ثارت عاصفة من الاستهجان والاستنكار عقب الحكم الذى صدر بحق قاتلى الطفلة زينة وهو الحكم الذى أصدره القاضى وفقا للقانون، الأمر الذى رفضه الكثيرون لبشاعة الجريمة ويقينهم أن هذا الحكم ليس كافيا، وفى نفس الوقت صدر الحكم على مدرس قام بهتك عرض 12 طفلا من تلاميذه بالسجن 15 عاما.
لكن القاضى الذى أصدر ذلك الحكم إنما أصدره من واقع قانونى لا يمكنه الحكم بغيره، وألا عد ذلك تجاوزا لصريح القانون وتعديا على حق المشرع. ففى قضية زينة الجريمة تستحق الإعدام ولكن القانون لا يستطيع الحكم بالإعدام على من يقل سنة عن 18 عامًا وقت وقوع الجريمة بل تصبح العقوبة السجن لمدة 15 عامًا، وجريمة المدرس عقوبتها من 3 إلى 7 سنوات وخضع لظرف مشدد كونه أحد ذوى الولاية على هؤلاء الأطفال فكانت العقوبة 15 عامًا.
وهو الأمر الذى يعود بنا إلى النقطة صفر، فالكثير من القوانين تحتاج إلى التعديل لتتناسب العقوبة مع حقيقة الجريمة ومع الوضع الحالى الذى نعيشه من تفشى الجريمة وفساد الأخلاق، وهو الأمر الذى قد يعده دعاة حقوق الإنسان مخالفا للقواعد الدولية، والتى بالمناسبة تطبق عينا فقط ولا تطبق على غيرنا، لكن القاعدة العملية تقتضى ذلك وإلا صارت الأمور أسوأ مما هى عليه وأصبحنا نعيش فى غابة من الذئاب.
وللنظر إلى الأمور نظرة عملية فالقاتل الذى قد يكون مصابًا بالجنون – أو يدعيه – يتم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية لمدة قد تطول أو تقصر، بينما فى الخارج إذا كان يعى جريمته فيحكم عليه بالإعدام، بمعنى أنه إذا كان الشخص يسمع أصواتا تأمره بقتل فلان ونفذ جريمته وهو يعنى أن ما يفعله قتلا – حتى وأن كانت هناك أصوات هى التى تأمره بذلك أو ماشابهها من الخلل العقلى – فإن ذلك الشخص يتم تنفيذ حكم الإعدام فيه. وليس كما يحدث عندنا من كون الادعاء بالجنون البوابة السحرية للهروب من العقاب.
وبالمثل فإن جريمة هتلك العرض هى جريمة مماثله البشاعة لجريمة الاغتصاب وكون المجنى عليه قاصرًا لا يعد مسوغًا لتقليل العقوبة بل على العكس يجب أن تكون الجريمة شد لأنه تدمير لجيل قادم يضعنا فى دائرة مغلقة من الجريمة والإفساد، وليست جريمة التوربينى - الذى تعرض لهتك العرض فى طفولته فشكل عصابة لهتك أعراض أطفال الشوارع وقتلهم - عنا ببعيد.
وحتى لا أطيل عليكم فأنا أطالب بالمراجعة الكاملة لقانون العقوبات وتعديل البنود التى تستدعى تغليظ عقوباتها وإعداد مشروع للتعديل يكون جاهزًا للعرض على مجلس الشعب لإقراره فور انعقاده، لأن وضعنا اليوم حرج للغاية من انتشار الجريمة والانقلات الأمنى وفساد الأخلاق.
محمد نبيه إسماعيل يكتب: لا تلوموا القاضى بل القانون
السبت، 22 فبراير 2014 02:12 ص