في زمن الاحتلال البريطاني لمصر ( 1882 _ 1954 ) يحتفظ التاريخ في صفحاته ، بممارسات الاحتلال السوداء التي كانت تبدأ وتنتهي عند معني واحد هو ، أن في مصر شعب لا يستحق الحياة ، غير أن هذا الشعب العظيم كان يرد بدروس في المقاومة من أجل الحرية والاستقلال.
في واحدة من هذه الصفحات نقف أمام اللحظة التي تم فيها عزل الخديوي "عباس حلمي الثاني" ، وتنصيب " حسين كامل" سلطانا علي مصر ، كان القرار صادرا من حكومة الاحتلال البريطاني في شهر ديسمبر 1914 ،وكان ضمن قرار أشمل وهو إعلان الحماية البريطانية علي مصر ، سبقه فرض الأحكام العرفية ، وكان إعلان الحرب العالمية الأولي السبب في هذه الإجراءات الاستثنائية .
شهدت مصر أثناء هذه الحرب طوفانا من جنود الإمبراطورية البريطانية من كل لون ،وصدرت أوامر بجمع متطوعين من شباب مصر بالإكراه، كأيد عاملة تمهد الطرق ،وتحفر الخنادق ،وتجهيز المنطقة الواقعة من شرق قناة السويس حتي نهر الأردن .
كانت جموع الشباب تساق من القري مربوطة في الخيال الي المعسكرات والقطارات التي تنقلهم الي أماكن العمل ، وتشهد كوكب الشرق أم كلثوم في مذاكرتها المنشورة بصحيفة الجمهورية عام 1970، أنها رأت قوافل رجال مربوطة بالحبال تجرهم الخيول في طريقهم الي المعسكرات ،وذلك أثناء تنقلها مع والدها لإحياء الموالد في القري المجاورة لقريتها " طماي الزهايرة " ب "السنبلاوين"، محافظة الدقهلية .
وطبقا لتقديرات جاءت في كتاب " اليقظة في تاريخ القومية العربية " للكاتب والمؤرخ محمد صبيح ، بلغ عدد الذين سيقوا للتطوع تحت فحيح السياط " مليون ومائة سبعون ألفا " مصريا ، كما أضيف 12ألف من احتياطي الجيش المصري لدعم الجيش البريطاني" .
أمام هذه المظالم ، يأتي السؤال :" هل قاوم الشعب المصري ؟، والإجابة ، تأتي في أكثر من رد فعل ، منها محاولة لجموع من المجندين بالسير من معسكراتهم الي ميدان عابدين احتجاجا ، ، وخشي "السلطان" أن يكون هناك " عرابي " جديد ،فقوبل الاحتجاج بقمع عنيف .
كان للطلاب صوتا مقاوما في هذا الحراك الوطني ، ففي مثل هذا اليوم " 17 فبراير 1915 ، كان "حسين كامل" علي موعد للذهاب الي مدرسة الحقوق بعد أقل من شهرين علي تنصيبه حاكما ، لكن الطلاب قرروا الامتناع عن حضور المناسبة فغابوا عن الدراسة حتي لا يقابلوا السلطان الجديد الذي أرتضي أن يأتي الي الحكم بإرادة الاحتلال ، ويحدث في حكمه كل هذا الإذلال للمصريين .
قامت الإدارة بالتحقيق مع 54 طالبا ، وصدرت ضدهم أحكاما بالفصل والحرمان النهائي من الامتحانات ، غير أن هناك واقعة مقابلة تحمل طرافة وسياسية في آن واحد، ففي نهاية هذا العام استقبل "السلطان" طلاب البعثات ، ومنح كل طالب 50 جنيها ، فشكره في خطبة الطالب " طه حسين "الذي سيصبح فيما بعد عميدا للأدب العربي ، وفي أول صلاة جمعة تالية للحدث كانت المقابلة حديث خطيب المسجد الذي كان يصلي فيه " السلطان " ، وأشاد " الخطيب " بحسن استقبال " السلطان للطلبة ، خصوصا عندما جاءه " الأعمي " فأكرمه ، وما عبس في وجهه وما تولي ، وغضب العلماء من هذا التعريض ونسبوا لإمام المسجد أنه مرتد
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 17 فبراير 1915.. طلاب مدرسة الحقوق يرفضون استقبال السلطان حسين كامل
الإثنين، 17 فبراير 2014 08:10 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة