مبادرات تجميل وكنس الشوارع تتحول إلى "شحاتة مقنعة".. طلاء الأرصفة آخر محاولات التسول باسم الثورة.. الظاهرة بدأت بشكل إيجابى وانتهت بمحاولات التسول.. والكبارى أشهر أماكن ظهورها بعيداً عن عيون "الحكومة"

الخميس، 20 فبراير 2014 02:37 ص
مبادرات تجميل وكنس الشوارع تتحول إلى "شحاتة مقنعة".. طلاء الأرصفة آخر محاولات التسول باسم الثورة.. الظاهرة بدأت بشكل إيجابى وانتهت بمحاولات التسول.. والكبارى أشهر أماكن ظهورها بعيداً عن عيون "الحكومة" حملات الشحاتة المقنعة
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثلاثة شباب انهمكوا فى طلاء قطعة مربعة من رصيف تكرر طلاؤه عشرات المرات، مجموعة من الفرش المهترئة وعلب الطلاء شبه الفارغة، يواجهك أحدهم رافعاً عملة معدنية، يحاول إقحام رأسه من زجاج السيارة مطالباً بالتبرع من أجل تنظيف الشارع وطلاء الرصيف، ترتسم على وجهه علامات التعجب عند سؤاله عن سبب طلاء البقعة ذاتها من ذات الرصيف يوماً تلو الآخر، "عايزين ننضف البلد، اتبرع معانا، عملنا ثورة عشان بلدنا تنضف" وغيرها من الإجابات غير المقنعة التى تضعك أمام آخر محاولات "الشحاتة باسم الثورة" من خلال محاولات طلاء الأرصفة أو كنس جزء من الشارع وجمع التبرعات لشراء علب طلاء جديدة لطلاء البقعة ذاتها يومياً.

تعود القصة لثلاث سنوات مضت، عندما أشعلت الثورة طاقة من الحماس داخل مجموعات مختلفة من الشباب فى أعقاب الثورة التى حاول البعض ترجمتها فى تنظيف الشوارع بأيديهم، مرت الشهور وتكررت محاولات التنظيف ومبادرات تجميل الشوارع والرغبة فى التغيير بدون طلب تبرعات أو مقابل مادى، حتى بدأت فى الاختفاء تدريجياً تاركة المجال مفتوحاً لمحاولات استغلال المشهد ذاته فى جمع أموال لأسباب غير مفهومة، وتحولت محاولات التغيير ومبادرات النظافة إلى ما يشبه التسول باسم الثورة على الإهمال.

على كوبرى أكتوبر، تحديداً أعلى ميدان التحرير، كوبرى 15 مايو بالقرب من منطقة العجوزة، كوبرى الساحل، هى أشهر المناطق التى تحولت إلى أماكن ثابتة لممارسة ظاهرة الشحاتة باستخدام علب الطلاء، أعلى الكوبرى وقف "أحمد حسين" وسط ثلاثة من أصدقاؤه، نطق اسمه بصعوبة ورفض التصوير قبل أن يتحدث ببعض الجمل المبتورة عن وقوفه فى نفس البقعة بشكل شبه يومى، "بنحاول نجمل البلد وندهن الرصيف، ومحتاجين تبرعات عشان نشترى البوية"، هكذا برر المشهد دون أن يجيب على تساؤل طلاء البقعة ذاتها يومياً، ويقول "دى منطقتنا عشان كده بننزل فيها على طول، وما بنجبرش حد يتبرع"، بعض المحاولات الأخرى لجذب أطراف أخرى من الحديث أسفرت عن بعض المعلومات عنه وعن أصدقائه قائلاً: أنا ما بشتغلش، ومافيش حد مننا بيشتغل، هنعد فى بيوتنا نعمل ايه، بنحاول نعمل أى حاجة مفيدة.

أما عن سر اختيار الكبارى دائماً فيقول "أحمد"، فى أى شارع عادى هتدايقنا الحكومة، ساعات ظباط المرور بيجروا ورانا، ويرمولنا البويه على الأرض، عشان كده بنطلع الكوبرى "مكتفياً بمحاولات مستمرة لإنهاء الحديث وعدم الخوض فى تفاصيل معقدة يصعب فهمها، أنهى "أحمد" حديثه متظاهراً بالتشاغل بطلاء باقى المربع المطلى سلفاً.

وجهان لظاهرة واحدة، هكذا فسرت "سامية خضر" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الظاهرة التى رفضت تعميمها كظاهرة للتسول قائلة: فكرة المبادرة عند الشباب لمحاولات تنظيف الشوارع خرجت بعد الثورة، ونجح بعضها فى تحقيق إنجازات حقيقة على المستوى الفردى من بعض الشباب اللذين خرجوا لتجميل الشوارع بدون مقابل، وهى الظاهرة التى بدأت فى الاختفاء تدريجياً سوى من محاولات قليلة مازالت موجودة فى بعض المناطق، وهو الجانب الإيجابى من الظاهرة الذى نحاول تشجيعه".

أما عن الجانب الآخر فتقول "خضر": الوجه الآخر من الظاهرة، هى صورة مشابهة ولكن لا يمكن وضعها فى الإطار ذاته، فهى الوجه السلبى من ظاهرة إيجابية خرجت فى البداية للانجاز الحقيقى، ويمكن تسميتها باستغلال الوجه الآخر من الظاهرة الإيجابية بالفعل، أو استغلال الحالة الثورية التى مر بها الشارع طوال الثلاث سنوات الماضية، وبدأت فى الاختفاء بشكل تدريجى، ولم يبق منها سوى بقايا بسيطة، ومحاولات أخرى لاستغلالها باسم التغيير أو الثورة أو التنظيف والتجميل وغيرها من المصطلحات الاجتماعية التى أصبحت معتادة ومستساغة وصالحة للاستغلال.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة