مفتى القدس: الاعتداء على القدس بلغ ذروته لانشغال الدول العربية

السبت، 22 فبراير 2014 02:58 م
مفتى القدس: الاعتداء على القدس بلغ ذروته لانشغال الدول العربية الشيخ محمد حسين المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية
رام الله (أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الشيخ محمد حسين المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية، أن وتيرة الاعتداء على مدينة القدس بلغت ذروتها هذه الأيام بسبب انشغال الكثير من الدول العربية بأوضاعها الداخلية، إلى جانب الانقسام الفلسطينى وتقاعس المجتمع الدولى عن آداء دوره بهذا الشأن.

وقال حسين، فى رام الله، إن هذه الهجمة الوحشية على المدينة المقدسة ليست وليدة اليوم، لكنها اشتدت وازدادت وتيرتها بشكل خاص فى النصف الثانى من العام الماضى وبداية العام الجارى، حينما أطلقت الحكومة الإسرائيلية اليمينية العنان لتصريحات مسئوليها سواء من الوزراء أو أعضاء الكنيست.

وأوضح أن هذا الأمر أفسح لهم المجال ليتفوهوا بما يشاؤون، ولذلك كثرت تصريحاتهم بتهويد مدينة القدس واقتحامات المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم، وهو ما أدى أيضا إلى تسارع وتيرة الحفريات أسفل الأقصى وفى البلدة القديمة وبلدة سلوان.

وأشار مفتى القدس إلى أن كل هذه العوامل تدل على أن وتيرة الاعتداء على المدينة المقدسة وصلت ذروتها هذه الأيام لعدة عوامل منها تطرف هذه الحكومة اليمينية الإسرائيلية التى لا تريد السلام فى الأصل، ثم ما يساعدها على هذه الهجمة الشرسة من حال الأمة العربية والإسلامية فى ظل قضايا الربيع العربى والانشغالات الداخلية والحروب المؤسفة فى كثير من تلك الدول.

وأضاف أن أحد عوامل تزايد الاعتداءات على القدس أيضا مرتبط باستمرار الانقسام الفلسطينى، وبالتالى عدم وجود موقف فلسطينى موحد على كل الأصعدة، بالإضافة إلى المجتمع الدولى الذى لا يقوم بواجبه بالشكل الصحيح بتطبيق الشرعية الدولية، رغم أنه ينادى بها ويزعم أنه يرعى حقوق الإنسان.

وحول وجود مخطط إسرائيلى لتقسيم الأقصى على غرار الحرم الإبراهيمى الشريف بمحافظة الخليل، قال مفتى القدس إن الإسرائيليين يطلقون فى الواقع نداءات لتقسيم المسجد الأقصى رمانيا ومكانيا منذ فترة ويحاولون تطبيق ذلك من خلال اعتداءاتهم المتكررة واقتحاماتهم لباحات وحرم المسجد الأقصى، ولكن يقظة حراس المسجد لمثل هذه الاعتداءات وتصدى المصلين لها يحول دون تنفيذ هذا المخطط حتى الآن.

غير أنه استطرد قائلا، أن "الإسرائيليين يحاولون فى الحقيقة تقسيم الأقصى رمانيا، ولذلك يقومون فى الفترة الصباحية من الساعة السابعة والنصف وحتى الحادية عشر بفتح باب المغاربة، الذى استولت السلطات الإسرائيلية على مفاتيحه منذ عام 1967وتحتفظ بها حتى اليوم، ويتم فتحه عنوة وضد رغبة الأوقاف الإسلامية، لإدخال المتطرفين والسائحين والجنود لباحات المسجد".

وأشار حسين إلى "أن أحزابا أخرى، لاسيما المتطرفة منها، تعلن بشكل واضح أنه يجب إقامة هيكل مكان المسجد الأقصى المبارك، لذلك نحن نقول القدس والأقصى فى خطر حقيقى، خاصة فى هذه الأيام التى يظهر فيها انشغال العرب بمشاكلهم الداخلية وبالفتن والحروب وانشغال العالم الإسلامى ثم سكوت المجتمع الدولى عما تقوم به سلطات الاحتلال من حماية المتطرفين وكل من يريد أن يقتحم الأقصى".

وأوضح أن الإسرائيليين خرجوا الآن بنغمة جديدة هى محاولة الاستيلاء على باب القطانين وفتحه تماما كما يحدث فى باب المغاربة أمام السائحين واقتحامات المستوطنين، والمقصود بذلك توسيع الهجمة على المسجد الأقصى من أكثر من بوابة، وفى الوقت نفسه إرباك السدنة وحراس المسجد والمصلين الذين يدافعون عنه، مؤكدا أنها "خطة جهنمية" لمحاولات الاستيلاء على المسجد، ومن ثم تنفيذ المخططات الهادفة لتقسيمة على غرار الحرم الإبراهيمى.

وحول سبل التحرك لحماية المدينة المقدسة، قال حسين إنه يجب على كل فلسطينى فى فلسطين التاريخية يستطيع أن يصل للمسجد الأقصى، أن يخصص جزءا من وقته ليكون مرابطا بالمسجد، ورأى أن شد الرحال للأقصى "إن كان سنة فقد ارتفع الآن إلى مرتبة الواجب، فالذهاب للمسجد والمرابطة فيه تشكل حماية له أمام هذا العدوان".

وأوضح أن هذه الدعوة للفلسطينيين بتخصيص جزء من وقتهم للمرابطة فى الأقصى تتزامن مع دعوة أخرى يوجهها ويطلق فتوى بها إلى المسلمين، لزيارة الأقصى من جميع البلاد الإسلامية، مما يعزز الوجود الإسلامى فى المسجد، كما يعزز صمود المقدسيين حينما يرون إخوانهم من العرب والمسلمين يشدون رحالهم للمسجد.

وأضاف مفتى القدس أنها فتوى دينية ودعوة سياسية أيضا، مشيرا بهذا الشأن إلى الدعوة المتكررة للرئيس الفلسطينى محمود عباس للعرب والمسلمين، بشد الرحال إلى القدس والأقصى، لأنهم يدعمون بذلك المقدسيين والفلسطينيين بشكل خاص، "فبالتأكيد زيارة السجين ليست اعترافا بالسجان".

وتعليقا على بعض الفتاوى التى تحرم زيارة المسجد الأقصى، قال حسين إن هذه الفتاوى لا تستند مع الأسف إلى دليل شرعى، فحديث النبى محمد "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة أماكن، المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الأقصى"، هو أكبر فتوى وأكبر دعوة نبوية وليست عادية، مؤكدا أن كل فتاوى التحريم تلك ترتبط بأجندة سياسية أو حزبية، ولا تمت للواقع بصلة.

وحول واقع الأمة الإسلامية بشكل عام، قال مفتى القدس "مع الأسف لم ترتفع الأمة الإسلامية لا بحكامها ولا بحكوماتها ولا بشعوبها إلى مستوى المسئولية الدينية بالدرجة الأولى والقومية أيضا بالنسبة لحماية القدس والأقصى".

وأعرب عن أمله فى أن تتقدم مواقف الأمة الإسلامية بشكل جماعى نحو وقفة جدية وحقيقية لحماية مدينة القدس، "نحن لا نريد للقدس أو لفلسطين أن تكون الأندلس الثانية ثم يندم بعض الحكام والندم لا يفيد، فالذى يفيد الأمة هى المواقف العملية والجادة لدحر هذا الاحتلال أو على الأقل إلزامه بالتقيد بالشرعية الدولية التى تجعل الحكومة أو السلطة القائمة بالاحتلال، تحترم سكان الأرض المحتلة وترعى شئونهم الأمنية ومقدساتهم" .

وبشأن مفاوضات السلام الحالية وتأثيرها على قضية القدس، قال الشيخ محمد حسين، "أود أن أؤكد للجميع أن الشعب الفلسطينى بقيادته وأبنائه يتمسك بالثوابت الفلسطينية، فلا تفريط فى أى منها بما يتضمن التأكيد على أنه لا مساومة على المدينة المقدسة ومقدساتها، وأنها يجب أن تكون العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، وأيضا على حق العودة للاجئين فهذا حق شخصى لا يملك أحد التنازل عنه وغير قابل للتصرف ولا يسقط بالتقادم".

وأكد أن هذه المفاوضات الجارية جزء من نضال الشعب الفلسطينى، فهو يناضل بالحجر والمفاوضات والمواقف السياسية والمقاومة السلمية، وكلها أدوات للوصول إلى حقه لذلك لا تعدو المفاوضات سوى أن تكون جزءا من حركة الشعب الفلسطينى للوصول إلى الاستقلال، وأن تكون القدس عاصمة للفلسطينيين فقط دون غيرهم.

وفيما يتعلق بالقرارات الصادرة عن اجتماعات الدورة العشرين للجنة القدس التى عقدت الشهر الماضى بمدينة مراكش المغربية، قال حسين "نشعر أن هذا الاجتماع للجنة القدس جاء فى الوقت الصعب الذى تتعرض فيه المدينة المقدسة لهجمة التهويد الشرسة"، مشددا على أهمية إعلان اللجنة عن موقف واضح بخصوص مدينة القدس وضرورة المحافظة على تراثها وحضارتها وكل ما فيها والتوصية بمساعدة أهلها المقدسيين على الصمود.

وتوجه مفتى القدس بالشكر إلى وكالة بيت مال القدس التى قررت تخصيص30 مليار دولار لدعم المقدسيين على مدار 5 سنوات، موضحا أن الوكالة تنشط فى مساعدة أهل القدس بجوانب كثيرة، لاسيما التعليمية منها، فقد اشترت بعض المنازل لتحويلها إلى مدارس وتساعد أيضا الحالات الاجتماعية والشباب فى القدس.

غير أنه أوضح أن الجهد المشكور الذى تقوم به الوكالة لا يكفى فى الواقع لدعم المدينة المقدسة، لأنها تحتاج لدعم كل قطاعاتها الصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية وخاصة الإسكان، مشيرا إلى أن وكالة بيت مال القدس لا تستطيع بمثل هذه المخصصات أن تغطى كل هذه الجوانب، وأعرب عن أمله فى أن تواصل جهودها وتزداد تبرعات العرب والمسلمين لها حتى تقوم بدورها على الوجه الأكمل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة