همت صباحا بكتابة أسطر جديدة فى صفحات معاناتها تمسك القلم وتكتب تاريخ آخر مبلل بالدموع، خطفتها الذكريات ضاعت المعانى والأفكار تلعثمت الحروف على الورقة.. وتاهت الكلمات بين الماضى والحاضر، وكل ما كانت تود أن تكتبه عن الحرمان كتبته آلاف المرات من قبل لم يعد هناك حرف أومعنى لم تكتبه.
فكم تمنت أن تعيش مثل باقى النساء أن تمتلك ما حرمت منه وما زالت محرومه منه .. ولا تكلم أحد أوتطلب لآنها تملك فى داخلها قناعة بأن ما تحتاجه وتئن من قسوته مجرد التلميح عنه أشد عيبا فى مجتمعنا .. تعودت أن لا تخبر أحدا، فيترجم أنينها على أنه تجرد من الحياء.. لا تخبر أحدا بما ترغب لأنهم لن يستطيعوا تلبيته ولكن إلى متى تعيش قنوعه طول عمرها.
وإلى متى تظل تدخر آلامها وكبتها فى خزانة الجسد الثائر.. ومع ذلك ينقصها ما تريد امتلاكه، إلى متى تبقى هكذا؟ حرمان يتلوه حرمان .. وأنين يتبعه عذاب تسكب نقطة أخرى فى نهر حرمان جارف، والدموع تتساقط وتسأل نفسها أين الحب؟ منذ سنوات ولماذا تأخر ..؟هل سافر ؟؟ هل غادر ؟؟ سنوات طويلة عجاف، وهى محرومة منه .. اليوم تكتب آخر حرف فى نهاية الحرمان تكتب وتقول إن كان هناك من تحبونه، ويحبكم وبينكم حب متبادل استمروا واحصدوا ثمار حبكم.. ولا تتوقفوا .. فبرغم حبها وعشقها لذلك الشاب الذى دخل حياتها بلا سابق إنذار لا تستطيع أن تمنع نفسها من السؤال من أين جاء ..؟ ولماذا ..؟ فيتبادر الرد إلى ذهنها سريعا أو تحاول فى اشتياق إليه أن تكون هذه هى الإجابة الوحيدة لديها.. ألا يكفى بأنه هو قطرة الماء التى روت شجرة الورد، وسط الصحراء القاحلة..؟ ألا يكفى أن سحب الحب والعطاء زارت أرضها أخيرا وغمرت الصحراء بالماء، فانتعش القلب ودبت فيه الحياة؟
فهاهى تهم كل صباح على غير عادتها بكل نشاط كى يكون أول من تتلقى منه تحية الصباح، لتسرى كلماته فى شرايين جسدها، وتعوضها عن حرمان ليل طويل كئيب.. وفى المساء تنتظره وقد هجرت كل من حولها وأفرغت الذاكرة من كل الأحداث لتكون مستعدة للقاء الذى سيجمعهم لكى يكون وحده فقط، ولا أحد سواه من يشغل تفكيرها، ويمتلك كل المشاعر والحواس.. تشعر به وكأنه قطرة ماء تسقط على قطعة حديد، ملتهبة، فتطفئ هذه النيران بداخلها وحبا يعيد لها أحساس النشوة والأنوثة، الذى افتقدته طويلا..أنه هو الوحيد الذى كسر كل الحواجز، المؤدية للقلب دون سواه، أنه هو الوحيد الذى أستطاع أن يقترب منها بشجاعة الفرسان دون خوف ويلمس قلبها هو الوحيد الذى أيقظ أنوثتها قبل القلب من سباته ونومه العميق، لا أحد غيره قادرا على هتك عزريه مشاعرها كل لحظه هومن باتت تفكر به ليلا ونهار وتمنت أن يكون هو من امتلك جسدها دون غيره فلماذا تترك الذاكرة، والعقل يزدحمان بالإجابه على السؤال من اين ولماذا جاء ..؟ فسوف تحيا الحب وتسرق من الزمن والآيام ماخبأه لها فى جعبته ولم تكن تتوقعه يوما وهوالحرمان .. سوف تسرق أيام تحيا فيها بلا ألم أو حرمان أو أنين .. فهو بالنسبة لها قطرة ماء فى صيف شديد الحرارة، وبلا تردد تروى عطشها، من ذلك النبع الذى انفجر فجأة تحت قدميها، وتستحم فى ظلاله وتروى كل خلايا جسدها الناعم والمتشقق كأرض ظمئى .. لقد قررت أن تصبح كل مساء ملكه جمال وتجمع أنوثه كل نساء العالم، وتهديها له بل تغمره بها .. وعدته بأن تصبح الأـم والأخت والصديقة والحبيبة والزوجة، تكون العين والقلب والحنان والحب .. فإذا ما قررت الأنثى أن تمنح دمر عطاؤها كل السدود، واجتاز كل الحدود.. رسمت لوحة فنية لصور مختلفة ومتفاوتة ترمى كلها إلى الحب، والحرمان والتفانى فى الحب والعطاء، فنحن عندما نعطى .. فى الواقع لا نعطى.. ولكننا نأخذ.. نأخذ تلك المشاعر الممتنة..ممّن أمددناهم بعطائنا.. فنسقى بها عطش قلوبنا.. لترتوى من ذلك الفيض.. فيض العطاء. والعطاء أن تقدم لغيرك ما تجود به نفسك.. من غير سؤالهم .. العطاء أن تبادر بتقديم كل ما تستطيع لمن تحب، لتعطيه رسائل مباشرة وغير مباشرة بين الحين والآخر. لتعلمه بمدى مكانته عندك .. ومدى تقديرك وحبك له أمنحوا وتحابوا واجعلوا الحب سماء مفروشة بأوراق الورد، وبحنان عبيره أغمروا الروح لتمنحنا مزيجا من الأمل والوفاء.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة