عجيب أمر وزارة الثقافة فعلاً..؟ أمرها عجيب ومحير للدرجة؟ أطرح السؤال ولا أعلن معلومة، وكالعادة سيجد الكثيرون من المعنيين بالأمر أن السؤال ليس موجه لهم، وأعتقد أنهم سيديرون ظهرهم للسؤال، وسيديرون ظهرهم للإجابة، وسيحاولون أن يبرروا عدم الإجابة عن السؤال
بأن السؤال ليس موجها لهم، حسنا أنا أوجه هنا السؤال إلى رئيس الحكومة الجديدة المهندس إبراهيم محلب، الرجل الذى ظل محتاراً فى تلقى أسماء المرشحين للوزارة، لكن المثقفين خذلوه، فقرر إبقاء الدكتور صابر عرب على مقعده، وزيرا لفترة وزارية رابعة.
ولكن السؤال الذى أود طرحه هنا على المهندس إبراهيم محلب، الرجل المعروف بحزمه وقوته، وتصريحاته المقاتلة «اللى مش هيقدر يخدم يروح» وتصريحاته الحزينة أيضاً «البلد ضاع منه الحب»، أود أن أسأله: «لماذا لم تتخذ قراراً حازماً بإلغاء وزارة الثقافة؟ لماذا تبقى على حقيبة وزارية ينالك منها العبث وانقسام أهلها والمعنيين بها
ووجع الدماغ والرأس؟ هل ترى فى وزارة الثقافة مغنماً كبيراً يدعو للاحتفاظ بهذه الحقيبة الوزارية التى يستمر إخفاقها مع تمدد الجهاز الإدارى بهذه الوزارة، وهيمنته على ميزانيتها، وابتلاعه فى بند رواتبه ومكافآته، المبالغ المالية المخصصة لدعم أنشطة ثقافية، ومشروعات مهمة لنشر الثقافة إلى ربوع المحافظات المصرية، وكسر المركزية الثقافية التى ينعم بها مثقفو القاهرة الجالسون نهاراً فى المكاتب المتاخمة لمكتب الوزير، وليلاً على مقاهيها.
فى الوقت الذى كان فيه الوزير يرقص على أنغام الفرق النوبية فى حفل ختام «سمبوزيوم» أسوان الدولى للنحت، وأنا هنا لا أعيب على الرجل الرقص، فالرقص أمر جميل
لكن بالتزامن مع ذلك، كان هناك مشروع جاد يطلقه معهد جوته الألمانى، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى، لتدريب النشطاء فى العمل الثقافى، على إدارة وتأسيس مشروعاتهم الثقافية، فى المحافظات المصرية البعيدة، المحرومة من الاهتمام الثقافى، رأيت هناك حوالى عشرين شابا، يعملون بدون دعم رسمى من الدولة، لا يجدون من يدعمهم، لعمل نشاط ثقافى ما فى محافظاتهم، فى الحقيقة الأمر مثير للحنق والضيق، وإن كان «سمبوزيوم النحت» يهتم بفن رفيع المستوى، ويشرف عليه صندوق التنمية الثقافية، ويدير ورش للفنانين الشبان فى هذا المجال، فإن هناك أنشطة ثقافية أخرى مهملة، منها دعم المشروعات الثقافية المعطلة مثل الوصول للشباب فى أطراف محافظات مصر، وبحث احتياجاتهم التى توقف أعمالهم الفنية، وتجعلهم يدقون أبواب المراكز الثقافية الأجنبية.
أنا لا أجد عيباً فى دق أبواب المراكز الثقافية الأجنبية لكن ما هو دور وزارة الثقافة الحقيقى فى دعم شباب الفنانين الذين لا يستطيعون استكمال مشروعاتهم الأدبية والفنية؟ إذا كنا لا نجد للوزير دوراً، فلماذا نضطر للإبقاء على هذا المنصب، فى ظل تعثر وتعطل مشروعات ثقافية كبيرة، ولماذا لا ننظر إلى تجارب الدول الأوروبية التى انتبهت إلى ضرورة الفصل بين سلطتها التنفيذية، والعمل الثقافى والإعلامى، لا يوجد وزير للثقافة فى دولة مثل سويسرا، وكذلك ألمانيا، ودول أخرى، لدينا مؤسسات ثقافية حكومية، تابعة للبرلمانات الأوروبية، تعمل على دعم المشروعات الكبيرة، وصيانة المتاحف، والمنشآت، ودعم السينما، وحماية العمل الثقافى، وسن قوانين الملكية الفكرية، ومحاربة القرصنة، وصيانة أرشيف هذه البلدان الأوروبية وتراثها، وفتح المكتبات فى كل بقاعها.
فرنسا على سبيل المثال، تملك وزارتها الخارجية شبكة واسعة النطاق من الإدارات والمؤسسات الثقافية الفرنسية فى الخارج، على حسب موقع الدبلوماسية الفرنسية، الذى يمكن لقارئ هذه السطور أن يبحث عنه، ويكتشف بنفسه، هول القوة الثقافية الفرنسية، وتمدد مؤسساتها المختلفة، التى تتنافس على دعم المثقفين والفنانين فى أنحاء العالم، ونشر الثقافة الفرنسية فى نفس الوقت، فهناك 101 معهد فرنسى خارج فرنسا، تنظم خمسين ألف نشاط ثقافى كل عام، فأين نحن من هذا التوسع الثقافى الهائل؟، وماذا فعل منصب وزير الثقافة فى مصر، سوى فرض هيمنة السلطة، وتقريب بعض المحسوبين المحظوظين، والتنكيل بالمجهولين المغمورين غير المعروفين وغير المشهورين وغير المعلومين للسيد الوزير وسكرتارية مكتبه.
وجدى الكومى يكتب : «ما تلغوها».. عن وزارة الثقافة أتحدث : المثقفون محرومون من دعم الدولة ويلجأون للمراكز الأجنبية
الإثنين، 10 مارس 2014 06:52 ص
وزارة الثقافة