احتشد ملايين السوريين أمام قصر الضيافة، الذى ينزل فيه جمال عبد الناصر بدمشق يوم 24 فبراير 1958، وخطب فيهم "عبد الناصر" 20 مرة، لكن خطابه الذى أشعل المنطقة والعالم كان فى اليوم التالى (مثل هذا اليوم 25 فبراير)، وبعد ثلاثة أيام من الإعلان رسميا عن الوحدة بين مصر وسوريا.
مساء يوم "24 فبراير" صعد عبد الناصر إلى غرفة نومه فى قصر الضيافة، وجاءه رجل سوريا القوى "عبد الحميد السراج"، الذى أصبح نائبا لعبد الناصر فى دولة الوحدة، ليبلغه بتلقيه عرضا من العاهل السعودى الملك "سعود" بمائة مليون جنيه إسترلينى مقابل قيادته لانقلاب يحول دون قيام الوحدة، وكان "أسعد إبراهيم" صهر "الملك" هو الوسيط، على أن يقع الانقلاب قبل إعلان نتيجة الاستفتاء، ويتم دفع 20 مليون جنيه مقدما، والباقى بعد نجاح الانقلاب، وقدم "السراج" وثائقه ومستنداته إلى "عبد الناصر".
القصة بكاملها تأتى فى كتاب "سنوات الغليان" للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، بالإضافة إلى الصحف المصرية والعالمية الصادرة وقتئذ، وفى سرد هيكل لها، أن الوسيط قال لـ"السراج": "السفير الأمريكى سيقدم لنا اعترافه بنظامنا فور إعلان الانقلاب، وكذلك اعتراف الدول الصديقة لأمريكا"، وواصل "السراج" مفاجآته: "سلمنى أسعد إبراهيم شيكا بمليون جنيه إسترلينى مسحوبا من البنك العربى المحدود فى الرياض على بنك "ميدلاند" فى لندن، وكان مدفوعا لحامله (شيك رقم 52-85902)، ثم عاد بعد ذلك بشيك بمبلغ 700 ألف جنيه إسترلينى مسحوبا من البنك العربى المحدود فى الرياض على بنك "ميدلاند" فى لندن (شيك رقم 58 - 85903)، وشيك آخر بمبلغ (200 ألف استرلينى مسحوب بنفس الطريقة برقم (52- 85904)، لتصل قيمة هذه الشيكات مليونا و900 ألف جنيه استرلينى كمبلغ مبدئى.
سلم "السراج" لـ"عبد الناصر" صور الشيكات وأذونات الدفع المتعلقة بها، وإيصالات بإتمام عملية الإيداع باسمه فى حساب تم فتحه فى البنك العربى المحدود فى سوريا تحت رمز (ع. س_ أى عبد السراج)، ومجموعة من إشارات تحركات الطائرة الملكية السعودية الخاصة التى وضعت تحت تصرف "أسعد إبراهيم"، وكانت تتنقل من دمشق إلى الرياض وبالعكس عدة مرات كل يوم.
يوم (25 فبراير) صباحا، حضر "شكرى القوتلى" إلى عبد الناصر وعرف بالقصة فضرب كفا على كف قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وفى ظهر نفس اليوم، قدم "السراج" إلى "عبد الناصر" نص برقية مرسلة من السفارة السعودية فى دمشق إلى الديوان الملكى فى الرياض نصها: "تأكد أن البناية مفشوشة"، وكانت تعنى أن العملية فشلت، لأن "البناية" كانت هى اسمها الرمزى، وكان "القوتلى" هو الذى أبلغ السفارة مسألة اكتشاف القصة كلها، وبعد ساعة خرج عبد الناصر من شرفة الضيافة ليتحدث عن القضية كلها أمام الحشود المتواجدة أمام القصر حتى سفوح جبل "قاسيون".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 فبراير.. 25 فبراير 1958 عبد الناصر يكشف خطة الانقلاب على الوحدة بمائة مليون إسترلينى
الثلاثاء، 25 فبراير 2014 08:38 ص
جمال عبد الناصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة