نقرأ كل يوم أسماء تقدمت باستقالتها من حزب الحرية والعدالة، أصحاب الاستقالات يذهبون إلى أقسام الشرطة لتسجيل استقالاتهم حتى تكون وثيقة رسمية تعفيهم من أى مساءلة، هذا الأسلوب يذكرنى بأسلوب مماثل حدث فى عام 1977.
فى 18 و19 يناير 1977 اندلعت المظاهرات العنيفة احتجاجا على رفع الأسعار، وصفها «السادات بأنها» انتفاضة حرامية، فيما يخلدها التاريخ بأنها «انتفاضة الخبز»، السادات ظل متمسكا بوصفه لها حتى آخر يوم فى حياته، شهدت المظاهرات أعمال عنف تمثلت فى الاعتداء على منشآت وكازينوهات شارع الهرم، السادات قال لـ«أحمد بهاء الدين»: «دى مظاهرات حرامية، الوزراء وأسرهم كانوا مهددين فى بيوتهم»، حمل السادات مسؤولية ما حدث على «اليسار»، وصفهم بـ«المخربين» و«العيال بتوع الشيوعية اللى بيقبضوا من موسكو»، كان الأصل فى اتهاماته أنه لم يكن يصدق أن الشعب المصرى سيثور عليه، فهو قائد النصر فى حرب أكتوبر عام 1973، واستمد شعبيته منه، وعليه فلا يمكن أن يثور عليه شعبه.
كان حزب التجمع بقيادة خالد محيى الدين، هو الحزب الرسمى والشرعى الممثل لليسار، كانت عضويته كبيرة لأنه الحزب المدافع عن جمال عبدالناصر، اتهمه السادات بأنه المسؤول الأول عما حدث فى المظاهرات، ففتحت الصحف الرسمية «أهرام، أخبار، جمهورية»، النار على الحزب، وتبارى «المنافقون» فى رمى الحزب باتهامات قاسية، تحدثوا عن «شيوعيته»، وأصبح أعضاؤه مطاردين أمنيا، جرى اعتقال العديد منهم، وفتحت الصحف الرسمية خاصة «الأخبار» صفحاتها لنشر استقالات أعضاء الحزب، ولعدة أيام كانت صفحة كاملة تنشر الاستقالات بالأسماء، وكلهم ذهبوا إلى أقسام الشرطة لتوثيقها.
كانت هذه الضربة موجعة لعضوية الحزب وانكماشه جماهيريا، فى تفسير الانكماش، كان السؤال: «لماذا؟»، بعض الإجابات قالت، إن المستقيلين لا يقدرون ضريبة العمل الحزبى، وأنهم ليسوا «تجمعيين بجد»، وأن الفرز الحقيقى يأتى فى أوقات المحن السياسية.
فى استقالات حزب الحرية والعدالة، يحدث ما حدث مع حزب التجمع، الاستقالات تتوالى، أصحابها يذهبون إلى أقسام الشرطة لتوثيقها، التوثيق لإخلاء المسؤولية، والحماية من المساءلة، فهل سنصل إلى ما وصل إليه حزب التجمع بعد انتفاضة يناير 1977؟
عضوية «الحرية والعدالة» كانت خليطا من «الإخوان» و«المتأخونين»، فيها عضوية ممن ينضمون إلى حزب السلطة، أى حزب للسلطة، ولما أصبح خارجها، لم يعد حمل كارنيه عضويته مصدر حماية، بل مصدر مساءلة، لا ننكر أنه كان من عضويته شرفاء صدقوا ما قاله «الحزب» عن الديمقراطية واحترامها، وتقديم الخدمة للبسطاء، ولما زال كل ذلك، لم يعد للعضوية أهمية.
يجب النظر إلى هذه المسألة بأهمية، فهى تكشف لنا حجم المتأخونين والمشتاقين وطالبى الحماية والطيبين الذين يصدقون السلطة (أى سلطة)، وظنى أن هذا الخليط هو الذى تأتى الاستقالات منهم، ومع عملية فرز وتجنيب هؤلاء من عموم عضوية الحزب، سنعرف كم كانت عضويته الحقيقية، وبالتالى سيكون لدينا كشاف عن الحجم الحقيقى لعضوية الإخوان.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة