حسن زايد يكتب : سايكس بيكو النسخة الأمريكية

الخميس، 27 فبراير 2014 06:32 م
حسن زايد يكتب : سايكس بيكو النسخة الأمريكية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك من يؤمن بنظرية المؤامرة، ومن لا يؤمن بها. والإيمان من عدمه لا ينفى الوجود.

وفى إطار كشف المؤامرة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط سنجد من يؤمن بذلك ومن لا يؤمن.


ومن لا يؤمن يزعم أن نظرية المؤامرة ما هى إلا حيلة عقلية فى مواجهة العجز عن إيجاد تفسير موضوعى للأمور، فى حين أن من يؤمن بنظرية المؤامرة يجد أن هذا الكلام هو فى ذاته الحيلة العقلية للهروب من الواقع أو محاولة لغسل الأيدى مما يكون قد علق بها، أو هو غسيل لمواقف أطراف قد تكون تورطت فى المؤامرة.


وأنا أظن أن من يدفع بانعدام المؤامرة تحركه رغبة فى دفع المطاعن عن ثورة يناير 2011، ومدى مشروعيتها، لأن القول بوجود مؤامرة أمريكية كانت تدفع الأحداث فى اتجاه معين سينسحب بالضرورة على ثورة يناير، باعتبارها جزءًا من المؤامرة الكبرى على المنطقة. وهذا الكلام إن صح فلا يؤخذ على إطلاقه لأن الثورة لو انطوت على جانب تآمرى مظلم فهناك جوانب أخرى مضيئة، فهى كالقمر له وجهان أحدهما مضئ والآخر مظلم، ووجود أحدهما لا ينفى وجود الآخر.


والناس لا ترى إلا جانبه المضئ. وموقع التآمر من الثورة كموقع الاستثناء من القاعدة، يؤكدها ولا ينفيها، ويبقى فى حدود كونه استثناءً لا يقاس عليه.

ومن هنا، وبغض النظر عن الإيمان بنظرية المؤامرة من عدمه، ـكان لابد من الوقوف على أبعاد المؤامرة الأمريكية، لأن الوقوف على أبعادها أصبح ضرورة وجود خاصة بعد بدء تنفيذ مخططاتها على الأرض، والتغافل عنها أصبح يهدد هذا الوجود.

فالولايات المتحدة الأمريكية تتصرف باعتبارها الوريث الشرعى لتركة الدول الاستعمارية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى حد يمكن معه الذهاب إلى الزعم بأن المخطط الأمريكى للمنطقة ما هو إلا النسخة الأمريكية لاتفاقية سايكى بيكو.

فمنذ ما يقارب القرن من الزمان (1915 ـ 1916) اتفقت الدول الاستعمارية الكبرى ـ وكان الأحرى تسميتها الاستخرابية، على تقسيم المشرق العربى فيما بينها، حيث يتم تقسيم هذه المنطقة بين فرنسا وبريطانيا بمصادقة روسية مقابل غض الطرف عن ضم روسيا لمناطق معينة من أسيا الصغرى.

وقد مثّل فرنسا فى هذا الاتفاق المسيو فرانسوا جورج بيكو، ومثل بريطانيا السير سايكس بيكو، ومثل روسيا سازانوفا وزير خارجية روسيا، ومن هنا جاء اسم الاتفاقية التى كانت فى صورة وثائق متبادلة بين هذه الدول.

وقد كان الاتفاق على تقسيم المنطقة إلى خمسة أجزاء، الأول: يضم السواحل السورية واللبنانية إلى فرنسا.

والثانى: يضم العراق والخليج إلى بريطانيا. والثالث: فلسطين، وقد اتفق على وضعها تحت إشراف إدارة دولية. والرابع والخامس: هو الاتفاق على الاعتراف بدولة أو حلف دول عربية تحت رئاسة رئيس عربى واحد.

وبطبيعة الحال كان هذا الاتفاق سريًا، لأن رحى الحرب العالمية الأولى كانت دائرة، وبريطانيا فى حاجة إلى دعم العرب فى حربها ضد الدولة العثمانية. من أجل ذلك أوهمت العرب حال مساعدتهم لها بأنها ستعترف لهم بحقهم فى تأسيس الدولة العربية. وأوهمت الشريف حسين ـ شريف مكة ـ بأنها ستنصبه ملكًا أو خليفة حال مساعدته فى تثوير العرب ضد الحكم التركى. وقد تكشف ذلك من خلال المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين والسير هنرى مكماهون. وقد ابتلع العرب ـ وشريفهم ـ الطعم، حتى استيقظوا على وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا سنة 1917 لليهود بإقامة وطن قومى لهم فى فلسطين وانكشفت سوءة الاتفاق السرى بعدما قامت الثورة البلشفية فى روسيا بنشر وثائق وزارة الخارجية فى العهد القيصرى. إلا أن تكشف أمر الاتفاق وهتك ستره لم يحل دون تنفيذ المخطط المرسوم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة