حسن زايد يكتب: خطايـا الـعم سام

الأربعاء، 19 فبراير 2014 06:11 م
حسن زايد يكتب: خطايـا الـعم سام صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العم سام رمز ولقب شعبى يطلق على الولايات المتحدة الأمريكية، ويعود اسم العم سام إلى القرن التاسع عشر، إلى حرب سنة 1812 تحديداً.

الاسم مأخوذ من اسم جزار محلى أمريكى يدعى صموئيل ويلسون Samuel Wilson. كان هذا الجزار يزود القوات الأمريكية المتواجدة بقاعدة عسكرية بمدينة تروى الواقعة بولاية نيويورك، بلحم البقر، وكان يطبع براميل هذا اللحم بحرفى U.S. (أى الولايات المتحدة) إشارة إلى أنها ملك الدولة. فأطلقوا لقب العم سام على التاجر. فحرف U يرمز إلى: Uncle أى: العم، وS يرمز إلى Samuel، أى: سام. (ويكيبيديا ـ الموسوعة الحرة ). والعم سام منذ ظهوره على مسرح السياسة الدولية وهو يرتكب من الخطايا ما لا يتناسب مع كونه قوة عظمى، وأولى هذه الخطايا هو تصرفه فى العلاقات الدولية بأخلاق الكاوبوى أو راعى البقر الذى قامت حضارته على إبادة الآخر، والحلول محله. ولا مانع لديه من التعامل مع الشيطان من أجل تحقيق مصلحته وتأمينها، بل وصناعة الشيطان إن لم يكن موجوداً. وفى إطار التنافس المحموم بين واشنطن وموسكو فى الإستحواذ على مناطق النفوذ فى العالم، وفى إطار الصراع على منطقة الشرق الأوسط التى تفجرت فيها الثروات البترولية الهائلة اللازمة لبناء الحضارة الحديثة والضامنة لاستمرار تدفق الدماء لشريان حياة الحضارة الغربية. فإلى جانب الإنحياز المرضى المزمن الذى لا شفاء منه إلى ذلك الكيان الصهيونى العنصرى الذى زرعته انجلترا لخدمة أغراضها الإستعمارية باعتبارها شوكة فى ظهر المنطقة فلا ينتصب لها عود، سعت أمريكا سعياً حثيثاً لتغذية المشاعر الدينية المتطرفة لدى الجماعات الإسلامية بقصد حصار المد الشيوعى للمنطقة وعدم نفاذه إليها. الأمر الذى أفضى إلى إنهيار نظام الشاه الموالى لها فى إيران وحلول نظام الملالى محله بالثورة الشعبية التى قادها آيه الله الخومينى عام 1979م. وكذا أدت تغذية ذات الإتجاه المتطرف فى مصر إلى إغتيال الرجل الموالى لها فى مصر، الرئيس الراحل أنور السادات، بقصد الوصول إلى السيطرة على مقاليد السلطة فى مصر. وقد قامت بالتعاون مع أجهزة مخابرات عربية بصناعة المجاهدين الأفغان، تدريباً وتسليحاً وتمويلاً، بقصد توريط الدب الروسى فى مستنقع أفغانستان، والإجهاز عليه. ثم انقلب السحر على الساحر، فمن أخرجت مارد التطرف من قمقمه لم تستطع إعادته إليه كرة أخرى، وعجزت عن ترويضه. وقد أصيبت بذات الداء الذى خلقت فيروسه فى معاملها فى ضرب برجى التجارة العالميين. ووقعت قواتها فى ذات المستنقع فى أفغانستان بعد أن حولتها إلى دولة تنتمى إلى ما قبل العصور الوسطى. وأشعلت الحرب الأهلية فى لبنان بين المسلمين والمسيحيين. وسعت إلى الوقيعة بين إيران والعراق فى حرب ضروس استمرت لسنوات كانت تقدم فيها السلاح للجانبين، وأوعزت لصدام حسين بغزو الكويت، ثم جاءت لمعاقبته بظهير عربى ودولى، وأسفرت الحرب عن حصار العراق، وبناء قواعد أمريكية فى المنطقة، ثم بلغ جنون القوة مداه عندما خططت لغزو العراق للقضاء عليه جيشاً ونظاماً وشعباً، وتركته يغالب الموت فى حرب أهلية طاحنة.


ولقد لعب العم سام نفس اللعبة القذرة على اتساع الرقعة الإسلامية حتى عانت المنطقة من حالة من الفوضى والاضطراب الدائمين حتى الآن. وقد جاء المخطط الأكبر لنظرية الفوضى الخلاقة التى تستهدف بناء الشرق الأوسط الجديد على أنقاض الشرق الأوسط القديم. فكانت ثورات الربيع العربى ـ وهى تسمية أمريكية فيما أعلم أطلقتها المخابرات المركزية الأمريكية، التى جاءت فى أعقاب الثورات الملونة فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابقة. وقد جاءت هذه الثورات فى مواجهة أنظمة عربية حليفة تقليدياً للولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت هذه الأنظمة على يقين أن التحالف مع واشنطن هى خير ضمان لبقاء هذه الأنظمة فى سدة الحكم واستقرارها. وقد جاء تخلى أمريكا عن الرئيس المخلوع مبارك الذى كان يعد كنزاً استراتيجياً لها ولربيبتها فى المنطقة تحت ضغط المظاهرات الرافضة لحكمه لتتعرى مصداقية أمريكا أمام باقى الأنظمة العربية، ثم تآكلت هذه الثقة فور تكشف حقائق اشتراك أمريكا بشكل مباشر فى الجانب التآمرى المظلم من ثورة يناير بالتعاون مع الإخوان. وقد سبق ثورة مصر ثورة تونس، وتواكبت معها إلتحاقاً بالركب ثورتى اليمن وليبيا ثم سوريا، وأيضاً بالتعاون مع الإخوان، بما لايدع مجالاً للشك فى انعدام الصدفة. وفى هذه الثورات رفعت واشنطن رايات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كمبررات لنكوصها عن مساندة حلفائها، بما يطعن فى مصداقيتها، أمام حلفائها العرب الذين لا ترقى مستويات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فى بلادهم إلى حدود الشكل.

ولو أن أمريكا صادقة فى توجهاتها لكانت قد مدت شعاع الضوء على استقامته فى كل من مصر وتونس واليمن وساندت النظم التى جاءت ما بعد الثورة فى إرساء دعائم دولة القانون، وترسيخ مبادىء الحرية والديمقراطية، والحفاظ على حقوق الإنسان. إلا أنها بدلاً من ذلك وجدنا أنها قد دفعت بجماعة الإخوان إلى صدارة المشهد فى هذه الدول، وقد أصابها الصمم فلم تسمع صرخات الشعوب، وأصابها العمى فلم تر ما يقترفه الإخوان فى حق الشعوب، وأصابها الخرس فلم تعرف ألفاظ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الطريق إلى لسانها. وفى تناقض دال على إزدواجية المعايير لدى أمريكا إغمادها سيف الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فى مواجهة أحداث مملكة البحرين التى قمعت المظاهرات التى اندلعت بها. ومن هنا كان من الصعب على الأنظمة التقليدية العربية الإطمئنان إلى تطمينات واشنطن التى ترعى جماعة الإخوان التى تمثل خطراً داهماً على هذه الدول وأنظمتها، بعد أن رأت هذه الدول ما فعله الإخوان فى تونس ومصر وليبيا واليمن، وما حدث للقذافى وبن على على أيديهم. فأمريكا بذلك أرادت الجمع بين نقيضين هما دعم الإخوان، والحفاظ على التحالفات مع دول الخليج. وقد زادت على هذا التناقض التقارب الذى حدث بينها وبين إيران الجار المقلق لدول الخليج بعد التهديدات الزاعقة بالحصار والضرب والعداء الظاهرى الذى دام لثلاثة عقود أو يزيد.

بل زد على ذلك التراجع المخزى فى مواجهة النظام السورى الذى دقت طبول الحرب الأمريكية فى مواجهته على نحو دفع الأنظمة العربية إلى التمترس خلف هذا التوجه إلى حد الذهاب إلى جلوس أحد ممثلى المعارضة السورية فى مقعد سوريا فى جامعة الدول العربية، ثم انهار الموقف الأمريكى على نحو مفاجىء وفقاً لحسابات تخصة لم تكن الأنظمة العربية تحتسب له.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة