منذ سنوات بعيدة لم أدرك كم كان عمرى ولا عن الحياة شيئا, كنت اتنقل مع الأهل من مكان إلى مكان بين السيارة والقطار وبلاد الله, لم أدرك حينها العلاقة بين القطار وبين النافذة وبين الركاب وكذلك بين وسائل المواصلات المختلفة وبين مستقليها وبين النوافذ, علاقة نشأت بينهما وصراع لم أدرك كنهه ولا الباعث إليه, علاقة عاطفية تشبه علاقة الحب والكراهية وأفيق من شرودى على أصوات شجار بين اثنين وإصرار كل منهما على الجلوس جوار النافذة, وهى كغيرها من النوافذ حيز لا أدراك له لكن له دلالة بفكرة كل فرد وموقعه وموقفه من الحياة وما حوله ومضى بى العمر ولم تبرح صورة النافذة خيالى ولا صوت المتناحرين أذنى ورحت أفكر فى حالنا وعن إصرار كل منا على الجلوس جوار النافذة , طاف بخيالى عشرات الأسئلة عن المعنى وما استقر فى الوجدان وعن الشعور بالأمان والخوف من تصاريف القدر, ربما طاف بفكر أحدهم أن لو وقع حادث ستكون النافذة طوق نجاة.. أو على الأقل أداة يتطلع من خلالها على ما مر من محطات ومراحل قطعها القطار وما مضى به من عمر يقوده الخيال بعيداً عن الزحام والجلبة أو ربما فكر فى بعد ثالث يضفى عليه نوع من الاستقلالية عن باقى الركاب ويتيح له قدراً من حرية الاختيار.. أن تختار فأنت حر, للحرية ثمن يستحق أن نقاتل من أجله, هكذا خلقنا الله.. الحرية قيمة كالعدل والحق والخير والجمال.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة