طلال عبد المنعم واصل

الرئيس القادم وتحديات النجاح

الخميس، 20 فبراير 2014 06:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، التى ستؤدى فى النهاية إلى تحقيق مطلب المصريين بوجود رئيس منتخب ديمقراطيا، أتوقف أمام عدة قضايا رئيسية فى هذا السياق، أولها أن العالم كله سينظر إلى هذه الانتخابات بأهمية خاصة، وسيتوقف أمام إدارتها وما يحدث فيها، وبالتالى فإن المسؤولية كبيرة على كل الأجهزة المعنية بإدارتها حتى نستطيع إخراس كل الألسنة التى قد تشكك فيها، ومن هذا المنطلق أدعو المصريين جميعا لأن يكونوا على قلب رجل واحد فى تأكيد ديمقراطية هذه الانتخابات، أيا كان طبيعة المرشحين، فالفائز فيها سيكون هو الشعب المصرى أولا وأخيرا.
وإذا كان بمقدورى أن أقول ذلك من خلال متابعتى لما يجرى فى الدوائر العالمية، فإن هناك تحديات كبيرة أمام الرئيس القادم، تتمثل فى اقتحام الملفات الصعبة المطروحة حاليا، والتى طال الحديث حولها دون تقديم علاج جذرى لها، هناك قضايا الفقر والتعليم والبحث العلمى والنهوض الاقتصادى وغيرها، وجميعها تمثل ملفات شائكة على الرئيس القادم أن يبدأ خطوات مؤثرة فى التصدى لها، وفى هذا الصدد أطرح الملامح الرئيسية لهذا الرئيس وأحددها فى: أن يتمتع بشخصية قوية ونزيهة وقدرة على التقييم والاختيار الجيد لمعاونيه ومستشاريه ورئيس وأعضاء الحكومة ومنحهم الفرصة للابتكار والتخطيط بكفاءة، وفى ذلك نحن نحتاج حلولا خارج الصندوق، ومنها مثلا البحث عن ميزات تنافسية اقتصادية وسياسية وجغرافية نستطيع من خلالها الوصول إلى العالم، ويحضرنى فى ذلك أهمية قراءة تجارب دول بدأت وتطورت بإرادتها القوية، وكانت تعانى من تخلف وتدهور، وحالها لم يكن أحسن حالا من مصر، ومن هذه الدول، ماليزيا وسنغافورة والصين والبرازيل وكوريا الجنوبية وتركيا.
وقراءة تجارب هذه الدول يعنى أنه لابد أن يكون على سدة الحكم رئيس يتمتع بوعى سياسى واقتصادى واجتماعى يؤهله لتفهم مقترحات وآراء الوزراء المختصين، ومناقشتها مع القوى السياسية والخبراء المتخصصين فى المجالات المختلفة، وأن يكون على استعداد للتخلى عن رأيه الشخصى ورأى القريبين منه لو تأكد أن معارضيه يطرحون رأيا أفضل، ويحضرنى فى ذلك نموذج محمد مرسى الذى كان يتمسك برأيه ورأى جماعته إلى حد العناد، وكان نصيبه فى النهاية ثورة المصريين عليه فى 30 يونيو.
ضمن شروط نجاح الرئيس المقبل، أن يؤمن بالمفهوم الشامل للأمن القومى لمصر كدولة كبرى ومحورية فى منطقة الشرق الأوسط مما يتطلب وجود أجهزة المراقبة والمتابعة والقدرة على حماية الأمن الداخلى للبلاد، وحتمية الحفاظ على القوات المسلحة واستمرار تطويرها لتصل إلى أعلى المستويات فى حماية مصالح مصر القومية، وفى هذا السياق يحضرنى نموذج محمد مرسى حين اجتمع مع مستشاريه ومؤيديه لمناقشة قضية سد النهضة، ورأينا وسمعنا على الهواء مباشرة ما لا يقال إلا فى الغرف المغلقة، كان هذا نموذجا على أن من يحكم مصر هواة لا يعرفون شيئا عن ضرورات الأمن القومى وكيفية الحفاظ عليه.
يخطر لى أحيانا أن من يتحدثون عن الرئيس المقبل وكأنهم يفصّلون «كتالوج» خاصا يصممه كل مواطن مصرى على مزاجه الخاص وشروطه التى يضعها هو، وهذا منطق خاطئ تماما، فالرئيس يعبر عن حالة وطنية جامعة نراها فى أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والسير نحوها يتطلب رئيسا مؤمنا بها تماما، وحتى يحقق نجاحه ليس من الضرورى أن يغرق الناس فى أحلام وردية، ولكى ينجح فى رسالته، لابد أن يكون لديه قدرة على التواصل مع أفراد الشعب، بمختلف طبقاته الاجتماعية والتعليمية والثقافية، وعلى شرح ما يحدث فى البلاد من إنجازات أو أزمات ببساطة وشفافية تامة، كى يتعرف الشعب على ما يحدث، ويشارك الجميع فى مسؤولية بناء الوطن وبث روح الانتماء الجماعى بحيث يشارك الجميع فى خطته نحو التقدم.
طريق البناء والمصارحة يحتم على الرئيس المقبل أن يكون مؤمنا بالشباب المؤهل للقيادة، فالشباب هو مستقبل البلاد، كما أنه سيقودها مستقبلا، هناك من الشباب من يمتلك الخبرة والمعرفة باتخاذ القرارات، أما الشباب المتحمس بلا خبرة فعلينا خلق آليات تؤهله لما نعدهم له فى المستقبل.
الرئيس القادم لابد أن يؤمن بالديمقراطية الحقيقية التى تعتمد على وعى الشعب بحقوقه، وواجباته، وحقه فى المشاركة وصياغة القرارات الوطنية ومراقبة عمل أجهزة الدولة ابتداء من رئيس الدولة.
هذه الصفات فى الرئيس قد يكون من الصعب الحصول عليها الآن نظرا للتجريف الكبير الذى حدث خلال فترة حكم مبارك، وأدى إلى شعور عام بأن مصر انعدمت فيها الكفاءات والقدرات والمواهب، ونحتاج جهودا جبارة لتصحيح هذا الوضع الكارثى، أقول إنه على الرغم من أننا فى أسوأ الظروف لا نجد هذه الشروط فى شخص الرئيس إلا أنه يكفينا أن نجده مؤمنا بها، فإيمانه سيقوده إلى وضع آليات التنفيذ للمحاور التى أتحدث عنها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة