كرم جبر

ذكرياتى مع الإرهاب!

الأربعاء، 26 فبراير 2014 10:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فجأة تركنى محافظ أسيوط الأسبق الدكتور رجائى الطحلاوى فى مكتبه وهرول هو ومدير الأمن وكبار الضباط إلى سياراتهم وغادروا مبنى المحافظة، وعلمت من مدير مكتبه أن حادثا إرهابيا خطيرا وقع منذ ساعات فى إحدى قرى البدارى، أسفر عن العديد من القتلى والجرحى، ودون تردد أمرت سائق سيارتى بالذهاب إلى البدارى جنوبا، والطريق إليها حارة واحدة، على يساره ترعة صغيرة ومساحة ضيقة من الأراضى، ثم يقف الجبل العملاق مثل أبوالهول، وقرى صغيرة متناثرة تحت قدميه، وعلى يمين الطريق أشجار البرتقال الكثيفة، والجبل والأشجار يشكلان معا مخابئ نموذجية للإرهابيين، ليرتكبوا جرائمهم ويهربوا إليها.

من السهل أن تعرف خط سير المحافظ والقيادات وتفاصيل الحادث من الأطفال المنتشرين على مداخل القرى حتى شككت أنهم نضورجية، «البيه المحافظ والضباط فى المستشفى»، وتوجهت إلى مستشفى البدارى العام الذى كان تحت الحراسة المشددة وغير مسموح الاقتراب منه، إلا أن أحد الضباط الذين شاهدنى سابقا أجلس مع المحافظ رحب بى وأخذنى مباشرة إلى مكتب مدير المستشفى، حيث كبار القيادات يستعدون لموكب الجنازة، وتم وضع سبعة صناديق عليها صلبان فيها جثث المسيحيين فوق سيارة نقل، وعلى السيارة الأخرى أربعة صناديق عليها جثث المسلمين، وسار الموكب الحزين إلى قرية الضحايا فى أجواء مشحونة بالغضب والرغبة فى الثأر والانتقام.
كان ذلك قبل عيد الأضحى بأيام، حيث نزل بعض الإرهابيين الملثمين من الجبل كالكلاب المسعورة، إلى دكان نجارة يمتلكه أحد الأقباط، وفتحوا النيران من بنادقهم الآلية على المتواجدين ظنا منهم أنهم جميعا أقباط، ولكن تصادف أنه من بين القتلى الأحد عشر أربعة مسلمين، منهم شاب كان يستعد لزفافه على العيد وذهب لشراء شباك مع أخيه وابن عمه فقتلوا الثلاثة.

ومن كثرة الحوادث الإرهابية والمنازعات الطائفية تم فصل الأقباط عن المسلمين فى منطقة جديدة أسموها قرية النصارى، وبنيت فيها كنيسة عصرية رائعة تقع فى أحضان الجبل، ولم أتخيل أن تكون فى إحدى قرى الصعيد كنيسة بهذه الفخامة، التى تشبه إلى حد كبير الكنائس الموجودة فى المدن الأوربية.

كان الموقف رهيبا عندما رصت النعوش السبعة فى ساحة الكنيسة، وسط صراخ وصيحات أهالى الضحايا، ثم اتجه الموكب إلى منطقة المدافن، وبعد دفن الأقباط اتجه إلى الجانب الأيمن من الطريق مع جثث المسلمين، وبعد الصلاة عليهم ودفنهم قدم المحافظ ومن معه العزاء وعادوا جميعا إلى المحافظة منتظرين حادثا إرهابيا جديدا.
كانت أسيوط فى الثمانينيات والتسعينيات موطن الإرهاب والصوبة التى ترعرع فيها الإرهابيون، وما يحدث الآن فى مصر حدث فيها، باغتيال ضباط الشرطة وحرق سياراتهم واستهداف أسرهم، وسرقة محلات الذهب وقتل الأقباط وفرض الهيمنة والسيطرة على مناطق بأكملها، وانتشار الوباء إلى القاهرة ومحافظات أخرى كثيرة، ومن عاصر تلك الحوادث الجسام، يدرك أن ما يفعله الإخوان الآن «لعب عيال» ومصيره إلى زوال.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة