فيما يتضمن الدور الثانى المكتب الخاص ومكتبته المليئة بالكتب، ورغم تشقق جدارانه إلا أن ورثته رفضوا ترميمه حفاظاً على الشكل الذى تركه العقاد، ولازالت الأسرة تحتفظ ببعض الأوراق الخاصة بالعقاد ومنها اشتراك عداد الكهرباء الذى يحمل اسمه، وشهادات تكريم له.
ورغم مرور نصف قرن على رحيل العقاد إلا أن أفكاره وآراءه ما زالت بمثابة خيط نور يضىء أمامنا الطريق وسط هذه الضبابية والاحتقان الذى يكتنف ويسيطر على المرحلة الراهنة، والتى نحتاج فيها لعطاء وفكر ووطنية عباس العقاد الذى ألهب بعبقريته المتجددة روح التغيير والإبداع والإصلاح فى الشعر والفكر والأدب والحياة السياسية فأضاءت للأجيال السابقة والحالية طريق الحق من أجل الوطن وحماية أبنائه من التشتت وطمس هويتهم الثقافية وتراثهم الأصيل.
لقد تجلى أثر فكرة الحرية ومقاومة الاستبداد فى العديد من المقالات لدى العقاد ومجموعة من مؤلفاته التى ملأت قلوب القراء بالأمل والثقة والإحساس بالكرامة، حيث كان فى طليعة كتُاب ثورة 1919 فلم يتخلف عن معركة من معاركها، بل كان دائماً فى المقدمة، أقوى سلاح استعان به المصريون خلال نضالهم الشعبى، لدرجة أن بلغ إعجاب سعد زغلول به فنعته بأنه "كاتب جبار المنطق".
اهتم العقاد بالعديد من القضايا التى تشغل المجتمع، فكان دوره الكبير فى الدفاع عن الحرية الفكرية والدايمقراطية، بجانب دفاعه عن الدستور غير مبال بسخط الساخطين، وصدامه مع سعد زغلول إزاء موقفه من نشر طه حسين لكتاب "الشعر الجاهلى" عام 1926، عندما اعترض زعيم الأمه على هذا الكتاب، وبرغم خلاف العقاد مع طه حسين إلا أنه وقف بحوار حرية الرأى، وكذلك نقده لمعاهدة 1936 مؤكداً على مواقفه السياسية المدافعة عن الدستور والمناهضة لسياسة الحكم المطلق للملك فؤاد.
لقد وصف أديب نوبل نجيب محفوظ العقاد "بأنه الحرية بكل ما تعنى الكلمة من أبعاد، لأن الحرية عنده هى كل شىء فى حياته الفكرية، هى الجمال فى فلسفته، الدايمقرطية فى سياسته، وهى الفردية فى رأيه الاجتماعى.
فالعقاد لم يولد مرفهاً ولكنه امتلك إرادة عظيمة فى صنع ذات مختلفة بكل المعانى".






