نعانى فى مجتمعنا المصرى منذ فترات طويلة من انتشار ثقافة (قالوا وسمعنا) خاصة مع حدوث أى مشكلة أو حادثة فى أى قطاع من قطاعات الدولة، فعلى سبيل المثال الحادثة التى تعرض لها مجموعة من الشباب فى منطقة فى سانت كاترين فى سيناء الأسبوع الماضى، مما أدى إلى وفاة أربعة منهم وتعرض مجموعة أخرى للإصابة والصدمات العصبية.
تملكنا جميعا الحزن على هؤلاء الشباب رحمهم الله والهم أسرهم وأصدقائهم الصبر والسلوان، بداية تناول البعض هذا الحادث من منظور الإهمال والتسيب وأين الدولة ولماذا لم تتحرك لإنقاذهم وأين قوات الجيش، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك إنهم لو كانوا أجانب لما لقوا حتفهم ولأنهم مصريون فلم يسرع أحد لنجدتهم أو إغاثتهم.
وقبل أن نتعرض للمخطئ والمتسبب فى هذا الحادث وأترك الحكم لحضراتكم فى النهاية، يجب إيضاح بعض النقاط الهامة عن طبيعة منطقة سانت كاترين، بداية لا توجد رياضة تسلق جبال فى هذه المنطقة كما تداول البعض، وإنما هناك رحلات لصعود قمة الجبل مرتين فى اليوم لمشاهدة الشروق والغروب من أعلى قمة الجبل رحلة الشروق يتم التحرك لها بداية من الواحدة فجرا للوصول إلى قمة الجبل فى الخامسة والنصف، أما رحلة الغروب فيتم التحرك لها الثانية عشر ظهرا للوصول قبل السادسة. مع العلم أنه توجد نقطة من حرس الحدود المصرية أسفل الجبل يتم تسليمها كشفا بأسماء أعضاء الرحلة من خلال المسئول عنهم ويتم التحرك فى مجموعات من خلال أهل المنطقة من البدو المنظمين للصعود حتى لا يخرج أحد عن المجموعة والذين يعرفون بالطبع دروب وممرات الجبال المتعددة.
ويتم التنبيه من قبل مسئولى الرحلات خاصة فى الشتاء على ارتداء نوعيه خاصة من الملابس والأحذية لتتلائم مع طبيعة الجو وأرضية الجبل الصخرية خاصة أنه شتاء تكون دائما درجة الحرارة تحت الصفر لدرجة تجمد المياه ليلا وتكون طبقات من الجليد على معظم أجزاء الجبل.
ويتم التنبيه أيضا على جميع الصاعدين على قمة الجبل فى الالتزام بالسير فى نطاق المجموعات المتحركة من المرشدين والبدو والجمال وخطورة السير المفرد بالإضافة إلى أنه فى حالة سوء الأحوال الجوية يتم منع الصعود تماما من قبل حرس الحدود والبدو. ومن يتخذ قرار الصعود يذهب من جهة أخرى وعلى مسئوليته تماما على مثال رفع الراية السوداء فى شواطئ البحر عندما تسوء الحالة الجوية.
إن الشخص الدارس والعالم بطبيعة تضاريس المنطقة يعلم أنه لا يمكن وصول أى وسيلة مواصلات داخل الجبل إلا الجمال وهناك مناطق لا تستطيع حتى الجمال الوصول إليها ولا توجد بها شبكات محمول لشدة التضاريس ووعورتها وصعوبتها.
مع الأخذ فى الاعتبار، أن هذه الرحلات يقبل عليها أطفال من سن الثانية عشر والكبار حتى سن الستين من مختلف الجنسيات ومنهم بالطبع المصريين، هذا هو المختصر المفيد عن طبيعه ونوعيه هذه الرحلات الممتعة
أما أن يتناول البعض تلك الحادثة باستغلال أن هناك تقصيرا من الدولة عامة والجيش تحديدا فهنا مكمن الخطاء والخطورة على السواء، لأن هولاء الذين يحاولون استغلال أى حدث لعمل انشقاق أو تيار مضاد يتهم الجيش بالتقصير وعدم حماية أبناء الوطن، وهو ما يرغب فيه الآخرون والكارثة أيضا هنا هو الاعتماد على ثقافة (قالوا وسمعنا) ويبدأ مهرجان الإفتاء للجميع دون الرجوع إلى المتخصيصين فى هذا المجال سواء سياحيا أو أمنيا لنعرف منهم الحقيقة من كافة جوانبها، وليتضح إذا كان التقصير والإهمال من جانب الدولة أم من جانب من لم يلتزم بالتعليمات.
فيحاول بعض أصحاب المصالح المتنوعة هذه الأيام الصاق هذا الإهمال (للمؤسسة العسكرية) دون تحقيق أو متابعة أو استقصاء للحقيقة، لا ننكر بالطبع أن هناك إهمالا وتقصيرا فى العديد من القطاعات داخل الدولة وأن هناك موروث سنوات من السلبيات من البعض ولكن لن يكون التعامل دائما مع أى مشكلة أو حادثة باستغلالها سياسيا.
افيقوا يا مصريين وأنتم على مفترق الطرق والموائمرات تحاك ضد بلادنا ولا تتركوا خفافيش الظلام ينهشون فى جسد الوطن وكفانا الاعتماد على ثقافة سمعنا وقالوا وقلنا وسوف تكشف الأيام القادمة كم ما تتعرض له بلادنا من تهديدات.
فمصر الآن مستهدفة أكثر من أى وقت آخر وختاما حمى الله مصر من خطر ورحم هؤلاء الشباب.
