مع بداية الإعلان عن قرب عرض فيلم نوح للنجم الأمريكى راسل كرو، والمخرج دارين أرنوفسكى كنت أعرف أن المعركة قادمة، وهناك من سيجهزون على الفيلم قبل مشاهدته، ويطالبون بمنع عرضه، ليس ذلك فقط، بل إن المزايدات وصلت بالبعض إلى المطالبة بهدم، دور العرض، التى تتجرأ وتعرض الفيلم، وهى جريمة الخطاب التى رفضها وأدناها الأزهر الشريف بشدة، حيث أصدر شيوخه السمحاء بيانًا أكدوا فيه رفضهم لعرض الفيلم، وطالبوا وزارة الثقافة والإعلام بالتصدى للفيلم، ومنع عرضه، انطلاقا من تحريم تجسيد الأنبياء.
وبالطبع كل الاحترام والتقدير، للعلماء الموقرين ومؤسسة الأزهر الشريف وشيختها الجليل أحمد الطيب، ولكن سبق للأزهر وخاض العديد من المعارك فى تلك المنطقة، حيث سبق وأصر علماؤه الأفاضل على منع عرض فيلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد، لتناوله حياة الرسول، دون أن يفكر شيخًا جليلًا فى مشاهدة الفيلم واستبيان حقيقة ما يحمله من أفكار، ووقتها تعاملوا مع الفيلم على أنه مصنف محرم، لا يجوز الاقتراب منه، رغم ما كان يحمله الفيلم من رسائل إيجابية، وسمحة عن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، ليس ذلك فقط بل كان يحتفى بقيم الإسلام النبيلة، فى وقت كان من السهل فيه وصف أى مسلم بأنه إرهابى.
وعرض الفيلم فى دول مختلفة من العالم، وعلى الكثير من الفضائيات الأجنبية والعربية، وظل ممنوعًا من العرض فى مصر لأكثر من ٣٠ عامًا، بعد أن أدرك الكثيرون من الرقباء، والمشايخ سوء تقديرهم للموقف، ونفس الأمر تكرر، مع فيلم آلام المسيح، ومسلسل عمر بن الخطاب، والذى شهد أكبر معركة دينية - إعلامية، خصوصا وأنه كانت هناك حالة من الانقسام بين الشيوخ أنفسهم، البعض أجاز التجسيد استنادا لأنه لا يوجد نص صريح، والآخرون ظلوا متمسكين بموقفهم.
الفيلم لم يتحدد مصيره حتى الآن، والشيوخ يتمسكون بموقفهم، وهناك دول عربية قررت منع الفيلم دون مشاهدة النسخة من الأساس، بمنطق إراحة "الدماغ" من الجدل، ولكن المدهش حقاً أن وسط هذه الضجة أكد رئيس الرقابة على الأفلام الأجنبية عبدالستار فتحى أنه لا يمانع فى عرض الفيلم، خصوصا وأن الضجة المثارة تجاهه، مبالغ فيها فالفيلم يستلهم قصة نوح ولا يجسدها، وهو نفس الأمر الذى أكده وسيم عادل مسئول توزيع الفيلم فى مصر، والمنطقة العربية.
فهل فى وسط كل هذا الصخب والضجة المثارة نطمع فى رجاحة عقل وسماحة شيخ الأزهر بأن يوافق على إقامة عرض مصغر يحضره عدد من النقاد والمشايخ لرؤية الفيلم ثم الحكم عليه، لأن مبدأ المنع أثبت عدم جدواه فى ظل التطور التكنولوجى، الذى نعيش فيه، ومن يرغب فى الوصول للفيلم سيصل إليه، كما أننا بحاجة إلى أى عمل يحمل قيمًا إنسانية نبيلة، تحض على السماحة وتنبذ العنف، وأين سنجدها؟ إلا فى استلهام سير الأنبياء والصحابة.
عدد الردود 0
بواسطة:
اسكندرانى
مع عرض الفلم