حصل "اليوم السابع" على نص مذكرة خبير استشارى بالبنك الدولى، لتقييم مسودتى مشروع قانون "الحق فى الحصول على المعلومات" الصادرة عن وزارتى العدل والاتصالات، وتحتوى المذكرة التى ينفرد "اليوم السابع" بنشرها على تقييم توبى مندل خبير تشريعات تداول المعلومات فى البنك الدولى وفقا للمنهجية المعترف بها دوليا.
ذكر التقرير، أن مشروع القانون الذى أعدته وزارة العدل يتوافق بشكل عام مع المعايير الدولية وهو ما ظهر جليا فى التقييم الذى أجرى مؤخراً على المسودة، التى جاءت نتائجه بـ115 نقطة من بين 150 نقطة، وهو ما يضع مسودة قانون "الحق فى المعلومات" الصادرة عن وزارة العدل فى المركز الثامن عالميا بما سيجعل مصر نموذجًا يحتذى به فى مجال حرية تداول المعلومات.
ويرصد التقرير، حالة الرفض والاستياء من جانب منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام لمسودة قانون التى طرحتها وزارة الاتصالات وحصلت على المركز 72، وفقا لتقييم توبى مندل خبير البنك الدولى، داعياً وزارة العدل إلى سرعة الانتهاء من القانون حتى تبدأ مصر فى أكبر خطوة حقيقة، من أجل إرساء الإطار التشريعى والمؤسسى لتيسير نفاذ المواطنين إلى المعلومات، وتفعيل المادة 68 من الدستور المصرى الجديد التى تنص على "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون".
ويؤكد التقرير، أن مسودة القانون التى طرحتها وزارة الاتصالات فى ديسمبر 2013 (التى تم إرسالها إلى مجلس الدولة) تحول دون تفعيل المادة 68 من الدستور المصرى الجديد، محذراً من إقرار مسودة القانون الصادرة عن وزارة الاتصالات التى لا تؤسس لحرية تداول والإفصاح عن المعلومات وتعرقل مساعى وزارة العدل المصرية فى إصدار مشروع قانون يوازن بين حق الحصول على المعلومات وبين الحفاظ على الأمن القومى المصرى، لافتاً إلى أن إقرار مسودة وزارة العدل سيكون انتصاراً كبيراً لحرية تداول المعلومات والصحافة فى مصر ويضع مصر فى مصاف الدول الديمقراطية التى تولى تداول المعلومات اهتماماً بالغاً.
وفى السياق ذاته، قال توبى مندل خبير استشارى بالبنك الدولى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إنه على المسئولين فى الحكومة المصرية أن يدركوا أن حرية تداول المعلومات فى هذه الفترة الحساسة من تاريخ مصر أحد أكبر الأولويات التى يجب الانشغال بها كونها أحد أركان تحديث الدولة المصرية، والحقيقة أن حرية تداول المعلومات فى مصر التى ظهرت جلياً فى مسودة قانون وزارة العدل ستعمل على تحقيق وإعمال قواعد الحكم الرشيد، وتعمل أيضاً على تطبيق مبدأ الشفافية التى تؤدى إلى تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتعزز من عمليات المساءلة التى تؤدى إلى ضبط الأداء الحكومى، وتقوى من عمليات المشاركة التى تؤدى إلى تقوية الشعور بالانتماء للوطن".
ويشيد تقرير خبير التشريعات بالبنك الدولى، بإتاحة مشروع القانون وزارة العدل للمواطنين الحصول على المعلومات احتراما لحق الإنسان فى المعرفة والرقابة على الدولة، وصراحة على أن الشعب هو من يملك المعلومات التى فى حوزة السلطات العامة.
وأكد، أنه يظهر جليا فى مواد المشروع نتاج تعاون وزارة العدل والمجتمع المدنى والأطراف المعنية، حيث طرحت كافة المواد على حوار وطنى حقيقى وناجح تم عقده فى سبتمبر 2013 واستمعت الوزارة فيه باهتمام لجميع المقترحات والتعديلات، حتى ظهر مشروع القانون بشكل فاجأ الكثيرين لما تضمنه من مواد تمثل نقلة كبيرة فى حصول المواطنين والإعلام وكافة المعنيين على المعلومات الرسمية بشكل غير مسبوق.
وتابع، وذلك بدءً من تشكيل المجلس القومى للمعلومات بشكل يراعى عدم غلبة التمثيل الحكومى عليه، بل يضمن فى عضويته مشاركة كافة الأطراف المجتمعية والسياسية بعيدا عن غلبة أى تيار سياسى بعينه على تشكيل المجلس تحت أى ظرف.
ويتضمن التشكيل النهائى للمجلس 6 ممثلين عن جهات حكومية مقابل 8 ممثلين عن المجتمع المدنى المنتخب، وهى تمثل لأول مرة فى تاريخ المجالس القومية المصرية يكون التمثيل البرلمانى على مستوى الأربعة الأحزاب الأكثر تمثيلا فى مجلس النواب.
وأكد، أنه قد راعى واضعو مشروع القانون بعد العديد من المناقشات ألا يكون المجلس القومى للمعلومات هو المسئول عن نظر التظلمات التى ترد من المواطنين والمؤسسات، بل سيتم ذلك عن طريق لجنة محايدة يرأسها أحد نواب رئيس مجلس الدولة يندبه المجلس الخاص، وعضوين أحدهما يختاره رئيس المجلس القومى للمعلومات، والآخر منتخب من ثلثى أعضاء المجلس (بما يضمن مشاركة المجتمع المدنى فى اختياره).
كما يلزم مشروع القانون كل مؤسسات الدولة بالإفصاح عن المعلومات التى من شأنها الكشف عن انتهاكات لحقوق الإنسان أو جرائم الفساد أو عن الأخطار الجسيمة التى تمس سلامة المواطنين أو مخاطر بيئية، باستثناء المؤسسات القائمة على الأمن القومى المصرى، وذلك لحساسية وضعها.
وأكد توبى مندل، أنه فى حالة تبنى مشروع قانون الحق فى المعلومات التى أصدرته وزارة العدل سيفتح الباب أمام ترشيح قطاع التشريع بالوزارة ورئاسة الجمهورية لجائزة دولية فى مجال مكافحة الفساد والإصلاح المؤسسى يقدمها البنك الدولى، لافتاً إلى أنه ستتم دعوة المسئولين بوزارة العدل لعرض التجربة المصرية الرائدة فى صياغة قانون تداول المعلومات فى مؤتمرات إقليمية ودولية.
ويعد حق الحصول على المعلومات وتداولها حقا أساسيا من حقوق الإنسان التى لا غنى عنها فى الفترة الحالية، والتجارب الدولية تؤكد أن الدول الديمقراطية هى تلك التى تبنَّت قوانين حرية المعلومات أو هى فى طور الإعداد له.
ويمكن القول، إن حق الحصول على المعلومات ظهر للمرة الأولى فى عام 1946، عندما تبنَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى جلستها الأولى القرار رقم 94 الذى نص على: "إن حرية الوصول إلى المعلومات حق أساسى للإنسان، وحجر الزاوية لجميع الحريات التى تنادى بها الأمم المتحدة"، ورسخ هذا القرار حقيقة أساسية هى أن حق الحصول على المعلومات بات حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وهو حجر الأساس لكل الحريات التى يجب أن تلتزم بها كافة الدول.
وسرعان ما ظهر بعد ذلك، الميثاق العالمى لحقوق الإنسان عام 1948، وقد نصت المادة 19 من الميثاق، على أن "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأى والتعبير، ويشمل ذلك الحق التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود"، ثم أُعيد، تأكيد هذا الحق فى الميثاق الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، كما عالجت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التى تبنَّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 31 أكتوبر 2003 فى المادة 13 "أهمية الوصول إلى المعلومات فى تعزيز المشاركة العامة ومحاربة الفساد".
وعلى الصعيد العربى، عالج الميثاق العربى لحقوق الإنسان مسألة حرية الحصول على المعلومات فى المادة 32 والتى نصت على "الحق فى استقاء الأنباء والأخبار والإحصاءات والأفكار من مصادرها المختلفة، كما نص الميثاق على بعض القيود المشروعة، حيث تُمارس هذه الحقوق والحريات فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع، ولا تضع إلا للقيود التى يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطنى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وعلى الرغم من أن النص يشير إلى الحصول على المعلومات، إلا أن الممارسة العملية تعكس بعض الممارسات التى تقيد هذا الحق.
ويمكن القول إن مصر، على بعد خطوات قليلة من إصدار أول قانون رسمى لها لـ"قانون الحق فى المعلومات" ظهر مؤخراً فى مسودة القانون التى طرحتها وزارة العدل المصرية، والحقيقة أنه إذا تم إقرار مسودة القانون المطروحة من وزارة العدل ستبدأ مصر أكبر خطوة حقيقية، من أجل إرساء الإطار التشريعى والمؤسسى لتيسير نفاذ المواطنين إلى المعلومات، خاصة أن أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو لا يمكن تحقيقها فى غياب منظومة للمعلومات والإحصاء تتسم بالشفافية وتنظر إلى إتاحة المعلومات للمواطن باعتبارها حقاً وليس منحة، وباعتبارها أحد أدوات التمكين السياسى والاقتصادى للمواطن، سواء فى مسائلة الأجهزة الحكومية أو فى ترشيد استخدام الموارد المتاحة أو فى تعظيم مردود المشروعات والبرامج التنموية.
ننشر تقرير "البنك الدولى" لتقييم مسودة قانون "الحق فى المعلومات".. خبير بتداول المعلومات: المسودة حصلت على المركز الثامن دوليا فى "مكافحة الفساد".. وتجعل مصر نموذجًا يحتذى به فى هذا المجال
الخميس، 20 فبراير 2014 03:17 ص
توبى مندل الخبير الاستشارى بالبنك الدولى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة