ليس بالجواسيس فقط تحيا إسرائيل.. أجهزة استشعار عن بعد وطائرات بدون طيار ترصد التحركات على حدود مصر.. والعنصر البشرى عامل رئيسى لرسم الخطط والسياسات الأمنية لتل أبيب.. و"عوفاديا" جزء ضئيل من الشبكة

السبت، 08 فبراير 2014 01:46 م
ليس بالجواسيس فقط تحيا إسرائيل.. أجهزة استشعار عن بعد وطائرات بدون طيار ترصد التحركات على حدود مصر.. والعنصر البشرى عامل رئيسى لرسم الخطط والسياسات الأمنية لتل أبيب.. و"عوفاديا" جزء ضئيل من الشبكة أحد عناصر شبكة التجسس الإسرائيلية عوفاديا
تحليل يكتبه – محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما تم الإعلان عنه مؤخرا من سقوط شبكة تجسس إسرائيلية على يد أجهزة الأمن المصرية، والتى عرفت إعلاميا بـ"شبكة عوفاديا"، ما هو إلا جزء ضئيل للغاية، مما هو عليه فى أرض الواقع، فشبه جزيرة سيناء منذ السنوات القليلة الماضية مرتعا وأرضا خصبة لأجهزة استخبارات إسرائيل بذراعيها المدنى "الموساد" والعسكرى "آمان"، وهو الأمر الذى لا ينفيه الخبراء الأمنيون والإستراتيجيون فى الدولة العبرية من خلال تقاريرهم وأبحاثهم الإستراتيجية بمراكز أبحاثهم التى يقدمونها لصانعى القرار هناك.

فمن المتعارف عليه أن إسرائيل فى الأساس تعتمد على الأمن بشكل كلى منذ قيامها عام 1948، بل تعتمد على إستراتيجية "الضربة الاستباقية" قبل أى مواجهة سواء كانت عسكرية أو غيرها، فالأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترصد وتحلل كل ما يدور حول حدودها شمالا مع لبنان وسوريا، وشرقا مع الأردن والضفة الغربية وجنوبا مع مصر، خاصة وأن سيناء أصبحت بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 تحديدا مرتعا للجماعات الإرهابية والتكفيرية المسلحة التى تهدد فى الأساس الأمن الإسرائيلى، بجانب تكديرها للأمن القومى المصرى.

وصنعت إسرائيل بعد الثورة العديد من الخطوات الاستباقية لحماية أمنها على طول الحدود المصرية المترامية الأطراف، والتى يبلغ طولها حوالى 270 كم من مدينة رفح شمالا حتى إيلات جنوبا، فقامت ببناء جدار "عابر للصحراء" على ارتفاع 5 أمتار زودته بأحدث أجهزة الرصد والاستشعار عن بعد، بل وقامت بزيادة الوحدات العسكرية المقاتلة على رأسهم كتيبة "قطط الصحراء" ووحدات النخبة المتخصصة من لواء "جفعاتى" لمواجهة المتسليين من الإرهابيين ومهربى المخدرات والسلاح أو المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة.

ولم تكتف تل أبيب ببناء الجدار الفاصل الإلكترونى وتزويده بأحدث أجهزة التجسس، بل نصبت قواعد رادارات متطورة على طول الحدود يمكنها كشف عمق سيناء، بجانب تحليق الطائرات بدون طيار التى تحلق على مدار 24 ساعة لرصد كل ما يتحرك على الأرض قد يثير شبهة أمنية تؤثر على الأمن الإسرائيلى، وهو ما حدث بالفعل قبل مجزرة رفح الأولى عام 2012، والتى استشهد فيها 16 جنديا من جنود قواتنا المسلحة، ولكن على الجانب الآخر كانت تستعد إسرائيل بعد رصد حركات مشبوهة على الجانب الآخر من الحدود، وقامت بضرب المدرعة المصرية التى سرقها الإرهابيون عقب اختراقها للحدود الإسرائيلية ولم تحدث أى خسائر بشرية تذكر على الجانب الإسرائيلى.

مما سبق من تجهيز إسرائيل نفسها أمنيا وعسكريا واستخباريا لم يكن كافيا لمتابعة ورصد كل ما يدور على الأرض داخل شبه جزيرة سيناء، فالعنصر الإلكترونى ليس كافيا من جهة نظر القادة الأمنيين فى إسرائيل، بل إن "العنصر البشرى" يظل فى علوم الاستخبارات هو العامل الرئيسى للرصد والمتابعة والتحليل والتجسس لرسم الخطط والسياسات الأمنية، لمواجهة أى خطر محتمل للأمن القومى الإسرائيلى، وعليه تقوم إسرائيل بتجنيد عملاء لها داخل سيناء بالعديد من الإغراءات تأتى على رأسها الإغراءات المالية، فمنذ قيام دولة الاحتلال على أراضى فلسطين لم تكف عن تجنيد عملاء فى مصر وإرسال جواسيس بها، ولعل أرشيف جهاز المخابرات والصحف المصرية خير شاهد على سقوط العديد من تلك الشبكات العميلة للكيان الصهيونى.

وللأسف كل ما يتم الإعلان عنه من سقوط شبكات تجسس داخل مصر ما هو إلا جزء ضئيل من العملاء الموجودين على شبه جزيرة سيناء، والتى خربها الإهمال الأمنى طوال فترة النظام الأسبق فى عهد الرئيس المخلوع مبارك، وزاد من شقائها فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسى، الذى سمح للجماعات الجهادية التكفيرية بالعيش فيها دون مسائلة، فوجود تلك الجماعات الإرهابية تشكل خطرا كبيرا على الأمن الإسرائيلى، الأمر الذى يجعلها باستمرار تضع كل خبراتها وطاقاتها الأمنية والاستخبارية لرصدها مواجهتها قبل حدوث الكارثة وهو ما أشرنا إليه من قبل بنظرية "الضربة الاستباقية"، وبالتالى على أجهزة الأمن المصرية أن تكون متربصة لتلك الشبكات التى تعبث بأمن مصر، وأن تستنفر الهمم لمواجهة الأخطار وتستخدم أحدث التقنيات والأجهزة لإسقاط كل من يريد الشر لبلادنا.

لذا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن الإعلان عن سقوط أى "شبكة تجسس" لا تتم إلا بـ"قرار سياسى" فى توقيت معين وظرف معين لغرض معين، وهو "إلهاء الرأى العام" بقضية كبيرة تكون محور حديثهم واهتماماتهم فى ذلك التوقيت قد يكون تغطية على تقصير أمنى فى بعض المهمات المكلف بها جهاز الأمن فى مصر، والشاهد الأكبر على هذا الإعلان عن قضية "شبكة عوفديا" فى ذلك التوقيت رغم أن الشبكة قد سقطت وفقا لتحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى شهر مايو 2013.

هناك قضايا تجسس أخرى بالعشرات داخل أروقة الأجهزة الأمنية السيادية لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، ومع ذلك لازالت الأجهزة الأمنية والسياسية تتعمد استخدام نفس الأساليب القديمة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة