استغل قيادات من جماعة الإخوان، ظروف الشباب الخريجين الباحثين عن فرصة للعمل، وجندوهم للحصول على المعلومات عن طريق "مواقع الشبكات الاجتماعى"، بعد ثورة 25 يناير 2011، التى أطاحت بحكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وعقب عزل الرئيس السابق، محمد مرسى بنحو ثلاثة أشهر، بدأت السلطات الأمنية تتعقب قضية الشبكات الإخوانية التى تفشى معلومات تخص الدولة، بعد ظهور الخيوط الأولى لها.
وبدأت الواقعة فى العام الماضى، حينما استخدم قادة جماعة الإخوان المعلومات الحاصلين عليها سابقا من الشباب الذين تم تجنيدهم، المتمثلة فى تسجيلات تستمر لساعات استولى البعض على نسخ منها من إحدى المؤسسات السيادية العليا، ومن المكاتبات السرية وصور وحدات نظامية، لاستخدامها فى تشويه كبار القادة والمؤسسات فى البلاد.
وتتبعت مجموعة من الضباط خيوط القضية، وتم التوصل إلى أحد العناصر المتورطة فى عملية سرقة التسجيلات والمكاتبات السرية، التى تمس مصالح الدولة العليا التى جرت فى عهد مرسى وبعد عزله بشهر، وألقوا القبض عليه ويلقب بـ"القزاز"، ويبلغ من العمر 23 عاما، يقيم فى شقة بمدينة السادس من أكتوبر.
وعلى ذكر ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، من أن هناك وثائق أظهرت تورط أعضاء من جماعة الإخوان فى عملية تبادل وبيع وشراء للمعلومات السرية التى تخص الدولة، وبدا ذلك فى مقابلات بين عناصر إخوانية بالقاهرة، وأخرى فى الخارج تقيم بقطر وتركيا، وبثت بعضا من هذه المعلومات على الإنترنت، وبعضا منها على قناة "الجزيرة" الفضائية، مقابل آلاف من الدولارات، ومن الخيوط الأخرى التى توصل منها المحققون إلى باقى الشبكة، شاب لقبه "أحمد" يبلغ من العمر 23 عاما، من الغربية جند بواسطة الإخوان من خلال صفحات "فيس بوك"، أثناء دراسته بالفرقة النهائية بكلية العلوم فى عام 2011، وتعرف على "القزاز" من خلال الدردشة كما تعرف على قيادى آخر من الجماعة لقبه "درويش"، وكلفاه بتجميع أخبار من وسائل الإعلام وإرسالها لـ"القزاز" و"درويش"، حتى يعيدوا توجيهها قبل أن يتم بثها على المواقع الإخبارية الخاصة بالجماعة.
وقال "أحمد"، المحتحز الآن ويتم التحقيق معه، إنه كان يحب العمل فى الإعلام، ما دفعه إلى تنفيذ طلباتهم فى البداية بدون مقابل، وكان يأمل أن يتقاضى الأجر بعد أن يتخرج فى آخر عام 2011، ومن ثم قرر "القزاز" و"درويش" استدعاءه لموقع شركة الإعلام الإخوانية، وجرى تكليفه بمتابعة برامج "التوك شو" على القنوات التليفزيونية، وكان عددها يتزايد عقب ثورة 25 يناير براتب كان يتراوح بين 900 جنيه إلى 1100.
واستمر عمل "أحمد"، حتى حان موعد التحاقه بالخدمة الإلزامية فى إحدى المؤسسات السيادية، فى أكتوبر 2012 التى كان مدتها سنة - أى بعد فوز "مرسى" بالرئاسة بـ4 أشهر- وكانت تشهد تلك الفترة العديد من المتغيرات، منها قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب ذى الأغلبية الإخوانية، وإصدار مرسى إعلانا دستوريا يزيد من سلطاته، وتشكيله للجنة يغلب عليها أعضاء الجماعة لصياغة دستور للبلاد، والإطاحة بالمشير طنطاوى وتعيين السيسى قائدا للجيش.
وبدأ الغضب الشعبى يتزايد ضد حكم جماعة الإخوان، بعد هذه القرارات، واستمرت علاقة "أحمد" بكل من "القزاز" و"درويش"، وكان التواصل بشكل طبيعى عن طريق المكالمات الهاتفية والإنترنت، من داخل المؤسسة التى يؤدى فيها أحمد خدمته الإلزامية، والتى زارها المشير عبد الفتاح السيسى، القائد الأعلى للقوات المسحلة، والتقى فيها مع ضباط ذوى تخصصات دقيقة، بتاريخ 26 ديسمبر 2012، ولم يكن "أحمد" موجودا فى المؤسسة فى هذا اليوم، حيث كان يقضى إجازته، ولكنه فى النهاية تمكن من التوصل إلى التسجيل الكامل للقاء صوتا وصورة، ويتضمن ما دار مع "السيسى"، وحينما دخل "أحمد" إلى جهاز الحاسب الآلى الموجود فى أحد الأماكن الخاصة بالمؤسسة لكى ينسخ صورا شخصية له من الجهاز، إلا أنه حين انفرد بنفسه داخل غرفة الحاسب الآلى، أخذ يستطلع الموجود على الكمبيوتر، إلى أن وجد التسجيل الخاص بلقاء السيسى مع الضباط، وكان ذلك قبل عزل مرسى بنحو سبعين يوما، حينها قام بالاتصال بـ"درويش" وأبلغه بالتسجيل، فطلب منه سرقة نسخة منه، وكان معه ذاكرة إلكترونية قام بتوصيلها بالكمبيوتر ونسخ التسجيل.
وظل "أحمد" يحتفظ بالذاكرة الإلكترونية، عن طريق وضعها فى مذياع إلكترونى، إلى أن جاء موعد خروجه فى إجازة، فى مايو 2013، فى ذلك الوقت اتصل بـ"درويش" واتفقا على اللقاء عند مترو الأنفاق بالدقى، بجوار مقر الشركة الإعلامية الإخوانية، وسلمه التسجيل.
وبعد ذلك بحسب المحققين، لم يقرر قادة الجماعة فى الشركة بث التسجيلات ولا الوثائق الأخرى التى جرى تجميعها من أماكن مختلفة، إلا بداية من يوم الثانى من شهر أكتوبر 2013، بعد أن اتساع الفجوة بين الجماعة والسلطة الجديدة، وكان أول ما تم تسريبه مقطع مدته ست دقائق وعشرون ثانية، وفيه مناقشة بين السيسى وأحد الضباط بشأن الإعلام فى مصر.
وفى الرابع من أكتوبر 2013 جرى بث مقطعين آخرين مدة الأول 41 ثانية، حول نظرة السيسى وضباطه للمظاهرات فى مصر، ومدة الثانى دقيقة و43 ثانية، حول قضية دعم السلع والخدمات فى البلاد، ثم توالى نشر مقاطع ومكاتبات سرية، ومن ثم بدأ المحققون فى البحث عن مصدر المعلومات والمشاركين فى بثها وتسريبها فى الداخل والخارج.
وبرغم من انشغال الأجهزة الأمنية فى مواجهة مظاهرات الإخوان ومطاردة الإرهابيين فى سيناء ومناطق أخرى فى العام الماضى، فإن عمليات البحث بشأن ما يظهر بين يوم وآخر من تسريبات على مواقع الإخوان وعلى قناة "الجزيرة" كان يجرى على قدم وساق.
وفى صباح يوم 18 نوفمبر، كان المحققون يتتبعون، بمحيط جامعة عين شمس، شابا يبلغ من العمر 23 عاما، ويدرس بالفرقة الرابعة فى كلية التجارة بجامعة عين شمس، ويدعى "الحمصى" وعلى كتفه حقيبة، وهو مطلوب فى قضية بث معلومات سرية تخص الدولة على بعض شبكات الإخوان الإعلامية، وتم توقيفه أثناء سيره ومعه كمبيوتر محمول وأسطوانات مدمجة وهاتف محمول، ومبلغ مالى قدره 690 جنيها.
واقتاده المحققون إلى غرفة الاستجواب، وبدأوا فى تفريغ محتويات الكمبيوتر المحمول، ووجدوا فيه، التسجيل المسرب الخاص بلقاء السيسى مع بعض الضباط، ومدته 57 دقيقة و38 ثانية، وأربعة مقاطع فيديو أخرى من اللقاء على أسطوانات مدمجة، بالإضافة إلى 23 ورقة مصورة، إحداها خطاب صادر من إحدى الجهات السيادية، إلى أمين عام مجلس الوزراء بتاريخ السادس من أغسطس 2013، أى عقب عزل مرسى بنحو شهر، وكذلك غلاف دراسة صادرة عن إدارة الأزمات بإحدى الجهات العليا أيضا، عن "الصمود والدفاع عن الشعب بالنفس الطويل، وإجراءات الوزارات والأجهزة المعنية بالدولة لمجابهة الإستراتيجيات الواردة بالسيناريو".
وكان على جهاز "الحمصى" أيضا مجموعة صور تخص قوات التأمين فى الشوارع، يظهر فيها جنود على أسطح مبان لوحدات نظامية، وصور لبعض الشبان مع مجموعة من الجهاديين، وفيديو آخر لمجموعة شبان داخل أحد الأنفاق الواصلة بين رفح وقطاع غزة، إلى جانب مقاطع لتسريبات من حوار السيسى مع صحيفة "المصرى اليوم"، إضافة لمقاطع فيديو أخرى لم يكن جرى بثها بعد.
والتحق "الحمصى" بالشركة الإعلامية الإخوانية، منذ عام 2010، حيث كانت هوايته تسجيل برامج من التليفزيون، ووضعها على صفحته على"فيس بوك" وعلى مدونة له على "جوجل"، وفى بداية 2011، أى مع ثورة المصريين ضد مبارك، تلقى حديثا على الدردشة بالإنترنت من رجل يلقب بـ"عبد الوهاب" وعرض عليه العمل معه فى الشبكة الإخوانية، على أن تكون وظيفته "رفع مقاطع الفيديو على الشبكة"، قبل أن يتولى آخرون اختيار ما ينبغى نشره على زوار المواقع الإخوانية على الإنترنت.
وجرى قبل كل هذا أن يلتقى "الحمصى" بأى من المسئولين المباشرين عن الشركة الإخوانية وشبكاتها على مواقع الإنترنت المتعددة، وبمرور الوقت باقتراب عام 2012، كان الجسد الإخوانى يتضخم فى السياسة المصرية، ومع دنو موعد انتخابات البرلمان، ووضع دستور جديد للبلاد، جرى تكليفه باختيار مقاطع فيديو بعينها، وسمحوا له عبر الدردشة بالدخول إلى مجموعة خاصة على "فيس بوك" لوضع المقاطع، وجمع مواد إعلامية من مراسلين من مناطق مختلفة.
ووفقا لما رواه "الحمصى"، فإن كل العمل جرى مع مسئولى الإخوان، دون أن يعلم مع من يتحدث بالتحديد، مضيفاً أنه كان يتعامل مع الأمر كعمل تطوعى دون مقابل، إلى حين تخرجه فى الجامعة، أملا فى أن يفتح له المجال فرصا للعمل مستقبلا، واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن وجهت له دعوة لاجتماع المراسلين والعاملين فى الشركة الإخوانية وشبكتها فى منتصف عام 2011.
وهنا كانت المرة الأولى التى يقابل فيها " الحمصى بـ" عبد الوهاب"، والعديد من العاملين فى الشركة، وناقش الاجتماع الموضوعات التى سيجرى نشرها خلال شهر رمضان على الشبكات الإخوانية، دون أن يعلم أنها تابعة للإخوان، وفقا لمحاميه.
ويقول "الحمصى": "منذ ذلك الوقت تكررت اللقاءات على إفطار رمضان، وبعد ذلك تم بحث موضوع انتخابات مجلسى الشعب والشورى والاستفتاءات منذ بداية 2012، وكيفية تغطيتها على الإنترنت، وهى الانتخابات التى فاز فيها الإخوان بأغلبية كبيرة، ومرروا بعدها الدستور الجديد".
وأضاف أنه فى ذلك التوقيت بدأ يظهر "درويش" فى الصورة، وتعرف عليه وعلم أنه رئيس مجلس إدارة الشبكة، وقرر اختياره ليكون أحد الناشرين على الشبكة، أى أن تكون معه صلاحية الدخول وبث الأخبار، وحدد له أجرا شهريا قيمته 1200 جنيه، واستمر الحال بينما كانت الاضطرابات السياسية تزداد اشتعالا فى مصر، إلى أن تقرر عزل مرسى، وفض اعتصامى المؤيدين له فى أغسطس.
وفى أواخر سبتمبر 2013 تلقى "الحمصى" اتصالا عبر "فيس بوك" من "درويش"، وأخبره أن معه شيئا مهما سيرسله له عبر رسالة على "فيس بوك" عن لقاء السيسى مع الضباط، التسجيل الذى حصل "أحمد"، على نسخة منه من المؤسسة المشار إليها.
وطلب "درويش" من "الحمصى"، أن ينشر أجزاء معينة حددها، بأنها تبدأ من دقيقة معينة وتنتهى فى أخرى محددة، على الشبكة الإخوانية، مضيفاً أنه تم بيع المقطع الأول ومدته ست دقائق تقريبا لقناة "الجزيرة".
ويقول "الحمصى"، إن "درويش" أرسل أيضا الـ23 ورقة المشار إليها سلفا، ومكتوبا عليها "سرى جدا"، والتى أرسلها بدوره إلى مبرمج فى الشبكة يدعى "شاهين"، وهو رجل لم تتمكن السلطات من توقيفه عقب اختفائه أواخر العام الماضى.
أما بالنسبة لـ"درويش"، الذى كان يرأس مجلس إدارة الشبكة الإخوانية، فلم يعثر عليه المحققون، حين توجهوا لمقر سكنه وتبين سفره إلى تركيا منذ يوم الخامس من يوليو 2013، وفقا لإفادة مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية بمصر، بينما يوضح أحد محاميه أن حالته المادية ميسورة، وأنه لم يكن يقصد الإساءة للدولة، من خلال ما جرى بثه من تسريبات.
وبشأن "القزاز"، فإنه مصرى مولود فى الإمارات، وجرى اتهامه بتمرير المكالمات الخاصة بالمراسلين فى الشبكة الإخوانية إلى قناة "الجزيرة" "وإرسال الفيديوهات التى يجرى تصويرها إليهم"، نظير تلقيه تمويلا ماليا من شخص يقيم فى قطر، يلقب بـ"عيد"، حيث رصد المحققون إرسال ثلاث حوالات مالية، باسم زوجته، قادمة من قطر على بنك القاهرة، بلغت قيمة الحوالة الأولى ألف دولار، والثانية ثلاثة آلاف دولار، والثالثة خمسة آلاف دولار.
وسأل المحقق "القزاز"، عن كيفية وصول عدد من المواد الفيلمية المسربة، إلى قناة "الجزيرة"، فأجاب أن مصريا يعيش فى قطر يعمل فى القناة، سافر لـ"درويش" فى تركيا واشترى منه مقاطع الفيديو الخاصة بلقاء السيسى مع الضباط.
وحين دخل المحققون إلى شقة "القزاز"، فى مدينة السادس من أكتوبر، قبل أربعة أشهر، كانت السلطات أغلقت مقر الشركة الإخوانية بالدقى، لكن عملها على الإنترنت لم يتوقف من مقار مختلفة، وغير محددة، داخل مصر وخارجها.
ويقول أحد المحامين عن المتهمين، إن الشبكات المشار إليها "مواقع خاصة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى"، يمولها قادة من جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسى، وكانت فى البداية أمام الرأى العام مجرد وسيلة إعلامية على الإنترنت، مثل المئات من المواقع الإخبارية، التى ظهرت على الشبكة العنكبوتية خاصة بعد سقوط نظام مبارك، لكنها أصبحت معروفة منذ أشهر بأنها "لسان حال الإخوان وأنصارهم من الإسلاميين وأحزابهم".
تفاصيل ضبط شبكة إخوانية أُفشت معلومات تخص أجهزة سيادية.. أحدهم صاحب "تسريبات السيسى" للجزيرة.. وبدء تجنيد الشباب عقب ثورة 25 يناير عبر مواقع التواصل.. ومقابلات بين عناصر الجماعة بقطر وتركيا
الثلاثاء، 18 مارس 2014 02:09 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء
انا ضد الاخوان مائة في المائة بس
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مصطفى
تعليق رقم 1
كلامك مظبوظ مليون فى المية
عدد الردود 0
بواسطة:
samirabdelaziz
الاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
صدق او لا تصدق
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمود
فيلم هندي
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مافى شيئ أسمه مصالحه كلمة مصالحه معناها شرعيه للأرهاب والأجرام الدوله تعطي لهم هذه الشرع