قال معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى هو جزء من جيل جديد من قادة الجيش المصرى، الذين تلقوا تعليمهم العسكرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، ممن يميلون أن يكونوا أكثر تكيفا مع التهديدات الأمنية المتغيرة سريعا فى أنحاء المنطقة.
وأضاف فى تقرير كتبه الزميل الحديث فى المعهد عادل العدوى، أمس الجمعة، أن علاقات السيسى الوثيقة مع مراكز القوى المختلفة، خاصة ممن هم من نفس جيله من زملائه العسكريين، يعزز من آفاق دعمه إذا أصبح رئيسا للجمهورية.
وبالنظر إلى فرصه الجيدة للغاية فى الفوز بالانتخابات، فسيكون من قصر النظر لدى واشنطن، أن تخاطر باستثمارات عمرها ثلاث عقود مع الجيش المصرى من خلال إطالة أمد تعليق المساعدات العسكرية.
ويتابع أنه علاوة على ذلك، فإن تركيز السيسى الكبير على مكافحة الإرهاب مقارنة بأسلافه العسكريين، يخلق فرصة نحو العمل على أفضل المصالح الأمنية الإستراتيجية المتبادلة، فلقد أظهر وزير الدفاع نمطا من القيادة الأكثر ودا وثقة من أسلافه، فعلى سبيل المثال، كان واحدا من أول قراراته هو تعيين متحدث باسم الجيش "شاب"، وهو العقيد أركان حرب أحمد على. وهو الأمر الذى كان يصعب تخيله فى عهد المشير السابق محمد حسين طنطاوى.
ووفقا لعدد من كبار الضباط، فإن السيسى أصبح أكثر انخراطا بكثير من سابقيه فى الذهاب إلى الميدان، وإحاطة نفسه بصغار الضباط لرفع الروح المعنوية داخل المؤسسىة، بالإضافة إلى ذلك، فإنه ابتعد عن أسلوب القيادة الهرمية الصارمة، النمط الذى فصل طنطاوى وأقرانه تدريجيا، وعزز الاستياء داخل الجيش، وقد أظهر من البداية نهج لاعب الفريق، خاصة بالنظر إلى صغر سنه وحاجته إلى كسب احترام أكثر من كبار الزملاء، وقد قام بتعيين نائبه صبحى صدقى، الذى هو أصغر سنا، لكن أعلى مرتبة من الناحية الفنية.
ويقول المعهد الأمريكى، إن نهج السيسى أكسبه سريعا شعبية وساعده للحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية، ويكشف أن هذا كان محل اختبار فى الفترة التى سبقت انتفاضة 30 يونيو، عندما حاول الإخوان أن يحلوا اللواء أحمد وصفى، زميله المقرب، بدلا منه، لكن هذه المناورة فشلت، وأعلن اللواء وصفى فى اتصال هاتفى مع قناة "MBC" مصر، يوم 4 يوليو 2013 تماسك الجيش، وأن المؤسسة غير قابلة للكسر.
كما يبدو أن السيسى كان فعالا فى بناء التحالفات بين المؤسسات المتنافسة فى السابق، ففى عهد مبارك، تم استخدام الداخلية وجهاز الشرطة كثقل موازن للمؤسسة العسكرية، وهو ما تسبب فى إساءة العلاقة بين المؤسستين، لكن منذ تولى السيسى منصب وزير الدفاع فى أغسطس 2012، تحسنت العلاقة بين الطرفين تدريجيا.
وأثبت السيسى الوعى بالحاجة لإظهار الدعم السياسى الواسع، لاتخاذ القرارات الكبرى، فعلى سبيل المثال، أثناء إعلان عزل مرسى فى 3 يوليو الماضى، كانت تحيط بالسيسى مجموعة واسعة من الشخصيات العامة والسياسيين، وحتى عندما طلب تفويضا شعبيا يوم 24 يوليو لمحاربة الإرهاب، كان متأكدا أن الناس ستقبل بحملة مكثفة ضد قيادة الإخوان.
لكن ما هو أقل وضوحا، يقول المعهد، هو كيف يمكن للسيسى معالجة المشاكل الهيكيلة الاقتصادية الاجتماعية العميقة كرئيس، إذ أنه لم يعمل على مثل هذه القضايا فى الماضى، وبدلا من ذلك فإنه أبقى النظر بعيدا عن الإصلاح الهيكلى للإعانات، الأمر الذى يعتبر بالغ الأهمية للتقدم الاقتصادى، ولكنه حساس جدا من الناحية السياسية.
ويخلص التقرير إلى أن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة فى مصر والتهديدات الأمنية جعلت مهمة الرئيس المقبل صعبة للغاية، وقدرة أى رئيس جديد فى الحفاظ على قوة التكوين المؤسسى الحالى ستكون حاسمة فى بيئة محلية ودولية صعبة، وفى هذا الصدد فإن الخلفية المهنية للسيسى، باعتباره الرجل القوى ذو العلاقات الوثيقة مع القيادة العسكرية فى مصر ومختلف حكومات دول الخليج، يعطيه ميزة على المرشحين المحتملين الآخرين.
ويتبقى عليه أن يعبر بوضوح عن آرائه فيما يتعلق بالحكم والاقتصاد والقضايا السياسية الدولية، فنجاحه يتطلب تشكيل فريق رئاسى تكنوقراطى على استعداد لاتخاذ القرارات الجريئة، ويفى بوعده لشعب متعطش لحياة أفضل.
معهد واشنطن: السيسى استطاع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية وتوطيد العلاقة بين مؤسسات الدولة.. والإخوان فشلوا فى محاولة تقسيم الجيش.. والمشير يتمتع بمميزات تفوق غيره من المرشحين للرئاسة
السبت، 01 مارس 2014 11:14 ص