قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن الرئيس المصرى الجديد المنتخب لا يملك ترف الوقت لبدء التعاطى مع التحديات الاقتصادية الصعبة التى تفرض ذاتها على أجندته وبقوة، فبعد مرور ثلاث سنوات على بدء الثورة، ما زال الاقتصاد المصرى يمر فى فترة تباطؤ شديد، وإذا استمرت المؤشرات الاقتصادية تتبع النمط ذاته، سيؤدى ذلك إلى أزمة طاحنة ستكون لها تداعيات سياسية واجتماعية.
وأضاف عادل، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن أبرز التحديات التى تواجه الرئيس الجديد تتمثل فى كيفية استعادة زخم النمو وثقة الأسواق وعودة المستثمرين لممارسة أعمالهم كالمعتاد، ولعل التحسن الذى انعكس على مؤشرات البورصة المصرية بعد الدستور، يعتبر إشارة واضحة إلى حاجة المستثمرين إلى استعادة مناخ الثقة والاستقرار من ضمن إطار سياسى يسمح بالتنبؤ بطبيعة المرحلة المقبلة.
وأوضح أن بداية يحتاج الرئيس الجديد إرسال الإشارات الصحيحة لبدء استعادة الثقة فى الأداء الاقتصادى، وهذا يتضمن تحديداً القطاع الخاص الذى يبدو حتى الآن مغيباً عن المشهد السياسى بسبب تركة الماضى والانطباعات التى سادت عن هذه القطاع. ويجب أن تتضمن الإشارات المرسلة موقف الدولة من كثير من الملفات الاقتصادية والأدوار المتوقعة من اللاعبين الاقتصاديين.
وطالب محسن عادل الحكومة بالتوقف عن الاقتراض من السوق المحلية، وبالتالى الاستحواذ على السيولة وحرمان كثير من القطاعات الأخرى منها، فاستمرار الحكومة فى الاقتراض يرفع من تكاليفه، ويسهم فى زيادة العجز، ويؤجل كثيراً من القرارات الصعبة التى يمكن البدء فيها، مثل إعادة النظر فى سياسات الدعم التى تستهلك جانباً كبيراً من النفقات العامة، إلى جانب السياسة الضريبية. ويحتاج ملفا الدعم والضرائب إلى شرعية سياسية ووحده الرئيس الجديد المنتخب القادر على إدارة الحوار المتعلق بهما.
وأكد عادل أنه من الأولويات التى يمكن أن تساهم فى استعادة جانب من زخم النمو، الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التى توظف العدد الأكبر من العاملين فى مصر، فهذه المشاريع تعانى صعوبات كبيرة فى التمويل والوصول إلى الأسواق، ويمكن لتخصيص جانب من التسهيلات الائتمانية لهذا النوع من المشاريع أن يسهم فى تخفيف الضغط على الحكومة، ويلجم الحاجة إلى مزيد من النفقات العامة.
وأردف خبير أسواق المال أنه فى المدى الأبعد لابد من إعادة الاعتبار إلى قطاع الزراعة الذى يعانى تراجع فى مستويات الإنتاجية لكنه قادر على استيعاب أعداد كبيرة من الأيدى العاملة، كذلك الأمر فى ما يخص قطاع الصناعات التحويلية الذى يعتبر المولّد الأكبر لفرص العمل، وفى ظل الأوضاع المستجدة فى مصر لا يوجد ما يمنع من اتباع سياسة تصنيعية وزراعية جديدة تسهم فى استعادة التوازن فى الاقتصاد بسبب الإهمال والسياسات الخاطئة التى اتبعت فى العقود الماضية، ومهما يكن من أمر فالملف الاقتصادى بدءاً من أزمة المواصلات والمرور وانتهاء بتراجع رصيد العملات الأجنبية سيكون هو الأكثر حضوراً أمام الرئيس الجديد الذى يحتاج إلى التحرك سريعاً.
وأضاف نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن مصر تمتلك بدائل استثمارية عريضة، على رأسها القوة الاقتصادية للمصريين فى الخارج والذين يمكن ربط دعمهم للاقتصاد المصرى باستثمارات محددة إلى جانب إمكانية طرح صكوك تمويل بعملات أجنبية لتمويل مشروعات تنموية، مثل تشجيع زراعة القمح محليا بما يعنى زيادة فرص عمل وتنشيط اقتصادى بالاضافه إلى زيادة فى النقد الأجنبى آخذين فى الاعتبار أن تحويلات المصريين فى الخارج العام الماضى بلغت رقما قياسيا.
وأشار عادل إلى أنه البدائل الاقتصادية حاليا تحصيل الضرائب المتأخرة، وترشيد الإنفاق الحكومى، مع وضع خطة تحفيزية لاستغلال ودائع القطاع المصرفى فى بدائل تنموية آمنة وإعادة النظر فى الأصول الحكومية غير المستغلة وتشغيل المصانع المعطلة، وتحويل قناة السويس إلى منطقة اقتصادية للخدمات اللوجستية عالميا، بالإضافة إلى إعادة النظر فى الحوافز الاقتصادية والضريبية وربطها فى الأساس بمؤشرات العائد الاستثمارى والقيمة المضافة.
وأوضح محسن عادل أن مصر تحتاج الآن إلى أفكار ابتكارية لمعالجة هذه الأزمة الاقتصادية وقد يكون من بين هذه الأفكار بيع الأرضى استثمار للمصريين فى الخارج وتوحيد سياسة المعاملة التعريفية بين السائح المصرى والسائح الأجنبى داخل مصر، لهذا فالحكومة المصرية ومجلس الشعب مطالبان بشن حمله بعنوان اشترى المصرى للحد من الواردات الأجنبية الاستهلاكية وسد العجز فى ميزان المدفوعات المصرى والميزان التجارى، وتوفير فرص عمل وزيادة الناتج المحلى الإجمالى، وتوفير المدفوعات من النقد الأجنبى مع التأكيد على أنه لا يمكن القبول بأى شكل من الأشكال بأن تمس سيادة الدولة المصرية أو كرامتها لأى سبب ما من الأسباب فى مرحلة إعادة البناء التى تجتازها مصر حاليا فشعار "نبنى مصر بايدينا" هو ركيزة النمو القادمة.
كما يجب هنا التركيز على أن هناك قصورا فى إدراك أهمية التعرف إلى مواطن الفساد فى الإدارة والاقتصاد، ودورها فى توليد وزيادة مشاعر الإحباط لدى المواطنين، ولا سيما لدى الشباب منهم، وهذه كلها أمور تزيد من الأسباب الداعية إلى الفشل فى تحقيق التوقعات، وبالتالى إلى زيادة حدة اليأس والشعور بانسداد الأفق.
خبير يطالب بإعادة هيكلة الدين الداخلى لانعاش وتنشيط الاقتصاد
الأربعاء، 19 فبراير 2014 12:40 م
محسن عادل - نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة