ربما فضحت الثورة المصرية ادعاءات التدين ومظاهره التى غزت الشعب المصرى، فى الآونة الأخيرة، حيث أطلقت اللحى وأسدل النقاب وسطع نجم القنوات الدينية ليل نهار.
كما نشأت الأحزاب ذات المرجعية الدينية، ويبدو أن الانفلات الأخلاقى، الذى ظهر بعد انهيار الشرطة فضح مظاهر التدين تلك وظهر القوم بلا رادع من دينٍ أو خلق، يأكل بعضهم بعضاً، وتعددت الجرائم وتنوعت بصورة فجة تدعو إلى الاشمئزاز، كما أنها تحدث فى أكبر البلاد الإسلامية.
دعك من الجرائم، حتى الأخلاق التى دعا لها الإسلام من كظم الغيظ والإحسان والتقوى ومساعدة الضعفاء والمرضى واليتامى والمساكين، كل ذلك أصبح فى خبر كان، واقعا مؤلما، يقوم على السباب والصراخ متجاوزاً الخطوط الحمراء فى كل شىء وبدا كأن القبضة الأمنية القوية للعادلى وجهاز الشرطة هى التى حفظت للمجتمع بعضاً من الصمود، الذى سرعان ما انهار بانهيار الشرطة، شاع الظلم أنتشر الفجور بين افراد الأسرة الواحدة من أكل أموال الناس بالباطل، عدم توريث النساء، عدم الإنفاق على الزوجة والأولاد، وعقوق الوالدين، والاستهزاء بكبار السن، وضياع الأمانة وندرة الوفاء، أن الفواحش التى حرمها ربٌ العزة قد شاعت بصورة تنذر بأوخم العواقب، وأصبحت العبادات مظاهر لا أثر لها فى حياة الناس.
إن أكثر المعتمرين هُم من المصريين، وأن المساجد لتفوق عدداً عن مرتديها، وأكثر شعوب الأرض حفظا لكتاب الله تعالى لهم المصريون، ورغم حتى الآيات الأخيرة من سورة الفرقان الواصفة لعباد الرحمن لا يعمل بها. فأى تدين هذا الذى لا ينهى صاحبه عن الفحشاء والمنكر. أى تدين هذا الذى لا يجاوز الجوارح وأبداً وأبداً لا يصل إلى القلب.
إن الأمر وكأن دين آخر قد استنسخ خلاف ديننا، وكأن شعباً آخر من الرعاع والبلطجية قد احتل أرضنا. وتوارى الشعب الطيب الأصيل الذى عرف بالفطرة السليمة وكل ما هو جميل. فأى جهاز شرطة هذا الذى سيحمينا من أنفسنا ومن بعضنا بعض؟
إن الأمر جد خطير ولقد ضعف دور الأزهر أو كاد يكون نسياً.
وانشغل الدعاة بالحكم والسياسة وطلع شيوخ الفضائيات وشيوخ الدولارات المتشكك فى علمهم وتقواهم، واضمحل التعليم واختفت القدوة الحسنة وطغت المادة على كل الأخلاق والقيم.
لقد ولى زمان الأمن والأمان، زمان الأبواب المفتوحة، والضمائر الحية وأصبحت الأبواب والمتاريس والأسلاك الشائكة هى سمةٌ حياتنا.
لقد ولى زمان حمايتنا بالأخلاق وليس بالأمن.
فليرحمنا الله.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة