حسن زايد يكتب: مصر والخط الساخن

الأربعاء، 26 فبراير 2014 06:07 م
حسن زايد يكتب:  مصر والخط الساخن علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا ريب عندى أن الإدارة الأمريكية قد فقدت عقلها فى إدارتها لشئون منطقة الشرق الأوسط، بعد أن آلت إليها إدارة شئون العالم، وأضحت مزاعمها حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان سلع رخيصة فى سوق النخاسة يجرى إشهارها فى وجه الشعوب المستضعفة حين تتعارض مصالحها مع مصالح أمريكا والغرب.

أو حين يحاول أى نظام من الأنظمة الحاكمة لهذه الشعوب أن يتملص ولو قليلاً من ربق التبعية والدوران فى الفلك، وتتعامى عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بصنائعها من الحكام. والشعوب أضحت مجرد تروس فى آلة الحضارة الغربية، أما الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فهى متعلقة فقط بالإنسان الغربى دون غيره.

فإن لم تكن تلك أخلاق الغرب، إذا اعتبرنا تجاوزًا أن مثل هذه التصرفات تنطوى على قدر من الأخلاق، فلما لم تصطف أمريكا إلى جانب الشعب المصرى وتنتصر لإرادته وتدعم ندائه طلبًا للحرية والديمقراطية وصيانة حقوقه؟ .

بل إنها بدلاً من ذلك، ومن منطلق برجماتى قاصر، اصطفت وراء جماعة الإخوان وانتصرت لإرادتها ودعمتها فى مواجهة الشعب الذى ثار عليها وأطاح بها بمساندة الجيش.

فلماذا رفضت دعم الشعب، ودعمت الجماعة؟ لماذا تدعم الأقلية فى مواجهة الأغلبية؟

وقد تبجحت فى إعلان ذلك على لسان مارى هارف، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية التى أكدت استمرار الدبلوماسيين الأمريكيين فى الاجتماع بأعضاء من جماعة الإخوان، على الرغم من تصنيف الحكومة المصرية للجماعة تنظيمًا إرهابيًا فى تحدٍ سافر وفج لإرادة الشعوب.

ومن المعروف أن جماعة الإخوان جماعة سرية لا يُعرف لها كيان ولا عدد أعضاء ولا مصادر تمويل معلنة ولا أهداف محددة، لا قبل ثورة يناير ولا بعدها، ولها تنظيمها المسلح وهو ما يعرف بالتنظيم الخاص، والجماعة بوضعها وتنظيمها الخاص تعمل على خلاف القانون.

ومن المعلوم أن التنظيمات السرية بعيدة كل البعد عن المفهوم الصحيح للديمقراطية والذى يعنى ضمنيا حماية الأقليات فى مواجهة الأغلبية، وليس تغول الأكثرية على حقوق الأقلية.

كما أن الجماعات السرية تعمل فى الظلام بعيدًا عن رقابة مؤسسات الدولة، وبعيدًا عن الرقابة المجتمعية، مما يجعل التعاطى معها محل نظر، ومصدر للريب والشكوك عن وضوح المواقف وسلامتها، وبعدها عن الشفافية.

فما الذى يدفع أمريكا بجلال قدرها كقطب أوحد فى العالم يقوم بدور الشرطى الحارس لقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان إلى التعامل مع جماعة هذا شأنها؟.

وقد تصورت الإدارة الأمريكية أنها والجماعة صانعتا ثورة الشعب فى يناير توهماً، ومن حقهما دون الشعب، قطف ثمارها دون أن يكون للشعب نصيباً فيها.

فلما ثار الشعب ثانية بغية استعادة ثورته من مختطفيها، فإذا بالإدارة الأمريكية تعاقب الشعب المصرى بحرمانه من النصيب المفروض من المعونة لقاء توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل، وتلغى المناورات مع الجيش المصرى، وتوقف توريد قطع الغيار للمعدات العسكرية.

وفوق ذلك تمارس الوصاية هى والاتحاد الأوروبى على الإرادة المصرية فى إملاء ما يفعل الشعب وما يدع فيما يتعلق بشئونه، وكان الخط الساخن مفتوحًا لممارسة هذه الضغوط والإملاءات على أصحاب القرار فى مصر.

وقد ظنوا بذلك أنهم قد وضعوا الشعب فى موقف مَنْ ظهره إلى الحائط، فإما مواجهة العقوبات والحصار وخلق الذرائع للتدخل، وإما إعادة الإخوان إلى الحكم.

وكانت الضغوط الإخوانية، وما زالت بدعم من قوى عربية ودولية تزداد فى الداخل من باب خلق الذرائع لتحسين الوجه القبيح للتدخل الغربى والأمريكى من خلال الاعتصامات والتظاهرات والأعمال الإرهابية التى من شأنها قهر الإرادة وإفشال الدولة وتغذية الروح العدائية لدى الشعب ضد النظام القائم.

والسر وراء الدعم الأمريكى - الأوروبى للإخوان أنهم من يتفق مشروعهم التاريخى فى إقامة دولة الخلافة، والذى يترتب عليه ذوبان الحدود الجغرافية والاكتفاء بوطنية العقيدة مع مخطط تقسيم المنطقة وتفتيتها إلى دويلات أو إمارات أو ولايات فى إطار ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد تحت قيادة واحدة يسهل السيطرة عليها وتسييرها فى الإطار المرسوم.

ومن هنا جاءت اللطمة المصرية لهذا المخطط الشيطانى، وجاءت اللوثة العقلية التى أصابت الإدارة الأمريكية. ولم يكن هناك من مخرج سوى فتح الخط الساخن مع قوى أخرى مساندة ومعادلة حتى يمكن استعادة التوازن الاستراتيجى المفقود بالارتماء فى أحضان أمريكا على مدار عقود.

وقد جاءت الإشارات قوية وموحية من جانب موسكو بعدم الممانعة فى الدعم والمساندة، خاصة وأن هناك علاقات تاريخية سابقة يمكن البناء عليها.


وفتحت الخطوط الساخنة بين قيادتى البلدين، وقد أحسنت روسيا اهتبال الفرصة التى سنحت لها بموجب الغباء الاستراتيجى الأمريكى فى الدخول إلى المياه الدافئة مرة أخرى من بوابة مصر.


وقبل ذلك كان الموقف العربى الفريد الذى أفصح عن نفسه قولاً وفعلاً بعدم السماح بسقوط مصر، وقد كان موقفًا على قدر المسئولية التاريخية والظرف التاريخى.

وتكاتف الموقفان العربى والروسى فى دعم مصر. وقد جاءت الزيارات المتبادلة بين وزير الخارجية والدفاع الروسى ووزير الخارجية والدفاع المصرى لتضع الموقف الأمريكى ومعونته فى خانة " الْيَكْ". فها هى مصر قد أفلتت من القبضة الأمريكية، وانعتقت إرادتها، واستردت قرارها وسيادتها. ثم توجت العلاقات المصرية الروسية بذلك اللقاء الذى تم بين بوتين ـ الرئيس الثعلب ـ والمشير السيسى. وفى الوقت الذى جاءت فيه الوفود الروسية كى تبنى مع مصر علاقات جديدة متكافئة، هرولت الوفود الأمريكية إلى مصر لترميم ما تهدم من علاقات. وليس البناء كالترميم لو كانوا يعلمون.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة