يبدو أن جنوب أفريقيا أعادت النظر فى موقفها المعادى الذى اتخذته ضد مصر عقب ثورة 30 يونيو، حيث أرسل "جاكوب زوما"، رئيس جنوب أفريقيا، "سيابونجا سويلى"، وزير أمن الدولة، مبعوثا شخصيا عنه، بحسب ما صرحت به مسئولة بسفارة جنوب أفريقيا لدى مصر، بأن الهدف الأول من الزيارة تسليم المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية، رسالة تتناول آخر تطورات الوضع فى المنطقة، وسبل دعم علاقات التعاون بين مصر وجنوب أفريقيا، فى خطوة تعكس تغييراً مهماً فى موقف جنوب أفريقيا الذى اتخذته ضد مصر عقب ثورة 30 يونيو .
وصرح مصدر رفيع المستوى لـ"اليوم السابع" بأن مصر تفتح ذراعيها وترحب بعودة العلاقات مع جميع الدول التى اتخذت موقفا مضادا لثورة 30 يونيو، وترغب فى العودة بعد مراجعة موقفها، والتأكد بأن مصر لن تسمح بالتدخل فى شأنها الداخلى.
وتعد هذه الزيارة الأولى لمصر منذ 30 يونيو بعد أن تقمصت جنوب أفريقيا دور بعض الدول الغربية، واتخذت موقفاً عدائياً ضد إرادة الشعب المصرى حينذاك، وأصدرت عدة بيانات استنكرت فيها خروج الملايين المطالبين بعزل جماعة الإخوان الإرهابية عن سدة الحكم فى مصر، بعد تدهور الأوضاع خلال عام، وكان أهمها بيان صدر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون الدولى بجنوب أفريقيا فى 15 أغسطس الماضى، والذى كشف عن قراءة غير دقيقة للواقع المصرى، معتمداً على معلومات مغلوطة، متجاهلاً الإرادة الشعبية لملايين المصريين، واستنكر استخدام القوة من قبل قوات الأمن فى فض اعتصامى رابعة والنهضة.
ومن المفارقات أن هذا البيان صدر قبل يوم واحد من الذكرى الأولى لمذبحة "ماريكانا", التى ارتكبتها شرطة جنوب أفريقيا وراح ضحيتها 34 من عمال المناجم, الذين لم يكونوا مسلحين سوى بعصى خشبية وقطع حديدية, بعدما فتحت قوات الأمن الجنوب أفريقية النار عليهم مباشرة دون تحذير فأردتهم قتلى فى 16 من أغسطس2012, وهى المجزرة التى سبقها مقتل 10 عمال فى أعمال عنف وتبعها كذلك مصرع 15 آخرين.
من جانبها رأت السلطات المصرية، أن موقف جنوب أفريقيا يعد تدخلاً سافراً فى الشأن المصرى الداخلى الذى رفضته شكلاً وموضوعاً، وجاء رد الخارجية المصرية صارماً، حيث أعربت عن استيائها الشديد تجاه ذلك البيان، واستنكرت فى بيان مضاد إصرار حكومة جنوب أفريقيا على وصف ما حدث فى مصر من ثورة شعبية بأنه تغيير غير دستورى للحكومة، واستمرار ادعائها بما سمته وقتها "شرعية الرئيس السابق محمد مرسى"، الأمر الذى يمثل إهانة لإرادة الملايين من أبناء الشعب المصرى.
وأضاف البيان، أن مصر كانت أول المدافعين عن حق شعب جنوب أفريقيا فى نضاله ضد نظام الفصل العنصرى، فيما تتخذ حكومة جنوب أفريقيا الحالية مواقف على هذه الدرجة من السلبية تجاه الشعب المصرى، فى سعيه لتصحيح مسار ثورته، ونضاله من أجل الديمقراطية.
ولم يكتف الجانب الأفريقى بتوجيه الانتقاد اللاذع لإرادة المصريين وأصدر بياناً آخر فى 20 أغسطس للرد على الخارجية المصرية يعكس الإصرار على موقفها, وصفت به ما جرى فى مصر بـ"الانقلاب العسكرى"، واعتبر أن البيان المصرى فيه محاولة لتصيد الأخطاء ضد جنوب أفريقيا، مشيراً إلى أن موقف جنوب أفريقيا يستند إلى القانون التأسيسى للاتحاد الأفريقى، والذى بمقتضاه يعتبر أى تغيير غير دستورى للحكم مرفوضاً بغض النظر عن سببه.
وأكد البيان أن جنوب أفريقيا ترى أن هناك حاجة إلى إيجاد حلول وطنية للتحديات الداخلية فى الدول الأفريقية, وعدم تدويل الأزمات, حيث إن حل الأزمة فى مصر يجب أن يكون بواسطة الشعب المصرى.
ومع قرب إتمام استحقاقات خارطة الطريق التى تسير فى طريقها الصحيح تعود جنوب أفريقيا بخطوة أولى نحو عودة العلاقات المصرية الأفريقية، لتثبت أن ما قام به الشعب المصرى ضد جماعة الإخوان كان ثورة عكست إرادة الشعب وليس انقلاباً عسكرياً.
بعد موقفها المعادى من ثورة 30 يونيو ووقوفها ضد الإرادة الشعبية.. جنوب أفريقيا تخطو نحو استعادة العلاقات المصرية الأفريقية.. "جاكوب زوما" يبعث رسالة تعاون إلى الرئيس عدلى منصور.. والقاهرة ترحب
الأحد، 23 فبراير 2014 02:16 م