أصدرت منذ قليل محكمة جنح الخانكة المنعقدة بأكاديمية الشرطة برئاسة المستشار محمد عبد الله عباس، قراراً بتأجيل نظر قضية محاكمة نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة و3 ضباط آخرين بالقسم، فى واقعة وفاة 37 سجينًا من أعضاء الإخوان داخل سيارة ترحيلات لسجن أبو زعبل، لجلسة 18 مارس للنطق بالحكم.
بدأت الجلسة بدخول المتهمين الأربعة إلى قفص الاتهام واستمعت المحكمة إلى شهادة حسن عبد الغنى أحد المجنى عليهم من المصابين.
وقال عبد الغنى "خرجنا من محبسنا فى قسم مصر الجديدة الساعة السادسة صباحًا يوم الحادث متوجهين إلى سجن أبو زعبل، وصعدنا إلى سيارة الترحيلات التى لم تتسع لعددنا الذى بلغ 45 محبوسًا، فاعترضنا وكنا هنتخنق لكن الضباط حشرونا، ورد علينا أحدهم: السيارة تشيل 70 متهم".
وأضاف الشاهد "وصلنا إلى السجن وكانت الساعة قد قاربت على الثامنة صباحًا وبدأ الجو يبقى حر جدًا ومكناش عارفين نأخذ نفسنا، فما كان لنا إلا أن نستغيث للخروج من السيارة، فرد علينا أحد الضباط: أنا هشغل الشفاط لكن بعد كده قالوا: الشفاط عطلان".
واستكمل حديثه "بدأنا نستغيث مرة أخرى، أحدنا يطرق على السيارة وآخر يصرخ، حتى فتحوا لنا شرفة من الباب وشفنا الموت بعنينا وعاملونا بمنتهى القسوة والوحشية، وكنت أنا بجانب الباب فألقيت نفسى فألقوا عليا جردل مياه، ثم دخلونى العربية ثانى، وبدأ المحبوسون داخل السيارة يتعرضون لحالة إغماء ويسقطون واحدا تلو الآخر وبدأنا نستغيث: افتحوا الباب هنموت، فرد علينا أحد الضباط: إحنا عايزنكوا تموتوا كلكوا.. ثم بدأ الضباط يستخفون بنا ولم يدركوا حجم الخطر".
وتابع الشاهد "قام الضباط بفتح الباب مرة أخرى على استحياء فاستطعت أنا و5 آخرين فى الخروج بعد أن حشرت رقبتى حتى لا يغلق الباب وألقوا علينا جردل مياه وعندما استفقنا، وجدنا الضباط قد أحسوا بخطورة ما حدث وسارعوا لإنقاذ المحبوسين ولكن بعد فوات الأوان".
ثم استمعت المحكمة إلى شهادة اللواء جمال محمد مفتش الداخلية لأمن القاهرة وأكد أنه ليس لديه أية معلومات عن الوقائع وأن مهمته تقتصر على الفحص الخاص بإجراءات الترحيلات قبل وبعد الانتهاء من المأمورية، فوجهت المحكمة للشاهد عدة أسئلة لكن الشاهد ظل يؤكد للمحكمة أنه ليس لديه أية معلومات، فسألت المحكمة الشاهد "من المسؤل تحديدًا عن إصدار أمر الخدمة بترحيل المتهمين؟"، فرد الشاهد "يُرجع فى ذلك إلى مدير أمن القاهرة".
عقبت المحامية دينا عدلى حسين دفاع المتهمين، أنه من الواضح أن الشاهد "جاى واخد أوامر أنه ميخرجش الاتهام فى هذه الحادثة عن المتهمين الأربعة الذين تم أخذهم ككبش فداء منذ بداية الحادث"، وطلبت المحاميه استدعاء مدير أمن القاهرة لسؤاله عن الحادثة.
وأثبتت المحامية فى محضر الجلسة، إصرار مفتش الداخلية على قصر الاتهام وتحميل الضباط المتهمين مسئولية ترحيل المساجين وحدهم دون غيرهم وذلك على الرغم من أن الكتب الدورية لوزارة الداخلية تنص على أن ترحيل المساجين وفقًا لهذه المأموريات من اختصاص مديرية الأمن وقسم الترحيلات، وقال الدفاع "السبب فى هذه الحادثة يجى يخش القفص".
وفى ظل إصرار مفتش الداخلية على عدم معرفته، غضب الضباط من داخل القفص وظلوا يصرخون موجهين "حرام عليك والله العظيم ده ظلم إنت عارف كل حاجة"، واستفزت أقوال مفتش الداخلية عددا من ضباط الشرطة الذين ملئوا قاعة المحكمة للتضامن مع المتهمين وظلوا يرددون "إنت جاى ليه؟".
وعندما مثل الشاهد الثانى اللواء مصطفى محمد مفتش الداخلية لمصلحة السجون بقطاع القاهرة والجيزة للإدلاء بشهادة أمام المحكمة قائلًا إنه ليس مختصا بسجن أبو زعبل، طلب دفاع الضباط المتهمين أن تثبت المحكمة تعمد وزارة الداخلية إرسال مسئولين ليسوا مختصين بالواقعة لتضليل العدالة.
تسبب الشاهد فى حالة من الاستفزاز داخل القاعة بعد أن كانت كل الإجابات على أسئلة الدفاع "معرفش" أو "أرجو الرجوع إلى المختص" مما أثار غضب المتهمين داخل القفص وصرخوا قائلين "حرام عليك" وبعدها ثار الضباط الحاضرون للتضامن مع زملائهم الضباط المتهمين قائلين "أومال أنت جاى ليه؟.. منك لله".
وحدثت مشادات كلامية كادت أن تصل للتشابك بالأيدى بين أهالى المجنى عليهم والضباط المتضامنين فى القضية وهيئة الدفاع، مما اضطرت هيئة المحكمة لرفع الجلسة، ثم عادت للانعقاد مرة أخرى وطالبت من المتهمين المتواجدين داخل قفص الاتهام الالتزام بالهدوء حفاظا على حقوقهم.
واستكملت المحكمة سماع أقوال نفس الشاهد التى تناقضت أقواله بشأن حمولة سيارة الترحيلات والتعليمات الخاصة بها، فصمم الدفاع الحاضر عن المتهمين على طلبات استدعاء كل من مدير أمن القاهرة لمناقشته بشأن أمر الخدمة الصادر من المديرية وقت ارتكاب الواقعة وهو اللواء أسامة الصغير وأيضا اللواء على الدمرداش حكمدار القاهرة ونائب مدير الأمن والمختص بدوائر التفتيش واستدعاء مفتش داخلية السجن المختص عن سجن أبو زعبل، واستدعاء العميد سيف شعبان زعلول مأمور قسم مصر الجديدة، والعقيد حازم الشربينى رئيس ادارة ترحيلات القاهرة والعميد محمد نوار مأمور سجن أبو زعبل العسكرى الحالى وطبيب السجن وكبير الأطباء الشرعيين واللواء صفوت طنطاوى مفتش الداخلية السابق الذى حضر الواقعة.
وطالب الدفاع ضم التقرير الهندسى الخاص بسيارة الترحيلات ومقارنته بباقى التقارير المرفقة بالقضية ومعرفة نوعية السيارة، ومدير إدارة شئون خدمة الضباط بمديرية أمن القاهرة، وأحمد فتحى عبد الحليم طبيب شرعى مساعد بالقليوبية وهشام عبد الحميد وصلاح عز الرجال رئيس قسم الطب الشرعى بالمنصورة وصلاح محمود الهلباوى نائب كبير الأطباء الشرعيين.
من جانب آخر أكد والد أحد الضباط المتهمين فى القضية والذى رفض ذكر اسمه، أن الداخلية لأول مرة تضحى بأبنائها دون مبرر واضح، وأن هؤلاء الضباط قد أحضروهم من بيوتهم فى أوقات متاخر يوم الحادث وليسوا هم الجناة فى الواقعة وإنما القيادات التى أمرت بذلك، مضيفا أن هؤلاء الضباط ظلوا يعملون بعد الحادث أكثر من شهرين حتى أمرت النيابة بحبسهم، مؤكدا أن وزارة الداخلية كان لديها مخطط للتعتيم على القضية ولكن الأمر خرج عن استطاعتها.
كان المستشار هشام بركات، النائب العام، قد أصدر أمر بإحالة نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة و3 ضباط آخرين بالقسم وهم كل من محمد يحيى عبد العزيز، وإبراهيم محمد، وعمر فاروق، وإسلام عبد الفتاح، إلى محكمة الجنائية العاجلة، بعدما أثبتت التحقيقات تورطهم فى وفاة 37 من المتهمين المرحلين بسيارة الترحيلات من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل، وإصابة آخرين من المتهمين بسيارة الترحيلات التى كانت فى طريقها من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل.
وأسندت النيابة إلى المتهمين الأربعة من ضباط الشرطة، تهمتى القتل والإصابة الخطأ بحق المجنى عليهم.
واستمعت النيابة العامة إلى 7 من المجنى عليهم الذين نجوا من الحادث، علاوة على 40 شخصا آخرين من قوات الشرطة والأطباء الشرعيين وخبير وزارة العدل الذى أعد تقريرا أورد به أن صندوق حجز سيارة الترحيلات محل الواقعة لا يتسع سوى لعدد 24 شخصا، وأن السيارة غير صالحة لنقل عدد 45 شخصا جرى ترحيلهم بصندوق حجزها.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين ولو كانوا متهمين.
تفاصيل جلسة قضية "ترحيلات أبو زعبل".. أحد الشهود: حشرونا فى السيارة رغم استغاثاتنا.. الضباط استخفوا بنا وصرخنا: افتحوا الباب هنموت ورد أحدهم: إحنا عايزنكم تموتوا كلكم.. والدفاع: المتهمون "كبش فداء"
الثلاثاء، 25 فبراير 2014 04:48 م