فى كل دول العالم، يصبح التاريخ درة التاج وقلادة العقد، لكن فى مصر يتحول هذا التاريخ إلى عبء كبير على كاهل المصريين، تتفنن دول العالم المتقدم والنامى فى المحافظة على تاريخها، بينما فى مصر الأمر مختلف، فنحن نتفنن فى تدمير تراثنا والتنكيل به، وكأننا فى مجاعة، ولا يجد الجائعون سوى حبات أعينهم وفصوص مخهم ليأكلوه، وبعد انتهاء الوليمة يفاجأ الجائعون بأنه لا عين ترى ولا عقل يعى. فى أوروبا يخلد المجتمع قصص الحفاظ على الآثار والتراث، لأن هذا التراث هو الدليل الحى على التحضر والمدنية، حتى إنهم لا يستحون من أن ينتهبوا آثار الغير ويضعوها فى متاحفهم ومعارضهم وقصورهم، وبحسب وخير دليل على هذا هو فيلم «رجال الآثار» الذى قام ببطولته الممثل العالمى جورج كلونى ورفيقه «مات ديمون» والذى يصور رحلة مجموعة من الخبراء خلف خطوط «العدو» لإنقاذ مجموعات التحف واللوحات الأثرية النادرة من بطش «هتلر» أثناء الحرب العالمية الثانية، وفى كلمة بليغة يقولها «جورج كلونى» وصفا لمهمتهم الصعبة يقول: إذا استطاع عدوك أن يقتلك فبذلك يكون قد تغلب عليك فى جولة، أما إذا استطاع أن يدمر تاريخك فإنه بذلك يكون قد محاك من الوجود.
على هذا، فإننا نمحو أنفسنا من الوجود الآن، وبمباركة الدولة ومساعدة آكلى تراث البشر، وليس أدل على هذا من حالة التدمير المتعمدة التى تنال من قصورنا التاريخية ذات القيمة المعمارية العالية، والتى يقام مكانها أبراج سكنية وتجارية ترسخ ثقافة «الغير» وتطمس روح مصر بتنوعها وغناها التاريخى، خمسة آلاف قصر تتعرض يوما للطمس والتدمير لا تجد من يقف أمام بلدوزرات الاستعمار الحضارى الذى غزا مصر منذ عقود ومازال الغزو مستمرا.
أجدادنا وآباؤنا تركوا لنا آثارهم وآثار من قبلهم فى وقت لم تكن للآثار أهمية كبيرة مثل اليوم، بينما نحن لم نكتف بعجزنا عن ترك ما يفتخر به أبناؤنا بل نلهث لهاث المستجيرين من أجل الإجهاز على البقية الباقية من تراث جمالى وحضارى كان من الممكن أن يكون محل فخرنا ومصدرا من مصادر تنويرنا وسبيلا من سبل مقاومتها للجهل والتخلف والتغييب العقلى الذى نعيش فى أثره.
إنها صرخة نطلقها فى «اليوم السابع» عبر هذا الملف لنناقش تلك القضية المصيرية المأزومة، نحاول أن نطرح المشكلة ونفكر فى حلها ونحيط بتفاصيلها، قبل أن نصحو فى يوم ونقول «كانت هنا مصر».
5 آلاف قصر تاريخى «فى مهب الهدم»..«التنسيق الحضارى»: المقاولون يستغلون ثغرات القانون لتنكيس المبانى التراثية
سياسيون: لابد من تغليظ العقوبات على «ثقافة السبوبة»
مثقفون: نطالب الدولة بحماية المبانى التراثية وتعويض ملاكها
الآثار: قانون ضم المبانى التاريخية «صارم» لكنه «غير مفعَّل».. والحل بإنشاء وزارة سيادية للتراث.. رئيس إدارة الآثار الحديثة: أصحاب القصور والفيلات يطالبون بمليارات للتنازل عنها
رفع 33 مبنى أثريا من مجلد التراث بالإسكندرية.. ومطالب بتعديل تشريعى لوقف الاغتصاب الوحشى للتاريخ
إنذار.. مصر تأكل تاريخها..«ثقافة البلدوزر» تجتاح «كل جميل» وتؤسس لـ«زمن القبح».. والعمارات الحديثة «سمك لبن تمر هندى»
الخميس، 27 فبراير 2014 09:25 ص
جانب من عملية الإزالة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة