منذ أن خلق الله البشر وجعل منه النسب والصهر نشأ الصراع بين الخير والشر وبين الحق والباطل وبين الحسن والقبيح وبين أبناء الجيل الواحد برعاية شيطانية إلا من رحم ربى فكان أول دم أريق فى الأرض بين ابني آدم إذ قربا قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فقال لأقتلنك فقال إنما يتقبل الله من المتقين حسب ما ورد فى القرآن الكريم.
ثم نشأ الصراع بين الأجيال تلو الأجيال مستندًا لفكرة وقيمة عقلية حينًا ورغبة فى الغلبة المادية أحيانًا فكان الانتصار للفكرة والوقوف عندها والدفاع عنها بغية تحرى الحق ونشر الخير تمثل فى دفاع الابن عن معتقده وما يؤمن به من الحق الذى هداه الله إليه حتى وإن حرق أو عذب وخير مثال لذلك هو موقف سيدنا إبراهيم عليه السلام من أبيه إذ اتخذ أصنامًا آلهة من دون الله ورؤيته للضلال الحاضر والحق الغائب عن قومه.
والمثال الآخر هو حالة سيدنا نوح عليه السلام مع ابنه الذى رفض فكرة أبيه وما يعتقده من الدعوة للتوحيد ودعوته لابنه أن ينجو معهم إلا أنه آوى إلى جبل مخلوق تاركًا الخالق فكان فيه الهلاك.
وما نراه من أمم سادت ثم بادت وحضارات استقرت ثم مرت ومعالم انقرضت واندثرت ومنها ما صار أثرًا بعد عين يمثل نوعًا من الصراع الطبعي والمصطنع وقليل منه ما هو قائم على الوفاق حيث يستند فى أغلبه إلى مظنة الأفضلية أو الحسد والحقد أو التنافس على أمر دنيا أودين أو القوه أو الفكرة سواء كانت بناءة أو هدامة.
غير أن الأمر يختلف فى سائر الكائنات من غير البشر فالصراع عندهم يتمثل فى المقاومة البيولوجية للنوع الواحد ولعدة أنواع فهو صراع مادي ينصرف إلى البقاء للأقوى وما يسمى بشريعة الغاب ويشترك بنى البشر فى هذا الصراع على الماء والكلأ والنار أى الوسائل الأساسية للمعيشة التى يجب أن يشترك فيها الجميع دون نزاع.
غير أن هذا يذهب بنا إلى جيل الآباء والأبناء ومدى تهذيب العلاقة بين الطرفين وهل هو صراع أم تواصل؟ أم هو رغبة كل طرف أن يكون وحدة دون الآخر؟
لكن الله عز وجل لم يترك هذا الأمر دون توجيه وتحديد المنهج الذى يحكم العلاقة بين الطرفين للوصول بها إلى المستوى المناسب من التوافق والتواصل حيث بين فريضة الإحسان للوالدين فى القرآن الكريم وما بينه الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه" واحترم الإسلام ذا الشيبة المسلم كما احتفل بالطفل واليتيم والشيخ والشاب فجعل لكل فئة عمريه دورها فى الحياة ورسالتها التى تؤديها فى الأرض.
فهل يكون العقوق والجحود والنكران بين الأجيال هو القائم؟ أم يكون العطف والرحمة والتوقير والإحسان هو الدائم؟ لأنه فى اعتقاد البعض أن العقوق والشر والثورات وهلاك الناس صناعة وفى اعتقاد البعض الآخر أن البر والخير والاستقرار وإحياء الناس جبلة وطباعة أى طبع يوافق الفطرة ويتماشى مع الطبيعة الإنسانية برعاية ربانية.
وهذا يدعونا إلى التساؤل عما إذا كان التحرك نحو الإصلاح هو المسار الذى ينبغي أن يكون؟ أم أن التحرك الثوري هو المسار الذى يصل بنا إلى المضمون؟ فينهدم كل ما سبق دون اعتبار لما تحقق فيبقى البناء غير مكتمل لأن معاول الهدم كثيرة وحجارة البناء قليله.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة