د.سمير البهواشى يكتب: رحلة إلى المجهول

الخميس، 27 فبراير 2014 08:16 ص
د.سمير البهواشى يكتب: رحلة إلى المجهول صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثرت حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية عبر البحر أو إعادة مجموعة من شبابنا ضلوا الطريق خلال ملاطمة الامواج بحثًا عن شواطئ إيطاليا؟

مما يجعلنا فى مسيس الحاجة لفتح ملف الهجرة غير الشرعية لشبابنا إلى الجنوب الأوروبى الذى يمثل نوعًا من الانتحار على ألا يغلق هذا الملف الا بعد القضاء على الأسباب.

هذا إذا أردنا أن نحمى فلذات أكبادنا ومستقبل أيامنا فالشباب المصرى محبط أيها السادة إذ أن معظم خريجى الجامعات لا يجدون عملا بسهولة وأغلبهم ينتمى للطبقة الدنيا "الوسطى سابقًا"، والتى تكون قد استهلكت كل ما يملك ذووها فى التعليم لنيل الشهادة التى كانوا يعتقدون فى سرها الباتع كما لو كانت خاتم سليمان فاذا بهم يكتشفون ويا للمرارة أنها كاتم سليمان، بالكاف وليس بالخاء، فهى قد أصبحت عبئًا أضيف على كاهلهم وكتم أنفاسهم إلى حد الموت بدلا من أن تكون عونًا لهم لكسب الرزق وتوفير المال اللازم لبناء أسرة.

حتى أولئك المحظوظون ممن تخرجوا مما يسمى كليات القمة إذا وجدوا عملا، كالأطباء مثلا، فإن أمامهم سنوات قد تتجاوز العشرة لمجرد توفير مقدم شقة صغيرة على أطراف المدن لأن مرتباتهم لا تكفى سد الرمق وستر العورة وملء البطن فولا وطعمية، فكيف بمهر وشبكة العروس، ويبقى هؤلاء المحظوظون الذين ولدوا لآباء مريشين (وقد يكونوا مرتشين أو وصوليين للأسف الشديد) فتعلموا فى المدارس الأجنبية وأتقنوا اللغات وتحصلوا على شهاداتهم بالدروس الخارجية ثم وجدوا العمل فى انتظارهم فى شركات عائلاتهم أو لدى معارفهم من اصحاب المعالى وبالعملة الصعبة جدًا ناهيك عن الفيلا بمارينا والشقة بالمهندسين والعروسة بنت فلان الفلانى والسيارة الجاجوار.

وأرجو ألا يسألنى أحد عنها لأنى والله العظيم لا أعرفها فقط سمعت هذا الاسم من الخبراء وهواة حفظ أسماء السيارات، مجرد أن يقارن الشاب المكافح بين وضعه فى بلده ووضع زميله وتربه فى نفس البلد، بالرغم من أنه قد يكون أكثر منه ذكاء وفطنة، ولكنه أدنى فى السلم الاجتماعى المصرى، الذى لا يعين فى النيابات العامة والشرطة والسلك الدبلومسى إلا اللائقين اجتماعيًا على أسس طبقية مقيتة.

وما انتحار الشاب المصرى الحاصل على امتياز مع مرتبة الشرف من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منا ببعيد عندما رفضوا تعيينه فى السلك الدبلوماسى، لأن أباه خياط فرمى نفسه من فوق كوبرى قصر النيل؟ فالفقير غريب فى بلده وبين أهله، أما المال فانه فى الغربة وطن؟ وكفانا التماسا لأعذار واهية لا تسمن ولا تغنى من جوع وتذكروا جيدًا أن المصرى عكس كل خلق الله كان لصيقًا بأرضه لا يرضى عنها بدلا وإلى وقت قريب جدًا إلى أن جاء اليوم الذى أصبحنا فيه نقيم الناس بما يملكون من حطام الدنيا لا بما يعلمونه من علم وما يؤدونه لبلادهم من خدمات جليلة.

وأصبح المتعلم الفقير أشبه بالغريب فى بلده، فلا يؤبه له وبه وإذا ألقى السلام على عشرة لا يرد عليه غير واحد وإن حدث حديثًا فهو الكذاب، وإن غاب فلا يسأل عنه وإن حضر فلا يرى وإن خطب لا يزوج وإن طلب التعيين فى مكان مرموق يؤهله له علمه ودرجته لا يعين، بينما إذا مر غنى أقل منه علمًا وأدبًا قام له الجميع وإن لم يلق عليهم السلام وإن غاب وجد ألفًا يسألون عنه، وإذا أراد أن يتزوج تشرأب إليه أعناق العائلات. . الموضوع كبير وذو شجون صدقونى. . فما يجعل الشباب فى مصر يفضلون الموت وهم فى طريق الحلم عن العيش، حيث لا حلم ولا علم هو فقدان التمييز لدينا بين قيم الذهب وقد علاه التراب والفالصو ذى البريق الباهر، مما جعل الثقافة السائدة هى البحث عن المظاهر لا الجواهر؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة