير إن الوضع الاجتماعى والاقتصادى فى مصر يتراجع من سىء إلى أسوأ بدءا من عام 2011، فالفقراء (الذين يعيشون على أقل من دولارين فى اليوم)، زادت نسبتهم لتقترب من 50%، كما زادت البطالة بنسبة 57.3% منذ عام 2010، لتصل إلى 13.4% فى الربع الرابع من عام 2013، ويشكل الشباب 69% من العاطلين عن العمل.
ودعا التقرير السيسى الذى من المرجح (بحسب التقرير) أن يفوز بالانتخابات الرئاسية، أن يستفيد من شعبيته، ويطرح رؤية اقتصادية جريئة، ويسن الإصلاحات التى من شأنها أن تزعج بعض أصحاب المصالح المتميزة، موضحا أن هذه الإصلاحات سيكون لها تكلفة قصيرة الأجل بالنسبة للطبقة الوسطى، لكنها ستخدم المصالح طويلة الأجل لتحقيق النمو الاقتصادى السريع والمستدام، وزيادة نصيب الفرد من الدخل، وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل.
ورجح التقرير الصادر حديثا، أن يعلن السيسى عن مشاريع استثمارية كبرى، مثل مشروع بناء مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل بقيمة 40 مليار دولار بالتعاون بين شركة "أرابتك" الإماراتية والقوات المسلحة المصرية خلال السنوات الخمس القادمة.وشدد على أن الاستثمارات والمساعدات الخارجية لن تنقذ سفينة الاقتصاد المصرى من الغرق.
ووعدت السعودية والإمارات والكويت، بتقديم مساعدات لمصر تقدر بنحو 12 مليار دولار عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى، وقالت الحكومة السابقة إنها حصلت على مساعدات خليجية قيمتها 10.93 مليار دولار، منها 3.93 مليار دولار منتجات وقود، ومليار دولار منحة من الإمارات وستة مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزى، وذلك حتى فبراير الماضى.
ويقول التقرير إن السيسى حال ترشحه وفوزه بمنصب الرئيس، سيضطر إلى معالجة التحديات الهيكلية الأعمق التى تكبل الاقتصاد المصرى، داعيا إياه أن يحيط نفسه بالمستشارين الاقتصاديين القادرين على إعلان رؤية اجتماعية واقتصادية واضحة للناخبين، ويظهر أنه على استعداد للعمل لتحقيق المصالح الاقتصادية الراسخة.
وذكر التقرير الأمريكى إن استمرار التدهور الاقتصادى للسنوات القليلة المقبلة، سيؤدى إلى سقوط مصر فى الهاوية الاقتصادية التى تحمل معها مخاطر تجعل البلد غير قابل للحكم فى نهاية المطاف".
ويوضح أن إعادة الأمن والإصلاح السياسى مطلوبان على وجه السرعة، وسيكون لهما تأثير إيجابى على الاقتصاد إذا ما تحققا، ولكن الإصلاح الاقتصادى الهيكلى الجرىء ضرورى أيضا لوقف الدوامة فى مصر.
ويشير إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسى تجنب اتخاذ القرارات الاقتصادية اللازمة التى تحدق بها الأخطار، وأن المعارضة الكبيرة التى تشكلت ضد حكمه على مدار عام، كانت بسبب عدم وجود تقدم ملموس على الصعيد الاقتصادى وإعطائه أولوية للسياسة والدين، ولم تكن لديه خطة فعالة، أو الإرادة لقيادة مصر للخروج من المستنقع الاقتصادى.
ويؤكد أن العودة إلى الأمن والاستقرار، لا يمكن تحقيقهما من دون الابتعاد عن القمع وإيجاد مسار نحو العودة للدمج السياسى، وهذا سينعكس إيجابيا على الاقتصاد، حيث ستساعد عودة الأمن على احياء قطاع السياحة وطمأنة المستثمرين.
ويشدد على أن الخطوات السياسية والأمنية بمفردهما لا تحل المشاكل الهيكلية التى تعيق الاقتصاد المصرى، والتى تعود أساسا إلى نظام الريع والنظام الرأسمالى القائم على المحسوبية.
ويرى أن مثل هذا النظام يعرقل الاستثمار والنمو الكامل، ويحافظ على القطاع العام الهائل الذى يلتهم 40% من الناتج المحلى الإجمالى ويعانى من انخفاض الإنتاجية، والهدر والمحسوبية، والفساد، ووضع إطار دعم الطاقة بشكل عشوائى يساعد الفقراء ولكن يجرى إنفاق أغلبيته على الطبقات المتوسطة والعليا الذين لا يحتاجون إليه بشكل ماس، خصوصا المقربين من السلطة الذين يمكن أن يزيدوا الأرباح باستخدام الطاقة التى تدعمها الحكومة.
ويذكر أن دعم الطاقة يشكل أكثر من 80% من فاتورة الدعم الحالية فى مصر، فيما ينفق 20% فقط على دعم المواد الغذائية، هذه النسبة، كما يقول التقرير، لا ينبغى المساس بها.
وكلف دعم الطاقة مصر سنويا نحو 128 مليار جنيه (18.4 مليار دولار) العام الماضى، ومن المتوقع وصوله بنهاية العام المالى الجارى الذى ينتهى فى يونيو المقبل إلى 140 ميار جنيه (20 مليار دولار)، وهو ما يعادل ضعف ميزانية التعليم و4 أضعاف ميزانية وزارة الصحة. وخصصت الحكومة نحو 35 مليار جنيه (5 مليارات دولار) لدعم السلع التموينية والخبز العام المالى الحالى الذى ينتهى فى يونيو المقبل.
ويشير التقرير إلى أن التمويل الخليجى الأخير كان ضروريا لمنع المالية العامة للبلاد والاقتصاد من الانهيار، وقد ذهب جزء منه للمشاريع الاستثمارية التى تشتد الحاجة إليها لخلق فرص عمل، والأخر لدعم الموازنة لمنع التخلف عن السداد.
ويضيف: "سمح هذا الدعم للحكومة أن تحافظ على مستويات الإنفاق، وسمح للموجودين فى السلطة تأجيل اتخاذ قرارات السياسات الاقتصادية الصعبة التى تحتاجها البلاد بشكل أساسى".
ويشير إلى أن النظام الرأسمالى القائم على المحسوبية فى عهدى الرئيس الأسبق محمد أنور السادات ثالث رئيس لجمهورية مصر (من 28 سبتمبر 1970 وحتى 6 أكتوبر1981)، ومبارك رابع رئيس لمصر (14 أكتوبر 1981، حتى تنحيه فى 11 فبراير 2011)، خلق اقتصادا يستند على التفاوت الطبقى الكبير وانتشار الفقر.
ويرى التقرير أن الفقراء فى حاجة ماسة إلى الإصلاح الحقيقى الذى يفكك نظام الامتيازات، ويحارب بشكل فعال الهدر الحكومى والفساد، ويعيد توجيه الدعم للمحتاجين، ويخلق الظروف للنمو الاقتصادى السريع والغنى بالوظائف.
معهد الشرق الأوسط بواشنطن: خيارات "إصلاح الاقتصاد" أمام رئيس مصر القادم قاسية.. والسيسى حال ترشحه سيضطر إلى معالجة التحديات الهيكلية التى تكبل وضع البلاد المالى .. والملف يحتاج لرؤية جديدة
الثلاثاء، 18 مارس 2014 11:47 ص