محمد حمدى الحلوانى يكتب: مستشفيات الحكومة مقابر للفقراء

الإثنين، 24 فبراير 2014 12:05 م
محمد حمدى الحلوانى يكتب: مستشفيات الحكومة مقابر للفقراء صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى نرد الحق لأصحابه ولا نبخس الحكومات السابقة تبعات إهمالها الذى يمثل جريمة جنائية وأخلاقية يجب أن يعاقب عنها جميع وزراء الصحة فى حكومات ما قبل الثورة، وجب علينا أن نلقى نظرة سريعة على المستشفيات الحكومية ربما تتضح الصورة السيئة التى لا يريد أن يراها المسئولون فى مصر بعد الثورة برغم وضوحها وضوح الشمس.

فجميع المستشفيات الحكومية فى كل محافظات مصر تعانى من إهمال فاق الحدود وأقل ما توصف به أنها مجرد مجموعة من الجدران المتهالكة التى تم بناؤها منذ زمن طويل على مساحة شاسعة من الأرض فى حدود جغرافية متقاربة فلا يكاد يخلو مركز فى أى محافظة إلا ويوجد به على الأقل عشرون مبنى تحمل لوحة عفنة مكتوبًا عليها هنا مستشفى حكومي وتسكن به مجموعة كبيرة من القطط الضالة والفئران التى تألفت قلوبهم على غير العادة فضلاً عن وجود بعض المرضى الغلابة من فئة إنسان درجة ثالثة تقدم لهم الخدمات الصحية التى لا فائدة منها بواسطة بعض الممرضات غير المؤهلين واللائي اكتسبن خبراتهن التمريضية بالممارسة لا بالعلم، وكل ما يثبت أنهن ممرضات ارتداء البالطو الأبيض إن وجد كل هذا فى ظل غياب تام للسادة الأطباء، ما جعل المواطن المصرى الفقير الذى فقد كرامته الإنسانية ودمرته الأمراض وهزمه اليأس واستحكمت فى مقدراته قوى الشر أصبح يتمنى الموت ليل نهار. فلم يعد يرى فى حياته ما يستحق البقاء بعدما أصبح محاطًا بأمراض عديدة لا يستطيع مقاومتها بالعلاج بسبب الفقر.

تلك هى الحقيقة المرة التى تؤكد أن حياة الإنسان المصرى وصحته ليست على جدول أعمال الحكومة ولا ضمن اهتماماتها، هذا الإنسان الذى عانى كثيرًا وما زال من الفقر والحاجة لم يجد حتى الآن من يهتم برعاية مصالحة وتحقيق آماله وطموحاته حتى فى أبسط حقوقه الإنسانية المتمثلة فى توفير خدمات صحية مناسبة تخفف من أوجاع المرض الذى نال منة وأفقده التمتع بنعمة الصحة لعدم قدرته على تحمل مصاريف العلاج بسبب غلاء الأدوية وجشع واستغلال الكثير من الأطباء فى عيادتهم الخاصة المكتظة بالمرضى الفقراء الذين يعانون من ارتفاع قيمة الكشف المبالغ فيه.

وهذا يؤكد أن الطب فى مصر أصبح مهنة تجارية بحتة هدفها الأول والأخير تحقيق المكاسب المادية دون مراعاة لظروف الفقراء وتناسى هؤلاء الأطباء أنهم كانوا فى الماضى ملائكة للرحمة وأصبحوا اليوم شياطين العذاب ويبقى الأمل فى شباب الأطباء الذين لم تلوث قلوبهم بانعدام الضمير المهني ولم تلوث نفوسهم بالجشع المادي أن يثوروا ثورة حق مطالبين الشعب أن ينضم إليهم لنقف جميعًا يدًا واحدة ونثور ضد فساد وزارة الصحة وإلزام الدولة بتوفير كل الإمكانيات التى تحتاجها المستشفيات وتطويرها من أجل تحسين الخدمات الصحية التى تقدم للمرضى الفقراء فى المستشفيات الحكومية أسوة بتلك الخدمات التى تقدم للمرضى الأغنياء فى المستشفيات الخاصة.

فلم نعد نملك رفاهية الوقت لنصبر أكثر من ذلك على المرض الذى دمر الإنسان المصرى لذلك فأنا أبعث برسالة سخط لكل مسئول مصري تهاون فى أداء واجباته حتى صارت مستشفيات مصر بهذا السوء ومليئة بالعديد من القصص المأساوية وحكايات من الألم والمرض والدموع.

وربما هناك بارقة أمل جاء النص عليها فى دستور 2014 المادة 18 والتي أكدت حق المصريين فى الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة والتزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض العالمية وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم.

كما يجرم النص الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة كما تكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل والتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا يقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وبالرغم من وضوح النص الذى يجعلنا نشعر بالأمل لكننا فى نفس الوقت غير آملين بالتطبيق وهذا عهد الحكومات المصرية معنا فهي لا تحترم النصوص الدستورية والقانونية وهذا جوهر قضايا الفساد فى مصر فمن لا يردعه ضميره لن يردعه القانون.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة