"العائلة هى السر".. تكشف تلك العبارة المقتضبة جانباً مهماً من مصادر قوة بعض الكيانات الاقتصادية فى مصر، رغم التقلبات السياسية المتسارعة خلال ثلاث سنوات صعاب، كان الإفلاس والركود هما العنوان الكبير لمحركات الاقتصاد المصرى، فبعد سفره قبل ثورة 25 يناير بأيام، بقيت مجموعة رجل أعمال وآخر وزير صناعة قبل الثورة رشيد محمد رشيد تعمل فى مصر، على الرغم من الصدمات، ربما كان أقساها قرار النائب العام بتجميد حساباته المصرفية فى 4 فبراير 2011، مما يطرح التساؤل حول القيادة التى تتولى إدارة هذه المجموعة فى مصر فى غياب رشيد محمد رشيد.
الإجابة عن هذا التساؤل ربما تعود لما قبل قيام الثورة، حيث كانت تعمل مجموعة يونيليفر فى غيابه تحت إدارة حسنة رشيد، الأخت الأقرب له، والذى يكبرها بعام واحد، فكانت بمثابة ساعده الأيمن فى إدارة شؤون مجموعة رشيد منذ البداية، وتسلمت قيادة الشركة بعد توليه منصب وزارة التجارة الخارجية، واستقالته من منصبه فى شركة «يونيليفر» ومن إدارة مجموعة رشيد العائلية.
ويعود تاريخ مجموعة محمد رشيد الأب لما قبل عام 1991، وبدأت أعمال المجموعة تتسع بعد وفاته، وتولى رشيد منصب رئيس مجلس الإدارة، وفى عام 1991 أنشأ شركة مشتركة بين يونيليفر العالمية وفاين فودز، وأصبحت عائلة رشيد تمتلك أكبر مصنع للشاى فى مصر.
وبعد عام 1999، انتبه العقل المدبر بالعائلة إلى أهمية دمج شركتى فاين فودز ويونيليفر فى شركة واحدة، وهو ما أصبحت به أول مجموعة مصرية تشترى حصة مجموعة دولية كبرى، أما الشركة الوحيدة التى تمتلكها مجموعة رشيد بنسبة 100% فهى شركة "دريم" المساهمة التى تنتج كل أنواع المساحيق المخلوطة للتحضير للحلويات.
وحسبما تذكر المعلومات المتاحة حول موقف الحكومات المصرية المتعاقبة من وزير التجارة الأسبق، خاصة مع تنامى الأصوات المطالبة بقطيعة نهائية مع المحسوبين على نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فإن الصلة بين رشيد وأى أطراف وسيطة فى مصر قد انقطعت فترة ما بعد 25 يناير ، إلى أن عادت بعض الاتصالات معه بنهاية فترة إدارة المجلس العسكرى لشؤون البلاد، فى إطار الأفكار المطروحة لإقالة اقتصاد المصرى من عثرته بعد الثورة، فجهرت أصوات فى الحكومة بضرورة الاستعانة بأصحاب الخبرات الكبيرة فى مجال التجارة والتنمية على غرار رشيد.
وتشير المعلومات إلى أن ما دعم تلك الأصوات فى حينها الأنباء الواردة عن تولى رشيد مهام المستشار الاقتصادى لدول خليجية صاعدة فى مجال التنمية، كما تلقى هذا الرأى دعماً جديداً بحلول عام 214، حيث ألغت محكمة الجنايات حظراً مفروضاً على أموال زوجته فى 5 مايو ، كما حصل هو على حكم آخر برفع اسمه من قوائم ترقب الوصول يوم 12 من نفس الشهر، إلا أن سفينة الترحيب به لم ترسو بفعل أمواج متتالية من الهجوم، كان أبرزها ما ذكرته ممثلة الجهاز المركزى للمحاسبات أمام مجلس الشورى بأن شركتين مملوكتين له تستحوذان على 64% من إجمالى دعم صادرات مستحضرات التجميل، بقيمة 146 مليون جنيه.
ويراهن رشيد، وكثيرون مثله ممن خرجوا من مصر لظروف معينة، أو حتى الذين ساءت أحوالهم أكثر، وكان مآلهم للسجون بأحكام قضائية، وأيضا الذين لم تثر حولهم أى خلافات قانونية أو سياسية، على قوة وتماسك النظام العائلى الذى يدير الاستثمارات الهائلة التى تعد رافداً مهماً من روافد الاقتصاد المصرى، فعائلات "منصور وخميس وطلعت مصطفى ورشيد وساويرس والسويدى وغبور" تمتلك تسلسلاً داخلياً فى شركاتها يضمن مساراً واضحاً لتدفق القرارات، وعدم تعرض المجموعة لتأثير جذرى من مصير الأفراد، ليضمن فى النهاية الاحتفاظ باستثمارات وأصول تتخطى مئات المليارات من الجنيهات.
"قوة العائلة" تحفظ لـ"رشيد محمد رشيد" استثماراته فى مصر.. شقيقة وزير الصناعة الأسبق تدير أعماله بعد الثورة.. وتسلسل القرار داخل "الشركات العائلية" ينقذ المجموعة من المصير السياسى لأفرادها
الخميس، 20 فبراير 2014 11:20 ص