نقلا عن اليومى..
بعد البرود الذى اعترى العلاقة، التى طالما كانت دافئة، بين القاهرة وواشنطن، إثر إسقاط نظام الإخوان، وما أسفرت عنه التداعيات عن التوجه الواضح للسياسة المصرية الخارجية، نحو موسكو، رغم أنف الولايات المتحدة، وفى ظل تحليلات ترى أن مصر تحيى تراثا من العلاقات الوثيقة مع الدب الروسى، بما يعيد إلى الأذهان ما يصفه الكثيرون بـ«أمجاد الستينيات» وما أدراك ما الستينيات؟ كما كان المعزول يقول، يطفو على سطح المشهد.. سؤال غاية فى الأهمية: ترى ماذا تريد روسيا من مصر؟ وماذا تريد مصر من روسيا؟
ما طبيعة وشكل العلاقة بين موسكو والقاهرة؟ وما آفاق وحدود التعاون الممكنة بين البلدين؟ وهل تستبدل القاهرة الكرملين بالبيت الأبيض؟
هذه الأسئلة وغيرها، هو ما طرحناه على الخبراء الذين رسموا ملامح خارطة الطريق، واستشرفوا التوجهات الخارجية للسياسة المصرية، التى تسعى إلى استعادة التوازن بما يليق بشعب ثار ينشد الكرامة فى الداخل والخارج.
وإجمالا يمكن القول بأن ثمة إجماعا على أن أوجه التقارب المصرى الروسى متعددة، فبالإضافة إلى ملف التسليح، يمكن للبلدين التنسيق فيما يخص سد النهضة الإثيوبى، والقضية الفلسطينية، والثورة التى خرجت عن مسارها فى سوريا، وصولا إلى التعاون العلمى والاقتصادى.
يقول السفير رؤوف سعد، سفير مصر فى روسيا سابقا، إن التقارب المصرى الروسى بعد 30 يونيو ينبثق عنه ملفان أساسيان فيما يخص السياسة الداخلية للدولتين، وهما: الإرهاب وسد النهضة، موضحا أن ملف الإرهاب عدو مشترك للقاهرة وموسكو معا، وبالتالى تحتاج الدولتان إلى زيادة التنسيق فيما بينهما فيما يخص تعاون الأجهزة المخابراتية وتداول المعلومات فى سبيل اعتبارات الأمن الدولى بما فى ذلك الإرهاب.
ويوضح أن روسيا لها اهتمام خاص بموضوع الإرهاب نظرا لتعاملها مع هذا الملف باستمرار وتحديدا فيما يخص التأسلم السياسى، مشيرا إلى أن الإرهاب فى السنوات الأخيرة اتخذ أبعادا مختلفة خاصة أثناء حكم جماعة الإخوان، والذى أظهر الوجه الأقبح للإرهاب الدولى عبر فتح الباب أمام الإرهابيين للقدوم إلى سيناء، فضلا على تبعية نظام الجماعة للتنظيم الدولى للإخوان الذى يتخذ الإرهاب أداة رئيسية فى تحقيق مصالحه فى مصر والمنطقة بأكملها.
ويشير السفير سعد إلى أن هناك مصلحة كبيرة مشتركة بين مصر وروسيا فى مجال مكافحة الإرهاب لاحتواء هذه الظاهرة التى انتشرت فى منطقة الشرق الأوسط كسوريا، اليمن، ليبيا، إلى جانب مصر، فضلا على الهجمات الإرهابية التى تتعرض لها روسيا من حين لآخر، وبالتالى فكلا الدولتين تحتاجان إلى مزيد من التنسيق الاستخباراتى فيما بينهما للقضاء على الإرهاب.
من جانبه، يؤكد السفير عزت سعد، سفير مصرى الأسبق بروسيا أن ملف الإرهاب له أهمية خاصة فى العلاقات بين مصر وروسيا، ومن هذا المنطلق يجرى التعاون فيه ضمن ملف أوسع خاص بقضايا الأمن منذ عام 2006 فى إطار مجموعة عمل مشتركة تنعقد سنويا، وأحيانا كل 6 أشهر إذا ما اقتضت الضرورة ذلك بالتناوب بين عاصمتى الدولتين.
ويضيف أنه مما لا شك فيه أن المستجدات على هذا الصعيد فى ضوء العمليات الإرهابية فى سيناء وتصدى الجيش والشرطة لها والعلميات الإرهابية التى كان مسرحها بعض جمهوريات شمال القوقاز الروسية والشيشان ومدينة فولجوجراد الروسية ستفرض على البلدين المزيد من التعاون والتنسيق فى هذا الشأن، ليس فقط فى مجال تبادل المعلومات والخبرات، ولكن أيضا فى مجال تغطية بعض احتياجات مصر من المعدات اللازمة لمواجهة الموجات الإرهابية فى سيناء بصفة خاصة.
وشدد وزراء خارجية ودفاع روسيا ومصر أثناء زيارة المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، لموسكو على إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وبغض النظر عن دوافعه، وأكدوا أنه لا يجوز ربط الإرهاب بأى دين أو ثقافة أو عرق، وشددوا على ضرورة مكافحة الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية.
وفيما يتعلق بملف سد النهضة، الذى يشكل واحدا من أبرز الملفات المهمة للقاهرة فى الوقت الراهن، يقول هانى رسلان، رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجى، إن مناقشة المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، لقضية سد النهضة فى إثيوبيا مع الرئيس الروسى هو جزء من تحرك مصر فى هذا المجال وعرض القضية على المحافل الدولية لإظهار حجم الأضرار التى ستتكبدها مصر من هذا المشروع، ومن ثم الحصول على التأييد اللازم لإجبار إثيوبيا للجلوس على طاولة الحوار والتفاوض بإرداة سياسية للتوصل إلى حل وسط أو محاولة إيقاف المشروع عبر الحوار والتواصل مع كل الأطراف ذات الصلة بالمشروع.
ويلفت رسلان إلى أن روسيا تسعى الآن للتوافق مع الصين لإعادة صياغة النظام الدولى من الحركة القطبية الأحادية إلى التعددية باعتبار أن موسكو وبكين عضوان فى مجلس الأمن، وبالتالى سيكون موقف روسيا مؤيدا لمصر فى هذا المجال.
ويقول اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجى، فيما يخص مسألة سد النهضة ونهر النيل وتصميم إثيوبيا على بناء السد إن روسيا قد يكون لها دور فى هذا الموضوع، خصوصا أن علاقتها طيبة مع إثيوبيا، ويمكن أن توضح لها خطورة سد النهضة على مصر وعلى مورد المياه المصرية، وأنه يجب عليها المحافظة على موارد مصر المائية وتلتزم بحقوقها التاريخية وتبحث موسكو مع مصر تقرير اللجنة الدولية بشأن سد النهضة.
ويضيف اللواء مسلم أنه من المحتمل إذا لم تستجب إثيوبيا إلى نصائح ودعوات روسيا قد تمد موسكو القاهرة بعض الأسلحة للتعامل مع هذا السد ومواجهته.
كما يؤكد اللواء طلعت مسلم أن فكرة التعاون الاستراتيجى بين مصر وروسيا أهم من صفقة السلاح فى الوقت الحالى، حيث إن مصر تريد أن يصبح لها علاقات طيبة مع جميع دول العالم بعد أن كانت العلاقات المصرية أحادية الجانب مع الولايات المتحدة الأمريكية وتتركز على المعونات العسكرية.
ويضيف مسلم أن السلاح هو أحد عناصر التعاون الاستراتيجى بين أى بلدين، خصوصا بين القاهرة وموسكو، بعد أن كان مصدر السلاح المصرى أحاديا، وكان جزء من هذا السلاح معونة.
ويشير إلى أن مصر كانت تتعاون مع الولايات المتحدة التى تضع مصلحة إسرائيل فى المقام الأول، وهو أمر مضطرب ويمثل خللا استراتيجيا كبيرا، وآن الأوان لتداركه وعلاجه.
ويشدد على أنه بالتعاون مع روسيا من الممكن أن نحصل على أسلحة ليس الحصول عليها متاحا من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى المناورات العسكرية المصرية الروسية وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والتعاون الاستراتيجى بين البلدين.
أما بالنسبة للأسلحة فالتعاون لن يعود أيضا بالنفع على مصر فقط، فتعد روسيا فى المرتبة الثانية لتصدير الأسلحة فى العالم وتصدير الأسلحة الروسية إلى مصر يمكن أن يعطى فرصا لصناعة الأسلحة الروسية للازدهار والانتشار وسيكون لهذه الأسلحة مبيعات وهذا سيشكل مصلحة كبيرة بالنسبة للاقتصاد الروسى.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، ينقسم ملف السياسة الخارجية لمصر إلى عدة محاور، وتتلاقى السياسة الخارجية لموسكو والقاهرة فيما يخص دول الخليج الغنية بالنفط بجانب دور إيران المتنامى إقليميا ودوليا فى المجال النووى، فضلا على القضيتين الأهم فى المنطقة، وهما القضية الفلسطينية والسورية.
وهذه القضايا تأتى بالضرورة على رأس قائمة الملفات التى يجب طرحها فى الحوارات بين البلدين.
ويوضح اللواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجى، أن علاقات روسيا والسعودية المتوترة قد تصلحها مصر لعلاقتها القوية مع المملكة، خصوصا بعد أن سمعنا أن السعودية والإمارات سيمولان صفقات الأسلحة الروسية لمصر، وهذا قد يجعل مصر تلعب دور الوسيط مع البلدين، وليس السعودية فقط، بل جميع دول الخليج العربى.
ويشير السفير عزت سعد، سفير مصر فى روسيا سابقا، إلى أنه من المهم القول إن اهتمام روسيا بتطوير علاقتها مع مصر يرجع بجزء منه إلى إدراك موسكو لأهمية دور مصر عربيا وإفريقيا وإسلاميا ودوليا، وبالتالى فإن تطوير هذه العلاقات مع القاهرة سيوفر لموسكو دورا أكبر للانخراط فى مشكلات المنطقة بما فيها القضية الفلسطينية والأزمة السورية وإعلان شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل.
أما فى مجال الاقتصاد فيقول حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى، إن حجم التجارة بين روسيا ومصر يصل إلى 3 مليارات، مشيرا إلى أن تلك النسبة من الممكن مضاعفتها، خاصة عقب تأكيد الرئيسى فلاديمير بوتين رغبة بلاده فى زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 5 مليارات دولار.
ويضيف أن مصر لديها ما يمكنها من زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى أكثر من 6 مليارات دولار، وأن تعادل النسبة بين الصادرات والواردات من وإلى روسيا، لافتا إلى أن حجم الواردات الروسية إلى مصر أكثر بكثير من الواردات المصرية إلى روسيا.
كما يشير إلى أن مصر فى حاجة إلى زيادة حجم الاستثمارات مع الجانب الروسى والاستفادة من خبراتهم فى مجالات عدة، منها الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس، بالإضافة إلى الاستفادة منها فى مجال المفاعلات النووية وتطويرها وتوليد الطاقة منها وتصديرها، بالإضافة إلى قطاع البتروكيماويات من خلال إنشاء محطات تكرير للبترول للحصول على مشتقاته من غاز وسولار ومازوت، وفى إمكان مصر أن تستفيد من خبرة الجانب الروسى فى بناء السدود، خاصة أنهم قاموا بالإشراف على بناء السد العالى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
ويشير إلى حاجة الجانب الروسى إلى المنسوجات والسجاد وصناعة الأحذية والتى من الممكن أن يعتمد عليها الجانب المصرى من خلال توسيع الاستثمارات فى تلك القطاعات فى السوق الروسى، بالإضافة إلى الاستفادة من خبراتهم فى تطوير الماكينات الخاصة بصناعة المنسوجات.
مصر وروسيا.. توازن فى العلاقات الدولية.. أم ثورة على سياسات واشنطن.. طموحات برفع التبادل التجارى إلى 6 مليارات سنويا.. ودفع الاستثمارات المشتركة.. والتنسيق مع روسيا فى سد النهضة يدفع إثيوبيا للتفاوض
الخميس، 20 فبراير 2014 09:18 ص
جانب من لقاء السيسى وبوتين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن الوادي
كل يغني على ليلاه
عدد الردود 0
بواسطة:
مخلص
iههههههههههههههههههههه
دعني اضحك هاء هاء هاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
التعاون مع امريكا يعنى التعاون مع اكبر داعم لأسرئيل يعنى عمره ما هيكون فى كدا مصلحتنا
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
magdy
استراتيجي
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية بتحب مصر
السيسي رئيس مصر القادم إن شاء الله
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن يحب وطنه مش خاءن زى جماعة الإخوان الإرهابية
يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر
الى تعليق 1 و5
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى عبدالله
الصراحه ..جحا ركب وإبنه أو مشيا أو ركب منفردا أو إبنه أو حتى شال الحمار ماهو عاجب...!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
مصــراووووي
الشرق الاوسط الجديد يعتمد علي عودة روسيا للشرق الاوسط لخلق التوازن الدولي