نقلا عن اليومى :
حاوره: سعيد الشحات
فى إيمان الرأسمالى بـ«العدالة الاجتماعية» منافع له ولبلده، وفى إيمانه بأن الانتماء إلى الوطن لا يجب أن يكون لغة إنشائية، طريق للبحث عن مشروعات عملية تضيف إلى التنمية الحقيقية.
من هذه العينة تجد أسماء فى مصر، رغم الغبار الذى يهب من بعض رجال الأعمال فى، السلوك، الممارسة، الاستعلاء، ويقودك كل ذلك إلى سؤال: كم رأسمالياً فى مجتمع مثل مصر تعطيه، احترامك، نقدك، رؤيتك، فلا تجده متبرما، متعاليا، لا يحدثك بوصفه يمتلك ملايين تقفز إلى مليارات.. من هؤلاء رجل الأعمال المهندس سميح ساويرس، سألته عن طبيعة رجال الأعمال فى مصر، فأجابنى: مثلهم مثل أى فئة فى المجتمع، تجد فيهم الصالح والفاسد، بعضهم يهوى تسليط الأضواء عليه، وطالما يهوى ذلك فعليه تحمل التبعات، صدقنى فيه كثير من رجال الأعمال «كويسين»، ممكن أعد لك أسماء شيدت مشروعات، وطبعا فيه أسماء أخرى ليست كذلك؟ أسأله: «مثل من؟»، يضحك: «بلاش، الناس مبقاش يخفى عليها حاجة، المهم من أجل المستقبل يكون فيه تقدير لرجل الأعمال الجد، رجال الأعمال الحقيقيين اللى بيبنوا بجد».. يعنى إيه تقدير، هل تقصد إشادات؟ هكذا سألته؟ فأجاب: «لا، لا، يعنى أن تقوم الحكومة بتذليل العقبات البيروقراطية، طالما تجد أمامها مشروعا جادا، وطالما تجد المشروع وصاحبه فى التزام بالقانون، ليس المطلوب أن يأخذ رجل الأعمال وضعا استثنائيا يضرب به عرض الحائط بالقانون، لا أقول ذلك، ومن يطلب هذا لابد من خلعه، لابد من محاسبته، صدقنى عدالة القانون هى حماية للجميع للغنى والفقير، لرجل الأعمال والموظف، لكل المجتمع بتنويع فئاته».
«رأيك صحيح، لكن الناس تتصور أن رجل الأعمال يقدر يخلص كل حاجة، تتصور أن الحكومة ترفع له القبعة، تتصور أن بمقدوره أن يشق الأرض بعصاه، يستطيع أن يأمر الحكومة ولا تأمره»، هكذا كان تعليقى على ما ذكره المهندس سميح، فضحك قائلاً: «هذه من التصورات الشائعة الخاطئة، رجل الأعمال تقابله المشاكل من جنس عمله، شأنه شأن الآخرين فى المجتمع، رجل الأعمال من الممكن أن يدوخ فى تسجيل شركة وإنجاحها طبعا بالطرق المشروعة، أما غير المشروعة فلا تسألنى عنها»، أسأله: «من السبب فى صناعة هذه التصورات؟»، فيجيب: «حاجات كثيرة، سياسة، صحافة، حكومة، رجال أعمال بسلوكياتهم، مش عارفين حدود دورهم، لو يعرفوا دورهم سيعبرون بالمجتمع إلى مستقبل أفضل».
بيانات شخصية
من البيانات الشخصية.. الاسم: سميح أنسى ساويرس.
- مواليد: 1957.
- مؤهل علمى: دبلوم هندسة ميكانيكية من جامعة برلين التقنية.
- الوظيفة: رئيس شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية.
- الأعمال: مشروعات موزعة على 9 دول فى 3 قارات.
فى باقى البيانات تجد معلومات أخرى مثل: دراسته فى مصر فى المدارس الألمانية حتى الثانوية العامة، ومنها إلى ألمانيا، ينتمى لعائلة يمكن وصفها بـ«البنائين»، شركته الأولى هى: «المصنع الوطنى للقوارب البحرية عام 1980»، أى أنه دخل عالم البيزنس من باب الصناعة، وليس من باب التجارة والشطارة، وهناك فرق بين الحالتين، تتذكر معه الحوار الذى دار فى مسلسل «ليالى الحلمية» بين سليم البدرى وابنه «على»، تفاخر على بأنه بنى «امبراطورية البدرى»، فرد عليه «سليم»: «امبراطورية ايه اللى بتتكلم عليها، فين الصناعة، أبوك وجدك رجال صناعة».
لم يستمر مصنع «سميح»، لأسباب كثيرة، يتذكر مثلا: الجمارك التى كانت على المعدات أكثر بكثير من استيراد المركب، يعنى خراب بيوت للى عايز يصنع مراكب، ولما كنت أصرخ: يا جماعة أمال انتم بتتكلموا عن تشجيع الصناعة إزاى، أجد الإجابة همسا: «خلى بالك أصل فلان بيستورد مراكب، وبعدين فيه حماية له من المسؤول الفلانى».
سميح متوسط الطول، خفيف الحركة، ملابسه المفضلة «كاجول»، تعطيك إشارة لا تخطئ عن «عمليته»، كنت أحاوره بينما صوت الموسيقى عاليا، طلب بذوق رفيع: «من فضلكم خفضوا الصوت»، بين المطلب والاستجابة مرت دقائق، قال فيها: «التركيز يحتاج إلى هدوء»، كان الحديث عن صناعة المراكب يعيده إلى أيام مضت: «فى فترة دراستى فى ألمانيا، كان معى دارسون من تركيا، وفى فترة الإجازة يعودون ليتحدثوا عن الانفلات الأمنى عندهم، وعن تدهور الأحوال الاقتصادية، كنت أسمعهم متعجبا، فما يحدث عندهم لا يحدث عندنا، شوف تركيا فين دلوقتى اقتصاديا، وإحنا فين».
يواصل: «نحتاج إلى جهود جبارة، إلى عمل لا ينتهى، إلى تضافر الجهود، إلى طريق نعرفه ويعرفنا، إلى أفكار خلاقة خارج الصندوق»، إلى إرادة قوية، أقاطعه: «مثل مشروع بناء الـ1000 مدرسة التى اقترحتها»، يرد: «وغيره»، يضيف: «أنا اقترحت الـ1000 مدرسة، يا ريت يبقى فيه حد يقترح «1000 مستشفى»، يوضح: «الأمر بالنسبة لى طموح بعمل شىء فى هذه المرحلة الصعبة التى نمر بها، كفاية نقد، مطلوب أن نقدم شيئا إيجابيا للبلد، أقدم خدمة للبلد الذى ولدت فيها وأنتمى إليه قلبا وقالبا، مفيش رجل أعمال مستفدش يعنى إيه رجل أعمال يكسب، والبلد متكسبش منه كلنا استفدنا، أنا وغيرى، وجاء وقت رد الجميل، أنا قلت هتبرع بـ«350 مليون جنيه» كنواة للمشروع، ودخولى بهذا المبلغ يعطى نوعا من الطمأنينة للمشروع، وبالجهد ممكن ينضم إلينا مؤسسات ورجال أعمال حتى نصل إلى مليار جنيه تشجعنا على عمل جولة تسويقية لدى الدول الأخرى، أنا لا أشترط مكسبا، وممنوع تطلع ربحية أكثر من القيمة المعادلة لسندات الخزانة التى تأخذ وقتا أطول.
يتدفق سميح: «أطالب الناس بدعم هذا المشروع، ميزته أنه يتعلق بالتعليم وهذا أهم شىء، المدارس أسهل شىء تجذب لها أموالا من دول العالم، إحنا كده هنضرب أكتر من عصفور بحجر واحد، هنعلم أولادنا، هنجذب استثمارات من الخارج».
يأتى شخص من معاونى سميح يذكره بآخرين يجلسون بالقرب منا لانتظاره، كان مندمجا فى شرح فكرته، يبدو متوحدا معها لا يرغب فى قطع تدفقه، فرد على معاونه: «شوية لما أخلص»، يناديه مساعدوه بـ«مستر»، يتحدث عنهم بمحبة: «لولاهم مكنتش حققت حاجة، كنت رحت فى داهية»، يعود إلى مشروع الـ«1000 مدرسة»: «المشروع سيذهب إلى 1000 مقاول من اللى بيشتغلوا فى حدود 5 و6 ملايين جنيه، وهذا سيعطى كثافة للعمالة، هيشتغلوا حوالى سنتين فى البناء، يعنى بكده نكون شغلنا عمال عاطلين، وكمان نشطنا حرفا أخرى، يعنى ساهمنا بقدر ما فى حل مشكلة البطالة، إحنا لا نحتاج من رجل الأعمال إلا عمل مشروع يجلب استثمارات، والمشروع يأتى بمشروع، تانى، تالت، رابع، وهكذا تدور العجلة اللى مش عايزة تتحرك»، أسأله عن المرحلة التى وصلت إليها فكرته لدى الحكومة، يجيب: وزير التربية والتعليم رحب، لكن المشكلة فى توفير الأرض، والمجتمعات العمرانية وفرت 370 قطعة أرض، لكن هيئة الأبنية تقول إنها ليست فى المناطق الأكثر احتياجا.
عدالة اجتماعية
يتداخل الحديث مع «سميح» ليمتزج بين «العدالة الاجتماعية» و«الانتماء» وقلت له؟: «فين حق الفقراء عليكم؟ لما حد يتكلم عن مشروع الجونة الذى أسسته سيكون الحديث مشمولا بأنه للأثرياء فقط»، يرد: هقولك حاجة، كل واحد بيدور على وسيلة تربطه بوطنه، بترابه، بناسه، بتفاصيله، بكل حاجة فيه، أنا مثلا كانت شهور الصيف بالنسبة لى هى مصر، طبعا والشتاء وكل الأيام، لكن لما كنت أسافر مع الأسرة إلى «المنتزه» فى الإسكندرية فى الصيف، كان كل شىء جميل ينادينى، ارتبط بى ويربطنى به، كانت أسعد أيامى، كلما أستعيد ذكرى هذه الأيام، أستخلص منها أنها عمقت انتمائى بمصر، هذا ما أفعله مع أبنائى، ابنى الكبير مثلا يدرس فى الخارج، ينتظر بفارغ الصبر أجازته حتى يقضيها فى «الجونة»، هى المكان الذى يعمق فيه الانتماء لوطنه مثلما حدث معى أيام المنتزه، ربما ترى فى ذلك مسألة خاصة، لكن هى بالنسبة لى فعل عظيم، ما قيمة ما يفعله أى رجل أعمال وأبنائه يكونوا أبناء الخارج، أكثر من أن يكونوا أبناء الداخل يعنى إيه رجل الأعمال يتكلم عن الإنتماء بدون «أمارات».. العدالة الاجتماعية والانتماء مش كلام إنشا.
حديثه عن الانتماء لابد أن يعيدك إلى ما ذكره ذات مرة فى زمن حكم الإخوان: «محتاج مدفع رشاش فى ضهرى عشان أسيب مصر، ومش هايحصل إلا وأنا ميت لأن دى بلدى اللى أعتز إن أول نجاح كرجل أعمال كان فيه»، بالطبع فى قصص النجاح تفاصيل كثيرة، وفى الفشل تفاصيل أخرى، لكن فى حاصل المجموع هو: «رجل أعمال ناجح».
لم يهدأ «سميح»، يبدو أننى تحدثت معه فى المنطقة الخطر، يواصل الإجابة: «البيوت الراقية فى الجونة» يجاورها بيوت أخرى للعمال فى المدينة، فيها مدرسة تجريبية، مدرسة فندقية بعد الإعدادى يتهافت عليها سوق العمل، المدينة عبارة عن مجتمع متكامل، وطول ما بتشتغل طول ما عوائدها الاقتصادية يجنيها الجميع، والجميع يعنى مصر.
طالما فتحت هذه السيرة - هكذا واصل سميح كلامه - يبقى لازم تتذكر مشروع «هرم سيتى»، هو مدينة متكاملة فيها كل المرافق لم نأخذ فيها شيئا من الدولة، أقدمت عليها لأنها ستعود بالفائدة على الطبقات الاجتماعية الفقيرة، هى دى وظيفة رجل الأعمال الوطنية الحقيقية، للأسف لو كانت اكتملت كانت وصلت إلى تسكين بطاقة 400 ألف، لكن الحدوتة دخلت فى بلاغات، وهو نفس ما حدث مع مدن فى الفيوم وقنا والأقصر، كلها متوقفة، خسارة، خسارة، خسارة، «سميح يكررها ثلاث مرات»، تتصور إن سويسرا اللى بأعمل فيها مشروع مثل الجونة، بكل قوانينها كانت هتسمح لى بذلك، لو كانت البلاغات التى تم تقديمها ضدى فى مشروع «الهرم سيتى» صحيحة، يعود مساعده ليذكره بمنتظريه، يرد عليه: «باقى نقطة أخيرة»، يلتفت لى: «عشان تكون قصة العدالة الاجتماعية اللى قلقاك متكاملة، أنا اقترحت على رئيس الوزراء أن يكون هناك ضريبة %5 يدفعها رجل الأعمال على كل مليون يربحه، ويكون سدادها على شكل مشروع تحدده الحكومة ينفذه رجل الأعمال من هذه الضريبة، أو يقوم بإصلاح مشروع يحتاج إلى إصلاح، ألمانيا الغربية لما توحدت مع ألمانيا الشرقية قالت لرجل الأعمال عليك %5 ضرائب مش عايز تدفعهم روح استثمر فى ألمانيا الشرقية، يجب أن تتحرك الحكومة فى هذه النقطة، لأنها تحقق مكاسب اجتماعية لن تأتى من باب آخر».
«أنت متفائل»، رد: «متفائل، هنتعب، شوية لكن متفائل».
سميح ساويرس: يعنى إيه رجل أعمال يكسب والبلد متكسبش.. ويعنى إيه يتكلم عن الانتماء بدون عدالة اجتماعية مش كلام «إنشا».. وأفكارى عنها تجدها فى مدينة «هرم سيتى» اللى توقفت وحرمت 400 ألف كانوا هيسكنوها
الخميس، 06 فبراير 2014 12:55 م
سميح ساويرس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م حسين عمر
كلام جميل لكن فين باقى اقساط ال7مليار حق الدولة
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
يعنى إيه رجل أعمال يكسب والبلد متكسبش
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح أحمد محمود رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات اسوان
حتى الحلم حقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
جرجس
عائلة اسطورية
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
هرم لايف
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء
مصريين بجد
عدد الردود 0
بواسطة:
sammy
إلى رقم 1.
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
الي رقم 11
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
عامل غلبان
عدد الردود 0
بواسطة:
bahaa
رجال اعمال يحولون التراب ذهبا