أصدرت دار الشروق طبعة جديدة من رواية عمار على حسن "شجرة العابد" بعد حصولها على جائزة اتحاد كتاب مصر لهذا العام، التى تعد الباحثة الجزائرية كريمة بوكرش حاليا رسالة دكتوراه حولها تحت عنوان "الخطاب الصوفى فى الرواية العربية.. شجرة العابد نموذجا" فيما شرع الباحث الإيرانى كاوة خضرى فى خطوات تسجيل أطروحة للماجستير عن الواقعية السحريةالرواية ذاتها بقسم اللغة العربية فى جامعة طهران.
وهذه هى الطبعة الثالثة عن دار الشروق فيما صدرت طبعة أخرى فى البداية عن دار نفرو للنشر والتوزيع عام 2011.
وقد حظيت الرواية، التى تقع فى 412 صفحة من القطع المتوسط، باهتمام من قبل نقاد كثيرين، وهو ما سجلته دار النشر على الغلاف الخلفى، حيث وصفها الدكتور صلاح فضل أستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس بأنها "تقدم نموذجاً متفرداً فى الرواية العربية، يضاهى أدب أميركا اللاتينية فى واقعيته السحرية، لكنه فى الحقيقة يناظره من دون أن يأخذ عنه".
كما قال عنها الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة إنه "تخفى وراءها جهدا كبيرا مبذولا، وذائقة مدربة، صقلها الإطلاع على موروث طويل لاسيما عالم التصوف الرحب"، فيما اعتبر الدكتور السعيد الورقى أستاذ الأدب العربى بجامعة الإسكندرية أن الرواية "تمثل سحر السرد العجائبي، الذى ينهل من الصوفية، ويبحث عن مصير الإنسان، وحالات الوجود، وسحر الشرق".
من جانبه، قال الدكتور يسرى عبد الله مدرس الأدب العربى بجامعة حلوان إن الرواية"تمزج الفانتازى بالحقيقي، وتعتمد لغة شاعرية، وتنطوى على العديد من القيم الإنسانية الخالدة"، بينما قال عنها الروائى علاء الأسوانى "استمعت بقراءة رواية عذبة وملحمية، تثبت أن خلفها أديبا يمتلك قدرة كبيرة على خلق عالم مواز".
تجرى وقائع الرواية فى لحظة فارقة من الصراع بين الشرق والغرب فى أواخر القرن الخامس عشر وهو عصر المماليك، أما مكانها فيصل صعيد مصر وصحاريها بالقاهرة فى أيامها الزاهرة، لكنها ليست رواية تاريخية بحتة، رغم أن مؤلفها استفاد فى صياغة الأجواء والأحوال ورسم ملامح الأماكن وطقوس الحياة من كتب التاريخ والاجتماع التى تناولت هذه الفترة.
ومحرك أحداث الرواية طالب علم أزهرِى كان يسعى فى شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكى الجائر فانتهى إلى درب التصوف هارباً من العسس والسجن والتعذيب والشنق الذى الذى كان مهددا به بعد أن اختفى حين عجز أن يحقق للسلطان المستبد حلمه بالوصول إلى الشجرة التى كان يعتقد هذا السلطان أنها كنز ثمين.
وفى الرواية نقف بعناية على بعض ما تنطوى عليه الحياة من فلسفة عميقة، ويعرف بعض طرائق العيش وأشكال العمران وألوان الفنون والثقافة السائدة فى مصر المملوكية عند المسلمين والمسيحيين واليهود، من أهل الريف والحضر والبدو.
ويعجز بطل الرواية عاكف عن الوصول إلى "الشجرة الغريبة المقدسة" بمساعدة جنية عشقته، وأخذته إلى عالم الجن، ويعجز السلطان الغشوم من الوصول إليها من خلال السحرة المهرة الذين استجلب بعضهم من بلاد المغرب، ويعجز كل من وصله نبأ الشجرة الغريبة من الوصول إليها بقدراته وحيله المباشرة وإمكاناته المستهلكة والتى يرضى منها بما هو متاح.
لكن البطل يصل إلى الشجرة بعد أن انقطع للعبادة سنين لا عدد لها فى زاوية بناها إلى جانب أحد الأديرة فى صحراء مصر الشرقية، ولم يأخذ فيها معه سوى "المصحف الشريف" وكتاب "طوق الحمامة فى الألفة والآلاف" لابن حزم الأندلسى.
و"شجرة العابد" هى الرواية الخامسة لعمار على حسن بعد "حكاية شمردل" و"جدران المدى" و"زهر الخريف" و"سقوط الصمت" إلى جانب رواية "السلفي" التى تصدر قريبا، علاوة على ثلاث مجموعات قصصية هى "عرب العطيات" و"التى هى أحزن" و"أحلام منسية" وقد حصلت الأخيرة على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى، فيما حصل كتابه "التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر" على جائزة الشيخ زايد فى فرع التنمية وبناء الدولة، وحصلت مجمل أعماله العلمية، التى تصل إلى سبعة عشر كتابا فى علم الاجتماع السياسى والنقد الأدبى والتصوف، على جائزة الدولة للتفوق فى العلوم الاجتماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة