تنوعت وسائل تعبير المصريين عن غضبهم أثناء ثورة 1919، فبينما كانت المظاهرات تعم البلاد منذ أن تفجرت الثورة يوم 9 مارس، حدث تطورا نوعيا فى مثل هذا اليوم 12 مارس، تمثل فى قطع المواصلات بكافة أنواعها.
كانت المظاهرات امتدت من القاهرة إلى الإسكندرية وطنطا ودمنهور والمنصورة وشبين الكوم والزقازيق والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط، ومع اتساع نطاقها كانت تتسع وسائل التعبير عن الغضب، حتى بلغت ذروتها بوسيلة قطع المواصلات، لتشمل خطوط السكك الحديدية وأسلاك البرق والتليفون،وكان خط القطار الواصل بين طنطا وتلا هو أول الخطوط التى تم قطعها، وامتدت إلى مختلف الخطوط لتنقطع المواصلات بين القاهرة والأقاليم، وبين البلاد بعضها وبعض، وتعذر على الناس أن ينتقلوا من جهة إلى أخرى إلا بطريق المراكب فى النيل والترع.
يستفيض المؤرخ "عبد الرحمن الرافعى" فى كتابه عن ثورة 1919، فى ذكر مسألة قطع المواصلات بكافة أنواعها، ويذكر تجربة شخصية له فيها تتمثل فى سفره من القاهرة إلى المنصورة عبر مركب من النيل، بعد قطع كل وسائل المواصلات بين القاهرة والأقاليم.
وفى تقريره عن الأحداث، قال اللورد ملنز يوم 16 مارس:"قطعت سكك الحديد والأسلاك التلغرافية فى القاهرة وبين الوجهين القبلى والبحرى، وقطعت المواصلات ما بين القاهرة والوجه القبلى، ولم يأت يوم 18 مارس حتى كانت مديريات البحيرة والغربية والمنوفية والدقهلية قد جاهرت بالثورة ".
ولما وصلت الأنباء إلى العاصمة عن قطع السكك الحديدية، أصدر القائد العام للقوات البريطانية بلاغا، يتوعد فيه كل من يتلف أو يشرع فى إتلاف خطوط المواصلات الحديدية أو البرقية أو التليفونية بالإعدام رميا بالرصاص، وبالرغم من إرسال هذا الإنذار إلى المحافظين والمديرين لتعليقه فى المدن والبنادر والقرى، إلا أنه لم يؤد إلى شىء .
وفى محاولة أخرى لوقف هذا الخطر، قررت السلطة العسكرية تحميل القرى التى تتلف بالقرب منها السكك الحديدية نفقات إصلاحها، وكذلك المحطات المحترقة بالقرب منها، وتصاعدت حدة التهديد بإعلان السلطات أنها ستحرق القرية التى هى أقرب من غيرها لمكان التدمير، واستهدف هذه التهديد تحديدا إنزال العقوبة الجماعية للقرى لتحفيزها على أن يقوم أهلها بحراسة خطوط السكك الحديدية، والقبض على الذين يقومون بتخريبها وتسليمهم إلى السلطات .
واستدعى الجنرال "بلفن" القائد العسكرى العام بالنيابة، بعض الأعيان والوزراء السابقين إلى مركز القيادة البريطانية لمناقشة هذه القضية، وأبلغهم أنه إذا استمرت هذه الحوادث سيقوم بتدمير العمائر والبيوت وإحراق القرى، وقال لهم:"استدعيتكم إلى هنا لأنذركم هذا الإنذار، واعلموا أنه آخر ما أواجهه من الإنذارات، فاعملوا كل ما فى وسعكم لتهدئة الأهالى، ومنعهم من إحداث القلاقل، وإلا فإننى منفذ خطتى".
استخدمت السلطات العسكرية عدة إجراءات منها استخدام الطائرات الحربية فى بعض النواحى للسهر على حماية خطوط السكك الحديدية، وحدث أن أطلقت النيران على بعض الطائرات وهى تقوم بأعمال دورية، فردت الطائرات بقاذفات مدفعية فوقع قتلى وجرحى، ومنعت السلطات خروج الناس من منازلهم من التاسعة مساء حتى الرابعة صباحا، كما قررت منع انتقال سكان القرى من قرية إلى أخرى من غروب الشمس حتى شروقها.
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم..12 مارس 1919.. ثورة 1919 تشتعل بقطع السكك الحديدية وكافة المواصلات
الأربعاء، 12 مارس 2014 08:37 ص
ثوره 19
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة