فى ظل العاصفة التى تتعرض لها الأسواق الناشئة قد تقرر بعض الدول الغنية بالموارد الطبيعية إبقاء نسبة أكبر من ثروتها فى صورة أصول سائلة حتى تتمكن من استخدامها لدعم الاقتصاد بدلاً من وضعها فى استثمارات إستراتيجية من أجل الأجيال القادمة.
وتؤدى خطوات كالتى اتخذتها قازاخستان الأسبوع الماضى باستخدام أموال الصندوق الوطنى لتقليص القروض المتعثرة لدى البنوك وما عزمت عليه روسيا من استخدام صندوق الثروة الوطنى لإنقاذ أوكرانيا إلى تقليل المبالغ المتاحة للاستثمار فى مشروعات كبرى مثل البنية التحتية.
ويثير ذلك أيضاً خشية من استمرار تأثر السياسة الاستثمارية لتلك الصناديق بالتدخل السياسى.
وأمر رئيس قازاخستان نور سلطان نزارباييف المسئولين الأسبوع الماضى باستخدام 5.4 مليار دولار من الصندوق الوطنى الذى يحتوى على ثروة البلاد من أموال النفط لمساعدة البنوك.
وقالت روسيا، إنها ستستخدم عشرة مليارات دولار من صندوق الرفاه الوطنى الذى يدعم نظام المعاشات المحلى لتمويل برنامج مساعدات لأوكرانيا قيمته الإجمالية 15 مليار دولار.
ولم تكن أوكرانيا حتى على قائمة الدول المسموح للصندوق بالاستثمار فيها، لأن ديونها مصنفة بأقل من المستوى المطلوب، لكن الحكومة سارعت بتعديل القواعد للسماح بتحويل المساعدات إلى كييف.
وقال باترك شينا الرئيس المشارك لشبكة الثروة السيادية ورأس المال العالمى فى كلية فلتشر بجامعة تافتس "بعض هذه المخاوف بدأت تثار مع خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، بالطبع هناك ضغوط سياسية كبيرة لاستخدام أموال الصناديق فى الداخل".
وأضاف "إذا تعرض الصندوق لضغط سياسى لاستثمار جزء من أصوله فى تعزيز الاستقرار الاقتصادى وتوفير تمويل إضافى فإن إدارة الصندوق قد تأخذ قرارا تكتيكيا برصد مخصصات أكبر للسندات بدلا من العقارات على سبيل المثال".
وتتلقى صناديق الثروة السيادية عادة جزءا من إيرادات الثروات الطبيعية من الحكومة بالعملة الأجنبية.
والغرض من ذلك إدارة تلك الأموال بطريقة تعزز الثروة للأجيال القادمة من خلال الاستثمار فى أوراق مالية مرتفعة العائد فى خارج البلاد أو أصول غير سائلة مثل البنية التحتية أو الاستثمار المباشر أو العقارات من أجل تعظيم العوائد.
وحين تتعرض الدولة لضغوط شديدة على العملة وخطر نزوح رؤوس الأموال بشكل مفاجئ يتولى البنك المركزى الدفاع عن العملة إما برفع أسعار الفائدة أو بالتدخل بالاحتياطيات.
لكن فى ظل الأزمات قد تلجأ الحكومة إلى الجمع بين خزينة البنك المركزى وأموال الصندوق السيادى لتعظيم قدرتها المالية، وعندئد قد يجد الصندوق صعوبة فى رصد جزء كبير من أصوله للمشروعات غير السائلة.
وبحسب بيانات من شركة بريكين بلغت نسبة أصول صناديق الثروة السيادية العالمية المستثمرة فى البنية التحتية 57% فى 2013 بارتفاع طفيف عن 2012. واستأثرت مشروعات البنية التحتية الاجتماعية مثل المستشفيات والمدارس بنسبة 44%.
ويعول كثير من المستثمرين المحتملين والحكومات على الصناديق السيادية للمساهمة فى سد الفجوة التمويلية فى تلك المشروعات التى تمتد لعدة سنوات، وتسيطر صناديق الثروة السيادية فى أنحاء العالم على أصول تزيد قيمتها على خمسة تريليونات دولار.
ومهما كانت النوايا خالصة فإن تلك الصناديق تمثل إغراء شديدا للحكومات.
فقد استخدمت أيرلندا صندوق الثروة السيادى الذى تبلغ قيمته 24 مليار يورو (33 مليار دولار) والمخصص أصلا لدعم نظام الرعاية الاجتماعية والمعاشات فى 2009 لإعادة رسملة البنوك.
وفى 2010 استخدمت دبلن الصندوق مرة أخرى للمساهمة فى برنامج إنقاذ دولى لاقتصادها.
وفى الكويت أنفق صندوق الثروة السيادى ما لا يقل عن 1.5 مليون دينار (5.3 مليون دولار) فى أواخر عام 2008 لوقف هبوط البورصة المحلية ولمساعدة البنوك على جمع رؤوس أموال جديدة فى 2009.
واستخدمت روسيا أيضا أموال الصندوق الوطنى لشراء أسهم محلية ووجهت قازاخستان تسعة مليارات دولار لإنقاذ القطاع المالى المحلى خلال أزمة الائتمان العالمية.
وقال أندرو أنج مستشار صندوق الثروة السيادى النرويجى والأستاذ فى كلية كولومبيا لإدارة الأعمال إن الصناديق التى ليس لها تفويض محدد قد تستخدم كأداة سياسية.
وأضاف "حين تجنب الأموال فى صندوق واحد كبير يمثل ذلك إغراء شديدا للسياسيين لاستخدامها فى أى غرض يريدونه وهذا ما حدث".
وتابع "أسوأ شىء... أن تتخذ قرارات خاصة وتغير استراتيجيات الاستثمار فى منتصف الطريق. وغالبا ما يحدث ذلك وسط حالة هلع أو مبالغة فى رد الفعل وهو ما يؤدى إلى سياسات استثمارية سيئة".
وقال أنج إنه يجب أن تكون للصناديق مسؤوليات محددة بوضوح أو أهداف استثمارية سواء كانت احتياطيا لإنقاذ البلاد فى الظروف الصعبة أو ادخارا من أجل الأجيال القادمة مع إمكانية تقسيم الصندوق إلى عدة وحدات.
الأزمات تدفع صناديق الثروة السيادية للاحتفاظ بأصول سائلة
الأحد، 23 فبراير 2014 09:08 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة