محمد حبيب: ندمت على صناعة «مرسى».. و«الغرور» سبب نكسة الإخوان.. القيادى الأسبق بـ«الإخوان»: «الهضيبى» غضب عندما دخل المعزول مجلس الشعب واتهمنى بالانفراد بالقرار

الثلاثاء، 18 مارس 2014 09:06 ص
محمد حبيب: ندمت على صناعة «مرسى».. و«الغرور» سبب نكسة الإخوان.. القيادى الأسبق بـ«الإخوان»: «الهضيبى» غضب عندما دخل المعزول مجلس الشعب واتهمنى بالانفراد بالقرار الدكتور محمد حبيب
حوار : محمد إسماعيل - أحمد عرفة - تصوير : أحمد معروف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن العدد اليومى
عندما دب الخلاف بين الدكتور محمد حبيب وجماعة الإخوان، لم يجد الرجل إلا الاستقالة، درءًا للفتنة، وكى يسد باب الريح، لكنه لم يسترح بعدئذ، إذ لجأ قسم التربية بالجماعة إلى التنكيل به عبر الاغتيال المعنوى، إلى درجة أن صدرت تعليمات لمسؤولى الشُعب والمناطق بذكر قصة عابد بنى إسرائيل أثناء الإجابة عن أى استفسار من قواعد الجماعة بشأن القيادى الأسبق.

وقصة عابد بنى إسرائيل هى قصة عن ناسك ظل يتعبد سنوات طويلة، ثم اتبع خطوات الشيطان، فاقترف جرائم الزنى والقتل، وصولا إلى الكفر بالله، الأمر الذى يكشف عن حرب ضارية شنتها الجماعة على «حبيب» دون مراعاة لشرف الخصومة، أو حتى «العيش والملح».

على أنه رغم ما يمكن أن يقال أو لا يقال عن الدكتور حبيب، يبقى الرجل واحدًا من أبرز الشهود على جماعة الإخوان، وفى حقائب أسراره الكثير عن هذا التنظيم الذى حكم فأفسد فسقط فى عام واحد.

دعنا نعود إلى يناير 2009 عندما جرت انتخابات مكتب الإرشاد وأعلنت استقالتك باستثناء عضوية مجلس الشورى.. فهل خطر فى ذهنك أن القيادة الجديدة ستقود الجماعة إلى أصعب محنة فى تاريخها؟
- خلال السنوات التى سبقت إعلانى التخلى عن كثير من مناصبى بالجماعة، كانت هناك خلافات بينى وبين محمد مهدى عاكف، المرشد العام آنذاك، وبينى وبين أعضاء مكتب الإرشاد، أستطيع أن أوجزها فى مجموعة نقاط.
النقطة الأولى، هى أن مسألة الشورى لم تكن تتم وفقًا لما أريد، وهذا كان أحد أهم الأسباب الرئيسية فى نكسة الإخوان فيما بعد، حيث كانت الجماعة فى أسوأ أوضاعها وأحوالها خلال عام 2010.
والنقطة الثانية أن هناك أشياء كانت تتم من وراء ظهرى وأكتشفها بالصدفة، والثالثة هى أننا كنا نتفق على بعض الأشياء، ويجرى على أرض الواقع ما يخالفها، والنقطة الرابعة هى أننى كنت قد زرت جميع مناطق وشُعب الإخوان على مستوى الجمهورية تقريبًا، ورصدت عددًا من مظاهر الخلل، واقترحت حلولًا لها، لكن لم يتم الأخذ بها، أما النقطة الخامسة التى لم تكن ظاهرة على السطح وقتها، فهى مسألة توريث السلطة لجمال مبارك.

ماذا تقصد بالخلاف حول التوريث؟
- أقصد أننى كنت أمثل حجر عثرة فى الموافقة على توريث السلطة، حيث إن موقفى كان واضحًا، وهو أن مسألة التوريث يجب ألا تتم، فى حين كان هناك آخرون لديهم قبول بوصول السلطة إلى جمال مبارك.

هل حاولت تصويب أخطاء الإخوان بعد الثورة وخلال الفترة التى سبقت استقالتك؟
- على سبيل المثال أنا كانت وجهة نظرى ضرورة الفصل الواضح بين الجماعة والحزب، وعندما عرضت هذه الرؤية عبر وسائل الإعلام أرسل عصام العريان رسالة لى عبر الموبايل قال فيها «الرسالة وصلت»، لكن للأسف لم تتم الاستجابة لها، وأذكر أننى جلست مع المرشد العام محمد بديع مرتين بعد الثورة.. فى الأولى قلت له إن نسبة مرشحى الإخوان لمجلس الشعب يجب ألا تزيد على %30، وأن الإخوان يجب أن يبتعدوا عن صدارة المشهد السياسى، وكنت سعيدًا جدًا عندما قالوا إنهم لن يرشحوا أحدًا منهم لرئاسة الجمهورية، لكن بعد ذلك حدث ما آلمنى وأحزننى، وأدركت وقتها أنهم يسيرون فى سكة الانهيار.

مازال الجدل لم ينقطع حول واقعة التفاهمات بين الإخوان وجهاز الأمن فى انتخابات 2005 فما شهادتك وأنت كنت أحد أطرافها؟
- جهاز الأمن اتصل بنا، ولم نكن نحن المبادرين بالاتصال، وبالفعل ذهب المرشد السابق مهدى عاكف للجلوس معهم، وأعقب ذلك جلسة أخرى كان أطرافها أنا، وخيرت الشاطر، ومحمد مرسى، لكن مرسى لم يحضر باقى الجلسات.
وكانت وجهة نظر جهاز الأمن أن الإخوان كان لديهم 18 نائبًا فى برلمان 2000، ومن الممكن أن يسمح لهم بضعف العدد فى برلمان 2005، أى 36 نائبًا، وكان تقديرهم أنه إذا نجح للإخوان 15 مرشحًا فى كل مرحلة فسيصبح العدد الإجمالى 45 نائبًا.
أما نحن فقلنا لهم اتركوا مسألة النجاح أو الخسارة، وتحدثوا معنا عن أعداد المرشحين، وكان السقف الذى وضعناه لإجمالى عدد المرشحين هو 200 نائب، وتفاوضنا معهم حول هذا العدد حتى اتفقنا على ترشيح 161، لكن لم يتم أى اتفاق على أعداد الناجحين.

هل صحيح أن هناك مرشحين أعلنوا انسحابهم فى الجولة الثالثة بناء على طلب من خيرت الشاطر؟
- لم يحدث ذلك، لكن ما حدث أننى وخيرت كنا نطلب لقاء مسؤولى المكاتب الإدارية فى المحافظات، ومسؤول الانتخابات فى كل مكتب للتفاهم معهم بشأن أعداد المرشحين، لأننا فوجئنا بهجوم إعلامى تتعرض له الجماعة، فقلت وقتها للإخوان إننى أرى نذر شر، ورياحًا معاكسة للاتفاق، وبالتالى لابد أن نسحب عددًا من المرشحين، والكثير استجاب لهذا الطلب، والبعض لم يستجب، ونظرًا لأن هذه اللقاءات كانت مرصودة من جانب أجهزة الأمن، فعلموا من الذى استجاب ومن لم يستجب، فكانت معارك أجهزة الأمن مع هؤلاء الذين رفضوا الاستجابة لطلب مكتب الإرشاد، و«الأمن دخل عليهم دخلة مش تمام».

ألم تحدث اتصالات بينك وبين الإخوان فى فترة وجود مرسى بالسلطة؟
- آخر اتصالات جرت بينى وبين الإخوان كانت قبل استقالتى بفترة بسيطة، حيث كان هناك عرض لتصعيدى لعضوية مكتب الإرشاد بعد انتقال محمد مرسى، وعصام العريان، ومحمد سعد الكتاتنى إلى الحزب، وخلو أماكنهم فى المكتب.
وكنت أنا قد حصلت فى آخر انتخابات للمكتب على ما يزيد على %40 من الأصوات، ووفقًا للائحة يحق لى التصعيد لعضوية المكتب بدون انتخابات، لكن المشكلة التى واجهتهم أننى لم أبايع محمد بديع، ولم أعترف بشرعيته، ولا شرعية مكتب الإرشاد.

أنت كنت أحد الذين شاركوا فى صناعة محمد مرسى سياسيًا.. كيف تم ذلك؟
- للأسف نعم، والذى حدث أننى فى عام 2000 كنت مشرفًا على قسم المهنيين، وهو أهم أقسام الجماعة، وتم إسناد الإشراف على الكتلة البرلمانية لى أيضًا، ووقتها كان الدكتور محمد على بشر داخل السجن، وأتصل بى، واقترح علىّ إسناد منصب ممثل الكتلة البرلمانية إلى محمد مرسى، ولأننى لم أكن أعرفه، سألته: «على ضمانتك؟» فقال لى: «نعم»، وعندما اجتمعت بنواب الإخوان، واقترحت عليهم اختيار مرسى، ظنوا أن هذا هو اختيار مكتب الإرشاد، فوافقوا، فقلت لهم «خلاص على بركة الله»، وبعد ذلك فى أول جلسة لمكتب الإرشاد أحطتهم علمًا بذلك، فثار مأمون الهضيبى، مرشد عام الجماعة آنذاك، وتساءل: كيف ومتى تم ذلك؟ واتهمنى باستلاب سلطة مكتب الإرشاد، فقلت له أنا مخطئ، فاستمر أيضًا فى هجومه وثورته، فقال له مصطفى مشهور «اهدأ يا مأمون الرجل اعترف بالخطأ واعتذر»، وكان محمد مرسى وقتها يتصل بى مرتين وثلاث مرات فى اليوم، وكان يضيق دائمًا على إخوانه فى المجلس، وشكوا لى من هذا كثيرًا، وكنت أحاول بقدر الإمكان أن أوازن بينهم.

كيف إذن تولى مسؤولية القسم السياسى للجماعة؟
- كانت المفاضلة بينه وبين عصام العريان، وبما أن أعضاء مكتب الإرشاد كانوا يكرهون العريان كراهية التحريم، فتم تفضيل مرسى.

ما شواهد كراهية أعضاء مكتب الإرشاد لعصام العريان؟
- وصل الأمر إلى درجة أنه عندما أجرينا انتخابات تكميلية لمكتب الإرشاد تم إسقاط عصام العريان فى هذه الانتخابات بتعليمات من محمود عزت لمجلس شورى الإخوان آنذاك من وراء ظهرى، وعصام العريان ظلم كثيرًا داخل الجماعة، لكنه أدرك بحسه أن الطريق مسدود أمامه، ومن ثم لابد من دخول بيت الطاعة، وكذلك الأمر بالنسبة لمحمد البلتاجى.

هل تعتقد أن محمد على بشر قادر على حل أزمة الإخوان؟
- بشر ليس الشخص الذى يأنس إليه أعضاء مكتب الإرشاد، هو «خفيف شويه، وثقله بينهم ضعيف».

لكن ألا يدير بشر الآن الجماعة؟
- لا يدير أى شىء، ولا يستطيع أن يتخذ قرارًا رغم أن عقليته جيدة، ولديه قبول، لكنه يفتقد الثقل، ولا يمكن أن يحارب فى سبيل فكرته، و«لو همّا زعقوله ياخد خطوتين تلاتة لورا»، وأعتقد أنه عندما تم تعيينه محافظًا للمنوفية فى عهد مرسى كان هذا نوعًا من الإبعاد له عن مكتب الإرشاد، وهو يعلم ويدرك ذلك جيدًا.

فى فترة اعتصامى رابعة والنهضة تحالفت الجماعة مع جماعات جهادية، فما تعليقك على هندسة تلك التحالفات، لاسيما أن الجماعة كانت تؤكد رفض التحالف معها؟
- طيلة تاريخ الجماعة لم نكن نتحالف مع جماعات العنف، فلم يكن للجماعة أى صلة بالعنف أو الجماعات التى تتبنى العنف، سواء كان هذا التحالف الدخول أو التنسيق معهم، ومكثنا 40 عامًا نؤكد هذه الفكرة، ولعبنا دورًا كبيرًا فى مواجهة العنف فى بداية التسعينيات، لكن هذه القيم غابت الآن. خيرت الشاطر حاول التحالف مع السلفيين والجماعات الإسلامية من خلال إنشائه الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، ذلك سعيًا إلى الحصول على أكبر أصوات، وبالتالى كان لا بأس من التنسيق والتفاوض مع كل الفصائل السلفية، سواء السلفية العلمية، أو السلفية الجهادية، أو حتى الجماعة الإسلامية التى كان لها فى يوم من الأيام صلة بالعنف، وكانت لديهم ثقة بأنهم يستطيعون ترويض هؤلاء جميعًا، والشاطر كان يثق فى ذلك. إنه الغرور والكبر، لا يجعلان الإنسان يقيّم الأمور تقييمًا صحيحًا، وهو ما وقعت فيه الجماعة.













مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة