معركة الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، بدأت منذ قديم الأزل، وبداية الزمان، وباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا الصراع جعله الله تعالى اختبارا لعباده، وعملية اللجوء إلى المشعوذين وقارئى الطالع ظاهرة تأسر الناس بمختلف أطيافهم، سواء من الناس العاديين أو حتى المشاهير، فمعرفة المستقبل وإدراك الغيب والمخفى أسرار داعبت الخيال البشرى، منذ القدم، وعلى الرغم من تغير أسلوب ومظهر مدعى معرفة المستقبل والمستور إلا أن اللون المميز هو أجواء الغموض والانفصال عن الواقع فى لحظة تمثيلية يدعى فيها "الوسيط" أنه يخاطب أرواحاً أو أناساً مخفيين ليطلب منهم المشورة والرأى السديد، وللأسف ما تزال هذه الظاهرة منتشرة ومزدهرة بالرغم من حرص الناس على إخفاء هوسهم بالدجالين والمشعوذين إلا أن استمرار الإقبال على الدجالين، ودفع أتعاب طائلة لهم يغذى هذه الظاهرة ويطيل عمرها.
وتكراراً لتلك القصص التقت "اليوم السابع" مع الشيخ محمد الساحر السودانى المتهم بالقيام بعمليات السحر والشعوذة والدجل للنصب على المواطنين، والذى تمكن رجال إدارة مباحث رعاية الأحداث بمديرية أمن القاهرة بقيادة اللواء محمد قاسم، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، والعميد خالد عبد العزيز، مدير الإدارة وضباط الإدارة من إسقاطه داخل منزله متلبساً أثناء قيامه بواقعة نصب ودجل على أحد المواطنين، ويقول المتهم إنه لا يعالج إلا بالقرآن الذى تعلمه طرق استخدام آيات منه من الطريقة التيجانية بالسودان، وهو كل ما يقوم به لمساعدة المواطنين لوجه الله.
وإلى نص الحوار مع الساحر السودانى الشيخ محمد:
نود أن نعلم متى حضرت إلى مصر وما غرض التوجه للقاهرة من الأساس؟
أنا اسمى مختار جمعة عبد الله وعمرى 55 سنة، وشهرتى "الشيخ محمد" ومتزوج ولدى أطفال فى السودان، وظروف الحياة أجبرتنى على ترك بلادى وأسرتى بأكملها وتوجهت للقاهرة للعمل وإعالتهم، ووصلت القاهرة منذ 4 سنوات، وعملت فى مصنع للغزل والنسيج بمهنة عامل لمدة أشهر معدودة، وأصبت بالتهاب حاد فى صدرى وتوقفت عن العمل.
وبعد ذلك قررت العمل فى تجارة التليفزيونات، وبدأت فى شراء تليفزيونات المستعملة وتوضيبها وبيعها للمواطنين، وكنت بكسب بيها لقمة عيش كويسة، وكنت ببعت فلوس لأسرتى فى السودان حتى يستطيعوا العيش فى حياة أفضل من سابقتها.
كيف بدأت أعمال الدجل والشعوذة معك؟
أنا مش دجال ولا ساحر أنا راجل على باب الله، وجيت أشتغل فى القاهرة عشان أجيب لقمة عيش لأسرتى، لكن بحكم كونى أحد أعضاء الطريقة التيجانية فى دولتى السودان، وتعلمى منها أورادا قرآنية للعلاج، وغيرها، وكنت أصلى فى المسجد ويشاهدنى أبناء المنطقة التى أعيش فيها، وهى داخل غرفة بالقرب من مسجد القباء بمدينة السلام، اعتقدوا أنى فى حاجة لله، زى ما بيقول المصريون عندكم هنا.
والقصة ابتدت لما جانى واحد من أصدقائى، الذين تاجرت وتعاملت معاهم، وكنت ببيعلهم تليفزيونات، وقاللى إن فى حد قريبه زوجته، عملت له ما يسمى "عمل" – أحد أنواع السحر والشعوذة، التى يقوم بها السحرة- وتسبب ذلك العمل فى دخوله بحالة صحية سيئة جداً، ووصلت إلى حد أنه ينزف دماء من معدته يومياً ويتوجه للأطباء ولا يعلمون ما به.
فأنا بحكم تعملى فى الطريقة التيجانية بالسودان، تعلمت إزاى أفك الأعمال دى وأبطل مفعولها، وكان معايا شوية أعشاب جايبها من بلادى، ودى لزوم صحتى عشان لو حصلى حاجة أقدر أستخدمها عشان أخف بسرعة، فقررت أساعده وأشفقت على حاله عندما رأيته.
وكيف ساعدته وما هى الأعشاب التى قمت باستخدامها بالضبط؟
أنا كان عندى أعشاب زى ما قلت، وهى بتتزرع فى بلادنا السودان، واسمها "البردة – الحابيل – سنة سنة" وغيرها، ومفيدة للعلاج من أمراض الباطنة والصدر، ولكن لابد أن تحضر بوصفات معينة تعلمتها على يد أساتذتى بالطريقة التيجانية.
وبعدين بدأت مع هذا المسكين فى خطوات العلاج وحضرتله الوصفات الخاصة بهذا المرض، الذى أصابه جراء العمل الذى قامت بتنفيذ زوجته، واستمر العلاج لأيام معدودة كنت أتلوا عليه آيات القرآن، والأوراد الدينية الصحيحة التى تعلمتها فى الطريقة التيجانية، ولم تمر أيام معدودة، حتى شفى هذا الرجل من آلامه ومتاعبه، وشكرنى كثيراً وقدم لى أموالاً مقابل العلاج.
هل تعددت الوقائع بعد ذلك وتخصصت فى السحر والدجل؟
أنا قولتلك إنى بتعامل بالقرآن والأوراد الخاصة بالطريقة ومش بعمل سحر، والناس ابتدت تجينى وتطلب منى حجابات، وفك أعمال، وكنت بعمل ده كله لوجه الله، لكن هما هنا كانوا بيدفعولى فلوس، ودى لقمة عيش وربنا فتحها على.. أقول لأ وأبطلها.
وكانت بتيجى ستات وبنات ورجالة بيطلبوا حاجات غريبة، وأنا مش بتاع شياطين ولا سحر، أنا اللى بقدر أعالجه بالقرآن والأعشاب بتاعتى كنت بساعده، وكان بيدينى اللى ربنا يقدره عليه من غير شروط، أو طلبات معينة منى، وكنت بعمل ده كله لمساعدة الغلابة.
وما قصة الهدهد الذى وجده رجال الشرطة مذبوحاً داخل منزلك؟
الهدهد ده عندنا فى السودان حاجة بنتفاءل بيها، وبتبعد عنا الشياطين والجان، زى البتاعة اللى اسمها "خمسة وخميسة عندكم وبتعلقوها فى الحوائط عشان العين والحسد والسحر، وأنا لما جبته مكملش يومين عندى ومات، ونسيت أرميه بعد ما مات، وقولت أهوه موجود فى البيت وخلاص.
وكيف وصل رجال الشرطة إليك رغم أنك تعمل فى الخفاء داخل منزلك؟
الشرطة عندكم بتعمل تحريات وبتراقب أى حد بيشتغل فى الحاجات دى، واللى ضيعنى وجابلى الشرطة لحد عندى أول واحد ساعدته وعالجته لما كان ينزف دم من عمل مراته، اتخانق معايا فى مرة، بعد ما طلب منى أروح أقابل واحد قريبه بيشتغل فى المطار، ومحتاج علاجا ومش قادر يتحرك، وهناك اتخانق معايا ورفع فى وشى طبنجة وهددنى بيها، وكان عاوز ياخد منى فلوس، لما عرف إن ناس كتير بتجينى، بحجة أنه عرفهم عليا.. وتدخل قريبه وصالحنا وحلفنا على المصحف كتعهد لكى لا نتشاجر مع بعضنا فيما بعد، ونصفى ما بداخلنا وبعد مرور 3 شهور على الوقعة، اتصل بى عصراً وقال إنه يريد الجلوس معى، لأنه تعب مجدداً، وجانى البيت بعد صلاة المغرب، ومعه شخص قدمه كأنه صديق له – واكتشفت عقب ذلك أنه رجل شرطة- وقدمت له كوبين من الشاى كواجب لهما، ودخلت أحضر لهما واجبهما، وعدت ووجدت رجال الشرطة داخل منزلى، ومعهم إذن من النيابة العامة بالقبض على بتهم ممارسة أعمال الدجل والشعوذة، وأنا مكنتش بعمل كده.
وماذا وجدوا فى منزلك بعد تفتيشه؟
فتشوا البيت حتة حتة، ولقوا كتب الطريقة التيجانية فيها أوراد وأذكار للعلاج، وأحجبة كنت عملتها للناس الغلابى عشان أعالجهم بيها، وكمية من الأعشاب كنت قد أحضرتها من السودان بعد ما كتر الطلب عليها، من أهل المنطقة، وأقراص ترامادول بتعالج بيها من الصداع والألم، وطبعاً الهدهد اللى كان ميت أصلا.
ورحلونى للقسم، وهناك الشرطة اتهمتنى بالدجل والسحر والنصب على المواطنين، وقولتلهم إنى بعمل كده مساعدة وبعالجهم بالقرآن، وأنا مش ساحر ولا دجال، والناس اللى كانوا بيدونى فلوس، وأنا مكنتش بطلب منهم أى مقابل.
طوال الحوار تقول أنك لست ساحرا ولكن الشرطة عثرت على كتب سحر وهدهد مذبوح، وأعشاب وحجابات كل هذا ضمن أعمال السحر والشعوذة؟
أنا إنسان متعلم ومفيش حد متعلم بيرمى نفسه، فى التهلكة، والشعب هنا طيب وأى حد بيقرا عليه آيتين قرآن وربنا يشفيه يقولوا عليه شيخ، أنا مضحكتش على حد ولا نصبت على حد، هما اللى كانوا بيجوا لحد عندى، ويطلبون علاجا وكانوا بيدونى مقابل ذلك أموال كشكر.. وغير كده الكتب دى ورثتها عن أهلى وكبار الطريقة التيجانية اللى اتربيت فيها، وأنا حياتى كلها قرآن وأوراد وذكر، والحجابات كنت بعملها من الكتب والأوراد إللى معايا، وأنا معايا ربنا أكبر من الكل، هو وحده عارف إنى مش ساحر ولا دجال.
يذكرأن تفاصيل القصة بدأت بورود معلومات لرجال إدارة مباحث رعاية الأحداث بالقاهرة، بقيادة العميد خالد عبد العزيز مدير الإدارة تفيد بقيام شخص سودانى الجنسية، بإدارة منزله الكائن فى 57 شارع مسجد القباء بمدينة السلام، لأعمال الدجل والشعوذة والنصب على المواطنين، وإيهامهم بقدرته على حل المشاكل العائلية والتعجيل بزواج القاصرات، وشفاء الأمراض المستعصية وإعادة الأطفال الضالين لذويهم، وذلك مقابل مبالغ مالية يتحصل عليها من المجنى عليهم.
تم إخطار اللواء أسامة الصغير، مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة بالواقعة، فأمر بسرعة تشكيل فريق بحث للقبض على المتهم، فخرجت قوة أمنية من رجال الإدارة رافقها المقدم هانى أبو علم، رئيس مباحث قسم شرطة السلام أول إلى مكان تواجد المتهم، وذلك عقب استصدار إذن من النيابة العامة، وتم ضبط المتهم، وتبين أنه يدعى "مختار جمعة عبد الله" 55 سنة وشهرته "الشيخ محمد"، وضبط متلبساً بالقيام بأعمال السحر والشعوذة لمواطن يدعى "محمد.أ.إ"، 60 سنة موظف بالمعاش مقابل مبلغ 3 آلاف جنيه.
وبتفتيش منزله ضبط بداخله على كمية من الأحجبة والقطرات والأعشاب الخاصة بالسحر، والشعوذة، وعدد من الكتب الخاصة بأعمال السحر والأدوات المستخدمة فى ذلك، ومبلغ 2400 جنيه، وهاتف محمول و6 أقراص من عقار ترامادول إكس 225، وبمواجهته أمام اللواء ناصر سعد نائب مدير أمن القاهرة اعترف بقيامه بأعمال السحر، والشعوذة، وأن المبلغ النقدى من حصيلة الاحتيال على المترددين عليه، والهاتف لتسهيل عملية الاتصال بهم، والأقراص المخدرة بقصد تعاطيها، فتم تحرير عن ذلك المحضر رقم 3465، لسنة 2014م جنح السلام أول.
وبعرض الواقعة على النيابة العامة أمرت نيابة السلام، برئاسة المستشار بكر أحمد بكر، بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامه بالنصب على المواطنين، وكشفت التحقيقات التى أجراها عماد الهلباوى، وكيل نيابة السلام أن السودانى الجنسية الذى يدعى "م.ج" ضبط بحوزته كتب سحر أسود، وأحمر يقوم بإيهام المواطنين بمنطقة قباء بمدينة السلام، بحجة علاجهم من الأمراض والسحر، وبحوزته أقراص مخدرة للتعاطى.
"الشيخ محمد" الدجال السودانى لـ"اليوم السابع": أنا مش ساحر أنا راجل بعالج بالقرآن و"أوراد الطريقة التيجانية" والأعشاب.. "القصة بدأت بواحد مراته عملتله عمل وكان ينزف دم فعالجته وبعد كده بقيت معروف"
السبت، 15 مارس 2014 07:58 م
الدجال مع محرر "اليوم السابع"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة