هيام محيى الدين تكتب: "نهر الكونغو ومشكلة سد النهضة"

الخميس، 13 مارس 2014 04:23 ص
هيام محيى الدين تكتب: "نهر الكونغو ومشكلة سد النهضة" نهر الكونغو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لفتت زيارة نبيل فهمى وزير خارجية مصر، إلى الكونغو الديمقراطية الأسبوع الماضى الأنظار إلى إحدى بدائل السياسة المائية المصرية من خلال مشروع ربط نهرى الكونغو، والنيل واستغلال الفوائض المائية الهائلة لهذا النهر المتوحش الذى يستحيل السيطرة على مياهه المندفعة من منابعه فى شرق البلاد إلى مصبه فى المحيط الأطلنطى غربا بقوة دفع هائلة تصل بالمياه العذبة إلى عشرات الأميال داخل المحيط المالح.

ومنطقة منابع هذا النهر الملاصقة لجمهورية جنوب السودان الحالية تتمتع بفائض مائى رهيب يندفع غربا ليضيع فى المحيط الأطلنطى، دون أى استفادة منه، وفى نهاية خمسينيات القرن الماضى وضع مهندسو الرى المصريون فى أوغندا تصورا للاستفادة من مياه نهر الكونغو، خلال ثورات التحرر الوطنى للدول الإفريقية من الاستعمار برؤية مستقبلية لتنمية هذه الدول بعد الاستقلال وتم وضع خطوط مبدئية للربط بين نهر الكونغو من مناطق المنابع بنهر النيل شمال منطقة بحر الغزال بحيث يدفع بضع عشرات من مليارات الأمتار من المياه إلى مجرى النيل الأبيض فى هذه المنطقة عن طريق حفر وصلة تأخذ مياهها من محطات رفع تعبر بالمياه مرتفعات المنابع، وتعكس مسارها إلى الشرق لتصب فى النيل ويمكن لهذا المشروع أن يزيد المخزون المائى لبحيرة ناصر أمام السد العالى بما يتراوح ما بين 60 إلى 80 مليار متر مكعب بما يغنى مصر تماماً عن مياه الفيضان الموسمية، التى تأتى من أثيوبيا عبر النيل الأزرق والمهددة بالنقصان المؤثر نتيجة لإصرار أثيوبيا على إنشاء ما تسميه بسد النهضة بمواصفاته المعلنة والتى تحدثنا عن أخطارها فى مقال سابق.

وبالقطع فإن زيارة وزير خارجية مصر لجمهورية الكونغو لم تغفل بحث استكمال هذا المشروع الذى بدأت عمليات المسح والإعداد فى منطقة تنفيذه فعلا إلى جانب حل مشكلة عودة مصر إلى أنشطة الاتحاد الإفريقى والمشروع عبارة عن محطة رفع عملاقة تقوم برفع المياه لاجتياز منطقة جبلية لا يزيد ارتفاعها عن 90 إلى 100 متر لدفعها إلى سفح المرتفعات الشرقى حيث تركب عليها مجموعة من توربينات توليد الكهرباء لتندفع بعد ذلك شرقا عبر مجرى مائى صناعى لتصب فى النيل الأبيض شمال غرب جمهورية جنوب السودان لتسير فى مجراه الطبيعى شمالا حتى بحيرة ناصر، وتستفيد من هذا المشروع دول أربع هى الكونغوالديمقراطية (600 ميجاوات كهرباء)، وتجفيف بعض المستنقعات وجمهورية جنوب السودان (زراعة ما يقرب من مليون فدان)، على شواطئ المجرى الصناعى وجمهورية السودان (انتظام الإيراد المائى للنيل الأبيض طوال العام وزيادة توليد الكهرباء من السدود السودانية)، ومصر (زيادة المخزون المائى بما لا يقل عن 45 مليار متر مكعب، من المياه)، فتصل مصر إلى الاكتفاء الذاتى من المياه، وتجد فائضاً لزيادة الرقعة الزراعية أوعلى الأقل تعوض ما سوف يسببه سد النهضة الأثيوبى من نقص فى الإيراد المائى لبحيرة ناصر.

ولكن هذا المشروع لا ينبغى أن ينسينا أن الزيادة السكانية المطَّردة ومشروعات استصلاح وزراعة الأراضى الضرورية لسد احتياجات هذه الزيادة، وتعاملنا غير السوى مع المياه وطرق الرى والإسراف غير المبرر فى استهلاك المياه العذبة وتلويث نهر النيل تتطلب منا ألا نغفل كل هذه الضرورات فى ترشيد استخدام المياه اعتمادا على أى مشروع مهما كانت فرص نجاحه فعلينا:

أولاً: أن نستخدم كل قدراتنا وقوتنا الناعمة والخشنة وعلاقاتنا الدولية لتحجيم مشروع سد النهضة وإعادته إلى تصميماته الأولى التى لا تضر بإيراد مصر المائى.

ثانياً: أن نسرع فى إنجاز مشروع ربط نهرى النيل والكنغوونستغل الفوائد التى ستعود من على الكونغو والسودان شماله وجنوبه لخلق موقف إقليمى قوى يناهض المشروعات المائية الأثيوبية التى تضر بمصر.

ثالثاً: أن نواصل القيام بحملات توعية لترشيد استخدام المياه ونتوسع فى برامج الرى بالرش والتنقيط بدلا من الغمر وإصدار القوانين الرادعة، لعقاب من يستخدم المياه العذبة (مياه النيل) فى غير أغراض الشرب والرى والاستخدام الشخصى.

رابعاً : إقامة مجموعة من مشروعات تحلية مياه البحر لإمداد المدن الساحلية على البحرين المتوسط والأحمر لتوفير مياه النيل والمياه الجوفية لأغراض الرى والزراعة .
فليس معنى تعويض مشروع ربط نهرى الكونغو والنيل لنقص الحصة المائية أن نهمل ترشيد الاستخدام وتنفيذ مشروعات مائية أخرى كلما سنحت لنا فرصة تنفيذها، كما أن اللجوء لاستخدام الطاقة النووية فى مشروعات تحلية المياه وتوفير الطاقة الكهربية يجب أن يوضع فى الاعتبار كمشروع مستقبلى قريب إن مصر غنية بإمكاناتها البشرية والطبيعية وعلينا أن ننظم استخدام هذه الإمكانات ونعظم العائد منها وأن نشق طريقنا إلى التنمية المستدامة بمجموعة من الطفرات التى تتمثل فى مشروعات قومية كبرى نحققها بالإرادة والتصميم وحسن الإدارة.
هل نستطيع ... أرجو.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة