عندما نتحدث عنها لابد أن نقول "مين إللى ميحبش شادية"، بالفعل من هذا الذى لا يعشقها منذ النظرة الأولى لها، فهى الفتاة رائعة الجمال الدلوعة الشقية، التى تخطف الأنظار من الوهلة الأولى لها، ورغم كل ما تتمتع به من رقة وجمال ودلع وصوت عذب، كانت أيضا ممثلة قديرة، فعندما قررت أن تمثل أثبتت للجميع أنها فنانة قديرة، ولا تحتاج للغناء فى أفلامها لتضيف لرصيدها، بل قدمت عدة أفلام دون أن تغنى فيها قدمت نفسها، كممثلة فقط فى أفلام "مراتى مدير عام"، و"الطريق"، و"اللص والكلاب"، "كرامة زوجتى" وأثبتت جدارتها فى التمثيل مثل الغناء، وتعد شادية أهم فنانة شاملة ظهرت فى تاريخ الدراما العربية، حيث ظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن.
كانت بوابة دخول شادية إلى عالم السينما بسلاحين هما الذكاء والوجه البرىء، تزينه ملامح الشقاوة، حيث استخدمت السلاح الأول مع والدها أحمد شاكر، الذى كان يرفض دخولها عالم الفن كما فعل مع شقيقتها عفاف، لكنها استغلت وجود المطرب التركى الشهير "منير نور الدين" مع عائلتها، وأقنعت جدتها بأن تطلب على الملأ أن تغنى لهم، ولبت الجدة طلب الحفيدة حيث كانت تحبها بشدة، وفعلا غنت شادية أو "فاطمة" – اسمها حيئنذ قبل احترافها الفن - وأعجب المطرب التركى بصوتها وأقنع والدها بضرورة أن يساعدها لكى تشق طريقها إلى عالم الفن والغناء.
وشهد عام 1947 أول تعارف بين شادية والجمهور من خلال فيلم "أزهار وأشواك"، من خلال دور ثانوى وقفزت إلى أدوار البطولة مباشرة فى نفس العام برفقة محمد فوزى من خلال فيلم "العقل فى أجازة"، والذى قام فوزى بتلحين أغانيه بطريقة خفيفة تتناسب مع صوت شادية الذى أدهش الجميع بأدائها المتميز لهذه الألحان، والذى جعل منها ملكة للأغانى الخفيفة على ساحة الغناء، وتم اطلاق اسم "شادية" عليها للمرة الأولى، على يد المخرج حلمى رفلة عندما اختارها لتقوم ببطولة فيلم "العقل فى أجازة"، الذى كان يعرفها منذ أن كانت تشارك فى اختبارات بدرخان لتشارك محمد فوزى بطولة فيلم «العقل فى أجازة»، وأجادت تجسيد دور الفتاة الشقية ليجد المخرجون ضالتهم وتشارك فى العديد من الأفلام السينمائية بدور الفتاة الدلوعة الصغيرة ومنها: «حمامة السلام» و«عدل السماء» و«الروح والجسد» و«نادية» و«كلام الناس» و«صاحبة الملاليم» و«ليلة العيد» و«البطل» و«ساعة لقلبك» وغيرها من الأفلام.
ولكن المخرج عاطف سالم رأى فى شادية أنها فنانة موهوبة أكثر من وجه جميل، يتمتع بروح الشقاوة، ولم يفكر كثيرا فى الأمر حتى عرض عليها فيلم «ليلة من عمرى» مع الفنان عماد حمدى، حيث جسدت فيه دور فتاة من الريف تقع فى حب مهندس ويتورطان فى علاقة وتنقلب حياتها رأسا على عقب، بعد أن يترك القرية ويسافر إلى أوروبا ويتعرف على فتاة جديدة ويرتبط بها، لتتمرد شادية على أدوار الفتاة الشقية لتقدم أدوارا مختلفة كان أبرزها عام 1962 من خلال دور «نور» فتاة الليل فى فيلم «اللص والكلاب» عن قصة الأديب المصرى العالمى الراحل نجيب محفوظ، وأجادت رسم تفاصيل الشخصية لدرجة أذهلت جمهورها وكاتب الرواية نفسه، إلا واحدا فقط هو المخرج كمال الشيخ، كان يثق فى قدرتها الفنية.
ولم تغن شادية فى العمل كعادتها، وحرص المخرج على إظهار موهبتها التمثيلية، وقدمت النجمة دور الفتاة الغانية دون ابتذال أو إثارة للغرائز، كما ظهرت شادية على أفيش الفيلم بشكل مميز وتصدر اسمها فوق أسماء شكرى سرحان وكمال الشناوى.
ويبدو أن نجاحها فى الفيلم وشعورها بأنها قدمت شيئا مختلفا، جعلها تتحمس لتقديم فيلم ثان مأخوذ عن رواية لنجيب محفوظ أيضا بعنوان "زقاق المدق" للمخرج حسن الإمام، حيث جسدت دور الفتاة المتمردة "حميدة"، لتشبع شادية عشقها للتمثيل من خلال العديد من الأفلام التى كشفت عن موهبة حقيقية تتمتع بها النجمة المعتزلة منها "شىء من الخوف" مع الفنان الراحل محمود مرسى.
وكانت المفاجأة التى أذهلت شادية نفسها عندما عرض عليها المخرج فطين عبد الوهاب 1969 تجسيد دور فتاة عانس فى فيلم "نص ساعة جواز"، حيث ضحكت شادية عندما قرأت السيناريو، لكن المخرج أوضح لها أنه سيكسر صورة الفتاة العانس الدميمة التى كانت طاغية على الأفلام السينمائية حينئذ، ووافقت شادية على الفيلم المأخوذ عن قصة "زهرة الصبار"، ولاقى الفيلم نجاحا كبيرا لدى الجمهور، لتواصل النجمة أفلامها الناجحة واحدا تلو الآخر، حتى جسدت دور الأم المغلوبة على أمرها فى فيلمها الأخير "لا تسألنى من أنا"، وأعلنت بعده اعتزال السينما، راغبة فى أن تحافظ على صورتها لدى الجمهور وتتفرغ للعبادة.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
سيده القلوب العربيه