أكد محمد خواجة الباحث الإستراتيجى وعضو المكتب السياسى لحركة "أمل" أن مصر تسير رويدا رويدا فى طريق استرجاع دورها القيادى العربى، وتعود لتمسك بزمام المبادرات فى المنطقة، معتبرا أن زيارة المشير عبد الفتاح السيسى النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المصرية مؤخرا إلى روسيا تعد زيارة تاريخية، سوف تسهم فى تعزيز الدور المصرى والعربى المستقل وإحداث تغيير إستراتيجى فى المنطقة.
وقال محمد خواجة، إن هناك توقا عربيا وإسلاميا لكى تستعيد مصر دورها. لأن موقع مصر ودورها لا يمكن أن يعوض، مشيرا إلى أن زيارة المشير السيسى إلى روسيا والحفاوة التى قوبل بها، حفزت الذاكرة المصرية والعربية التى استعادت ذكرى صفقة التسلح التشيكية العام 1955 فى زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وأضاف "لذلك قال الكثيرون فى العالم العربى وليس فى مصر فقط، إن المشير عبد الفتاح السيسى يسير على خطى الرئيس جمال عبد الناصر، ويستعيد الخط الذى انتهجه فى ذاك الزمان، وإن كان بفارق الظروف والمعطيات وطبيعة التحديات المختلفة.
وأكد أن أهمية زيارة المشير السيسى، تنبع من أنها تأتى بعد برودة فى العلاقات المصرية الروسية دامت نحو أربعة عقود، وهى تأتى فى لحظة مفصلية تمر بها المنطقة العربية بشكل عام، ولذلك لاقت اهتماما وانتباها من كل القوى المعنية الإقليمية والدولية.
وقال أعتقد أن هذه الزيارة فى الشكل والمضمون، تتعدى ما يقوله البعض من أنها تأتى كرد فعل على برودة فى العلاقات المصرية الأمريكية، بل هى خيار إستراتيجى برز من خلال إقدام القيادة المصرية ممثلة فى المشير السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى بالذهاب إلى موسكو، واللقاء وفق قاعدة 2+2. وهذه قاعدة مميزة فى روسيا، لا تتم إلا مع الضيوف المميزين، ومع الدول التى تطمح موسكو لإقامة علاقة قوية معها.
وتابع قائلا "أعتقد أن هذه الزيارة تنبع من رغبة صادقة للقيادة المصرية فى استعادة العلاقة مع الاتحاد الروسى، وبذلك هى تستعيد ذاكرة عقود مضت، كانت العلاقات والتعاون المصرى السوفيتى فى أوجه، وكانت تصنف فى خانة العلاقة الإستراتيجية.
وأشار إلى أن العلاقات المصرية السوفيتية، آنذاك، كانت لمصلحة الطرفين: روسيا كسبت موقعا متقدما فى الشرق الأوسط، وفى الوقت ذاته عادت هذه العلاقة على مصر بإيجابيات عديدة، فكان هناك نحو ألف مصنع ومائة مشروع نتيجة التعاون بين الجانبين، مثل مشروع السد العالى، ومد خطوط التوتر الكهربائية فى أسوان، ومصنع الألومنيوم فى نجع حمادى، والحديد والصلب فى حلوان.
وأضاف، فى الجانب العسكرى، كلنا نذكر أن الجيش المصرى حقق الانتصار العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة بفضل ثلاثة عوامل: الأول، كفاءة قيادته العسكرية، والثانى تضحيات ضباطه وجنوده، والعامل الثالث هو الدعم السوفيتى غير المحدود، رغم البرودة التى كانت سائدة فى العلاقات بين البلدين فى ذلك الوقت. وتابع قائلا: "إن الاتحاد السوفيتى نظم أثناء الحرب جسرين أحدهما جوى كان ينقل السلاح والعتاد إلى المطارات المصرية، والثانى بحرى باتجاه الموانئ المصرية".
وأشار إلى أنه بالنظر إلى ما تردد عن التوقيع بالأحرف الأولى لصفقة سلاح بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وطبيعة ما تسرب للإعلام عن نوعية الأسلحة، فإنها سوف تزيد الجيش المصرى قوة ومنعة، كما أن هذا يخرج مصر من دائرة التعرض لأى ضغوط أو ابتزاز، وهو ما ظهر بعد ثورة 30 يونيو، عندما حاول الأمريكيون تضامنا مع جماعة الإخوان المسلمين التلويح بوقف المساعدات العسكرية وإيقاف توريد طائرات الـ أف 16 وبعض قطع الغيار. ورأى أن هناك تبدلا فى الذهنية والإرادة الحاكمة فى مصر، وهناك وضوح لدى القيادة المصرية التى تدرك ماذا تريد. وقال: أرى فى الدور المصرى دور القاطرة، مشيرا إلى تعطل هذا الدور المصرى لسنوات طويلة.
وحول التغيير الاستراتيجى لوضع روسيا وهل هو تغير دائم أم مرتبط بالتراجع الأمريكى؟.. قال إن روسيا هى جزء من مجموعة قوى عالمية تكاتفت واتفقت ضمنا على مناهضة الهيمنة الأحادية الأمريكية. هذه المجموعة تضم دولا لا تقل أهمية عن روسيا، فهناك الصين وما أدراك ما الصين، والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند ودول البريكس، ومنظمة شنجهاى التى تضم كثيرا من الدول الآسيوية. فبعد عشرين عاما من التفرد الأمريكى، أصبح هناك صحوة جماعية تعبر عن تنامى مراكز القوى العالمية وتراجع أمريكى.
وأضاف أن روسيا تعتبر هذا خيار بالنسبة لها لا رجعة عنه، فهى إمبراطورية منذ قرون تسعى لأن تكون لاعبا دوليا منذ عهد بطرس الأكبر. وهى لا تريد ولا تستطيع أن تنفرد بالقرار العالمى، ولكنها لن تسمح بإبعادها عن المشاركة فيه. وأضاف لو نظرنا إلى الأزمات فى المنطقة، سواء الأزمة السورية أو أزمة الملف النووى الإيرانى، ندرك الدور الهام الذى لعبته روسيا كشريك مع الولايات المتحدة حينا ومتعارض معها أحيانا.
ونعتقد بلا شك أن القيادة المصرية قارئة جيدة للتحولات التى تحدث فى العالم، وهى تحولات بطيئة ولكنها ثابتة، لافتا كذلك إلى صعود الصين الاقتصادى.وأوضح أن روسيا ليست على مستوى الصين فى الجانب الاقتصادى رغم مواردها الطبيعية الهائلة، حيث أنها تتنافس مع السعودية على المركز الأول فى إنتاج النفط. وهى المنتج الأول للغاز، فروسيا أكبر بلد فى العالم من حيث المساحة وتضم أراض شاسعة من الغابات والسهوب والأنهار.
ولفت إلى أوجه التشابه بين مصر وروسيا..فموسكو لاعب ناهض على المستوى الدولي، والقاهرة لاعب تاريخى على المستوى الإقليمي، تسعى لاستعادة دورها. وبالتأكيد هناك مصلحة مشتركة أن تتحسن العلاقات بينهما، خاصة أن حجم العلاقات الاقتصادية ليس كبيرا وقابل للنمو بين البلدين.
وأعرب عن تفاؤله بمسار تطور العلاقات بين موسكو والقاهرة..وأردف قائلا: "وأنا كعربى أقول أن لنا مصلحة لتطور هذه العلاقة، وهى تساعد مصر على تسريع استعادة عافيتها، واستعادة دورها على المستوى العربى والإسلامى.
وحول الدور الروسى فى دعم النظام السورى ميدانيا وفنيا وتأثيره على المعركة فى سورية؟ قال :أعتقد إنه هناك صفقات سلاح معقودة بين البلدين على مدار السنوات الماضية، والروس دائما يقولون أننا تحت سقف القانون الدولى نُورد ما اتفقنا عليه وهذا شأن خاص بين البلدين، وموسكو تتعامل مع الدولة السورية ككيان شرعى قائم برئيسه هو الرئيس بشار الأسد على عكس ما يفترض بعض الغرب والعرب.وأضاف: أما يتعلق بالمستشارين والخبراء فلم نسمع لا من الروس أو من السوريين أن هناك مشاركة من الاتحاد الروسى فى الميدان السورى.
وأشار إلى أن السلاح الروسى يعود بقوة إلى الميدان العسكرى ويحقق انتصارات، ففى العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006 فقد الإسرائيليون ما يقارب لواء مدرع من الدبابات (أى نحو 110 دبابات) بين تدمير وإعطاب بواسطة صواريخ معظمها روسية خاصة صواريخ الكورنيت التى حصلت عليها المقاومة من سوريا، وهو صاروخ روسى حديث مضاد للآليات.
وأضاف أنه لهذا السبب تقول المقاومة أن للجيش السورى دينا فى أعناقنا، لأن جزءا كبيرا من السلاح المتطور الذى حصلت عليه كان عن طريق الجيش السورى.
قيادى لبنانى: مصر تستعيد دورها.. وزيارة السيسى لروسيا "تاريخية"
الخميس، 27 فبراير 2014 12:42 م
المشير السيسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة