لمن لا يعرف ما هو التلمود، هو كتاب وضعه الحاخامات اليهود لتفسير التوراة، ولو كانت أهمية التلمود توقفت عند كونه كتابًا مفسرًا فقط، لما كان يمثل مشكلة وأطروحة عقائدية، ولكن السبب فيما يثار حول كتاب التلمود من جدل واسع هو أن من كتبوه بأيديهم وخطوا أفكارهم البشرية فيه، اعتبروه كتابًا مقدسًا ولا يقل أهمية عن التوراة نفسها، بل إن الكثير من رجال الدين اليهودى لا يعتبرون اليهودى متدينًا إلا لو كان قد قرأ التلمود وعلم ما فيه من قصص وخرافات وأساطير لا علاقة لها بالواقع أو بما أنزل فى التوراه ككتاب مقدس.
قالوا إن من لا يعرف التلمود فهو ليس بيهودي، وفى العصور السابقة، شهدت ساحات المحاكمات الدينية الكثير من المواقف والتى كفر فيها رجال الدين اليهودى أشخاصًا وجردوهم من ديانتهم اليهودية لمجرد أنهم لا يعتقدون فى صحة هذا التلمود.
حين تطلع على تاريخ هذا الكتاب وما فيه من أكاذيب وخرافات، تجد تشابهًا يصل لحد التطابق بين ما فعله رجال الدين اليهودى بعقيدتهم المنزلة وبين ما فعله الإخوان المسلمين، فمنذ أن جاء حسن البنا بعقيدة واعتقاد جديد استكمله من بعده سيد قطب بقصاصاته التحريضية، أصبح على كل من ينتمى إلى هذه الجماعة أن يتخلى عن كل ما أمن به واعتنقه من قبل، وضعت جماعة الإخوان تفسيرًا ومعتقدًا جديدًا، يخالف كل ما أمن به المصريون لعقود طويلة، أخذت هذه الجماعة تبث من سموم الأفكار فى رأس كل من ينضم إليها، فيتغير لديه كل ما كان يعتبر من الثوابت فيما سبق، ثوابت الوطن وثوابت الدين وثوابت المجتمع المصرى بحضارته وثقافته وتاريخه.
لم تتوقف الجماعة عن زرع خبيث الأفكار داخل كل من ينتمى إليها، بل بدأت تتجه نحو ما هو أخطر، وهو تكفير كل من لا يعتقد بهذه العقيدة الإخوانية، فمن لا ينتمى للجماعة، فهو كافر بها وبمعتقداتها التى يظنون أنها هى الصواب تمامًا كما فعل اليهود بكتابهم المقدس حين فسروه على هواهم بكتاب التلمود.
فللوطن عقائده الراسخة، من جيش وقضاء ومؤسسات أمنية ومدنية ودينية لا يجب المساس بها بصورة مهينة أو بطريقة تنتقص من دورها وأهميتها، بل ويجب الإيمان بها والاصطفاف خلفها والدفاع عنها، ليسوا بمنأى عن النقد البناء والإصلاح والتوجيه حين يلزم الأمر، ولكن بإيمان وعقيدة وطنية ثابتة لا تقبل المزايدة أو الاختلاف ولا تخرج عن إطار الاحترام والتقدير.
لم تراع تلك الجماعة منذ أن نشأت أى عقائد وطنية وأخذت على نفسها عهدًا أن تسعى إلى تدمير وتخريب هذه الثوابت فى محاولة يائسة منهم لفرض تلمودهم الجديد على هذا الشعب، ولكنهم اتخذوا موقعًا خاطئًا وتربة طيبة لا تقبل بزرعهم الخبيث، ولكن أمام التغيب والتعنت اللذين يصلان لحد التكبر لم يجدوا إلا أن يرهبوا المجتمع بكل أنواع الإرهاب الفكرى والدينى لم يتورعوا عن الإيذاء الجسدى والنفسى و المادى لكل من يخالفهم ويدحض بالحق أفكارهم الباطلة.
أنجبت مصر هؤلاء وهؤلاء المرابطين والمدافعين عن كيان الوطن، خير أجناد الأرض بنات وأبناء مصر من الشرفاء والواعيين، وأنجبت أيضًا قلة ممن باعوا عقولهم وأرواحهم لشياطين هذه الجماعة، فعاثوا بالوطن قتلاً وإرهابًا وتدميرًا، ولن يكون مصيرهم طال العهد أو قصر، إلا الزوال أو الهروب.
د.حاتم حلمى عزام يكتب: تلمود الإخوان وعقيدة الوطن
الأربعاء، 26 فبراير 2014 04:00 م
مظاهرات الإخوان